العدد 2626 - الجمعة 13 نوفمبر 2009م الموافق 26 ذي القعدة 1430هـ

الطاقة أو البيئة... أي منهما ستختار؟

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

لو افترضنا أن إحدى الدول تملك حقلا نفطيا تم اكتشافه حديثا ويحتوي على مئات الملايين من براميل الطاقة الاحفورية وبالتالي تستطيع هذه الدولة استغلاله ومن ثم تتحصل خزانتها على المليارات من الدولارات خلال عدة عقود من الزمن وتساهم بالتالي في نهضتها ورقي مواطنيها. هذه الصورة واقعية للعديد من الدول النفطية ولكن لو افترضنا أيضا أن الآبار النفطية تقع في منطقة معروفة بتنوعها البيولوجي وأن الدولة المعنية يجب أن تختار بين الحفاظ على البيئة أو تحصيل ثروات «البترودولار» فماذا ستختار حكومتها؟

هذا السيناريو لم يحدث في الخيال بل هو حقيقة؛ فالدولة المعنية هي جمهورية الإكوادور الواقعة في قارة إميركا الجنوبية ويعتمد اقتصادها بنسبة كبيرة على النفط وهي عضو في منظمة الأوبك وتضخ نحو نصف مليون برميل في الأسواق العالمية. من جهة أخرى، الإكوادور تعتبر من الدول المعروفة بتنوعها البيولوجي والأحيائي وتضم على سبيل المثال جزر غالاباغوس المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي بسبب كونها منشأ نظرية دارون للتطور. لكن سكان الأمازون في القسم الإكوادوري يعانون صحيا بسبب تلوث البيئة الناتج من عمليات استكشاف النفط في هذه الغابات.

الحكومة الإكوادورية أطلقت «مبادرة ياسوني» وهي مبادرة ذات أبعاد سياسية، اقتصادية وبيئية وتهدف إلى إبقاء 850 مليون برميل من النفط الخام في أعماق الأرض بدلا من استخراجها من إحدى حقولها النفطية في أعماق غابات الأمازون. هذه الخطوة ستكلف الخزانة نحو 6 مليارات من الدولارات من الإيرادات وتعتبر مساهمة عملية لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري إذ ستؤدي إلى منع انبعاث 410 ملايين طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي. المبادرة ليست بالمجان بل تهدف إلى الحصول على 350 مليون دولار من الدول المتقدمة سنويا ومن ثم تقوم باستثمارها في برامج تجعل الحكومة تنوع اقتصادها بعيدا عن قطاع النفط. من المتوقع أن تحصل هذه المبادرة على الكثير من الاهتمام في قمة المناخ في العاصمة الدنماركية (كوبنهاغن) بل حصلت على وعود ألمانية ونرويجية بالاستثمار.

في مملكة البحرين يبدو أيضا أن هناك خيارين لمواجهة تحديات الحفاظ على التنوع البيولوجي: استمرار دفان السواحل بدون خطوط حمر أو المحافظة على البيئة الساحلية. في قراءة لبعض مانشيتات الصحف المحلية هذا الأسبوع «مشروعا نورانا ومرسى السيف يهددان بالقضاء على سواحل 5 قرى ويقامان على مساحة تزيد على 6 ملايين متر مربع». من الواضح من هذه العناوين أن أسهل الطرق لخلق مساحات جديدة في المملكة هو دفن البحر وخاصة في المناطق الشمالية سواء في جزيرة المحرق أو جزيرة البحرين.

لكن ما الفرق بين تسرب النفط الى إلبحر أو دفن البحر؟ اللبيب يفهم أن هناك العديد من الطرق لمعالجة مشاكل تسرب النفط لكن دفن البحر عملية غير عكسية وهو جريمة بيئية إذ سيفتقد الأجيال المقبلة السواحل ومعها الموائل والسمك والتنوع البيولوجي. لذلك لم لا تكون هناك مبادرة للحفاظ على حقوق السواحل والبيئة البحرية وتطويرها وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار ومتى ستوضع علامة «full stop» لزيادة المساحة الجغرافية!

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2626 - الجمعة 13 نوفمبر 2009م الموافق 26 ذي القعدة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً