العدد 2584 - الجمعة 02 أكتوبر 2009م الموافق 13 شوال 1430هـ

باكستان الأخرى

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

شرح سلمان أحمد، موسيقي الروك الباكستاني ومؤسس فرقة «جنون» الموسيقية الشعبية (والطبيب والمؤلف وصانع الأفلام كذلك)، لجمهور في قاعة مكتظة بالحضور في الجمعية العمومية للأمم المتحدة أن ما دفعه للعمل كان شريط فيديو. يظهر الشريط الذي أرسله صديق من باكستان رجلين يمسكان بفتاة مراهقة بينما يقوم ثالث بضربها. جعل الشريط سلمان أحمد يطير فورا إلى باكستان من نيويورك، التي اختارها وطنا له، ليجد جوابا على سؤال طالما أرّقه: ما هي باكستان الحقيقية؟

هل هي الدولة الغارقة في تقاليد الشعر والفنون والثقافة الصوفية؟ هل هي الدولة التي تصرخ بيوت شِعرِها طلبا لحرية التعبير منذ أكثر من ألف سنة؟ أم هل هي الدولة التي تضرب الفتيات المراهقات علنا لجرائم مزعومة مخلة بآداب السلوك؟

ينزع الأميركيون الذين تدفعهم قصص رهيبة لموت دانيال بيرل المأساوي وأشرطة فيديو تظهر وحشية الطالبان، لأن يربطوا بين باكستان مع التطرف والعنف أكثر من الموسيقى والشعر والثقافة. إلا أن الإعلام يرسم صورة مشوهة لباكستان، كما يشهد من حضروا معرض جمعية آسيا الحالي: «نيران معلقة: الفن الباكستاني المعاصر»، و «حفل باكستان الموسيقي» لسلمان أحمد.

أحضر سلمان أحمد، إلى الحدث التاريخي الذي ترعاه البعثة الباكستانية إلى الأمم المتحدة وعقد في قاعة الجمعية العمومية، موسيقيين من يرلندا إلى إيران (بمن فيهم الفنان الايرلندي المثير للمشاعر غافين روسديل ومجموعة الهيب هوب الدنماركية أوتلانديش) لإثارة الوعي وجمع الأموال لثلاثة ملايين نازح من وادي سوات.

قام المغني ستينغ بإرسال أغنية خاصة مع رسالة، وتحدث ضيوف، بمن فيهم آر كي باشوري، الفائز بجائزة نوبل نيابة عن باكستان وشعبها.

اصطدمت باكستان المضيافة النابضة بالحياة والفكر التي وصفها المتحدثون مع طبول التطرف التي يقرعها الإعلام. بالمثل اختلف نوع الإسلام المعتدل المتسامح الذي قدمه في الحفل الموسيقي نايف المطوع -مبتكر الـ 99 وهي مجموعة من الأبطال الخارقين المبنيين على الثقافة الإسلامية أسماء الله الحسنى الـ 99 في الإسلام- عن عقائد الحكمة التي تسعى للحصول على أوقات بث أطول على محطات التلفزة.

ينتمي كل من سلمان أحمد ونايف المطوع إلى «شبكة معهد بروكنغز الإبداعية» وهي مجموعة مكونة من أكثر من مائتين من القادة في مجالات الفنون والثقافة من الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، الذين يختلطون مع صانعي السياسة في المنتدى الإسلامي العالمي السنوي للولايات المتحدة في الدوحة. يقدمان، وآخرون غيرهم، مدخلا إلى المجتمعات العربية والإسلامية، إذا استعد الدبلوماسيون وصانعو السياسة أن يفعلوا شيئا لا يتم بسهولة، أن يأخذوا الفنون والثقافة على محمل الجد.

تختلط الثقافة والإعلام بشكل منتظم مع السياسة في دول مثل باكستان (أو إيران) حيث لعب الشعراء أدوارا مهمة في تشكيل السرد الوطني، تلهم كلمات الرومي، في الشعر أو المستخدمة في موسيقى الروك، مواطني باكستان اليوم، إضافة إلى إعداد مواطنيها الكبيرة في الشتات.

يشكل الشعر والفن بجميع صوره ببساطة جزءا من نسيج الحياة، ويمكنهما أحيانا أن ينقلا أفكارا قد لا تكون مقبولة في المنابر السياسية. وقد أشارت أمينة في المعرض الحالي للفن الباكستاني المعاصر في جمعية آسيا، سليمة هاشمي، قائلة «عندما يتم إسكات الأحزاب السياسية يصبح هناك مكان للشعراء والفنانين».

توفر الفنون والثقافة والإعلام، من خلال الأعمال الفنية أو الشعر أو موسيقى الروك أو برامج «أوبرا الصابون»، الأسلوب والوسيلة للوصول إلى مجموعات كبيرة من السكان « تحت شاشة الرادار السياسية» بأفكار حول المجتمع والسياسة والدين.

يتساءلون عن العقائد المتطرفة من خلال سرد تتخذ فيه المرأة، على سبيل المثال أدوارا مهمة في الأسرة والمجتمع. تذكر أغانٍ موزّعة على إيقاع تقليدي للروك أو الهيب هوب الأكاديميين والمراهقين وصبيان الشاي على حد سواء بغنى الثقافة الباكستانية ودورها الأساسي المكمّل في الهوية الباكستانية.

يشكل هذا الحفل الموسيقي بالنسبة لسلمان أحمد وزوجته سامينا ومنظمتهما غير الحكومية «مبادرة سلمان وسامينا العالمية للصحة» بداية حملة أوسع لتسخير سلطة الفنون والثقافة والإعلام لتقوية المجتمع المدني داخل الباكستان. لقد أثبتت حركة المحامين استعداد الباكستانيين للدفاع عن حقوقهم. لن تحل حركة مجتمع مدني قوية جميع مشكلات الباكستانيين ولكنها قد تثبت أنها حصن منيع ضد التطرف.

تبدو الولايات المتحدة وبشكل متزايد أنها تتحرك بعيدا عن فرض قيمها في الخارج لتقوية الأصوات المحلية وتمكينها. ويوفر حفل سلمان أحمد الموسيقي وحركته الأوسع ومعرض جمعية آسيا مجالات لمتابعة هذه الاستراتيجية في باكستان.

* خبيرة في الدبلوماسية الثقافية وتدير مبادرة الفنون والثقافة في مركز سابان للسياسة في معهد بروكنغز وتدّرس الدبلوماسية والثقافة بجامعة جورجتاون، والمقال يُنشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2584 - الجمعة 02 أكتوبر 2009م الموافق 13 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً