العدد 2690 - الأحد 17 يناير 2010م الموافق 02 صفر 1431هـ

«فريدوم هاوس» تخفض مستوى البحرين في الحريات

هادي حسن الموسوي comments [at] alwasatnews.com

أصدرت منظمة فريدوم هاوس تقريرها السنوي في 12 يناير/ كانون الثاني 2010 عن مؤشرات حالتي الحقوق السياسية والحقوق المدنية لـ 194 دولة و14 أقليم تابع أو أقليم حكم ذاتي في العالم. فريدوم هاوس منظمة مستقلة، غير حكومية، أنشئت في العام 1941 في الولايات المتحدة الأميركية، وتهدف إلى توسيع نطاق الحرية في العالم وتأييدها، وترى أن الحرية ليست ممكنة إلا في النظم السياسية الديمقراطية التي تكون الحكومات فيها مسئولة أمام شعوبها، حيث يسود حكم القانون، وحرية التعبير وتكوين الجمعيات، وحرية المعتقد، وكذلك احترام حقوق الأقليات والعدالة بين الجميع.

«فريدوم هاوس» ترصد وتراقب وتقوم بعملية قياس معيارية موضوعية مجردة، وليست قائمة على خلفية عدائية لدولة أو نظام. والبحرين كأية دولة من دول العالم تعرض لها هذا التقرير الذي يصدر بشكل سنوي، حيث كانت البحرين في تقارير سابقة تصنف كدولة غير حرة (في أيمام أمن الدولة)، وقد حازت على تصنيف دولة حرة جزئيا بعد مرحلة الإصلاحات السياسية، التي مهدت الطريق للحياة النيابية والانتخابات التشريعية، وإلغاء قانون أمن الدولة سيئ الصيت، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والسماح بعودة المنفيين وفتح قنوات الحوار والسماح بتكوين الجمعيات، فقد ارتفع مؤشر البحرين وتحسن في الحقوق السياسية من 7 إلى 6 نقاط، أما في الحريات المدنية فقد تحسن التصنيف من 6 إلى 5 وذلك كأول قطرة من الغيث. ما أكسبها القدرة على الانتقال من تصنيفا كدولة غير حرة الى حرة جزئيا.

وبقي حال تصنيفها لسنوات عديدة منذ ذاك الوقت على مؤشر 5 نقاط في مؤشر الحقوق السياسية و5 نقاط في مؤشر الحريات المدنية، واستمر ذلك دون تقدم ودون تراجع أيضا وهو الأهم.

ولكن في التقرير الأخير المشار إليه آنفا والصادر في 2010 فقد هبط المعدل وحصلت البحرين بذلك على 6 نقاط في الحقوق السياسية مسجلة تراجعا فيه، وبقيت 5 نقاط في الحريات المدنية دون أي تقدم، حيث تترجم النقاط الممنوحة للدول كالتالي: كلما اقتربت من الرقم 1 كلما صنفت بالحرة وكلما اقتربت نحو الـ 7 كلما صارت في خانات الدول غير الحرة.

وأرجعت المنظمة هذه الخسارة في النقاط الى أسباب منها مضايقات بعض الشخصيات السياسية المعارضة والتمييز ضد فئة من المجتمع. وبحسب فريدوم هاوس فإنه عندما تكون الدولة مصنفة في خانة الدول غير الحرة - وهو الحال الذي وصلت إليه البحرين في التقرير الأخير - فإن ذلك يعني أن الحقوق السياسية الأساسية غائبة، والحريات المدنية الأساسية غائبة على نطاق واسع بسبب إجراءات وإرادة الجهات الرسمية.

من جهة أخرى، نرى أن البحرين صادقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومعاهدات واتفاقيات دولية أخرى، ولو التزمت الجهات الرسمية في الدولة بما جاء في مواده لارتفع مستوى البحرين في المؤشرات الدولية التي تراقب مجريات الأمور، ومنها اتجاه تحرك مؤشر القياس لدى فريدوم هاوس في اتجاه حصول البحرين على تصنيف دولة حرة.

مؤشرات قياس التقدم والتراجع تختلف في «بورصات» الحقوق والحريات عنها في بورصات الأسواق المالية، إذ إن الأخيرة تكشف عن نتائج مضاربات وصفقات مرهونة بالعرض والطلب فتتأثر رقميا سلبا أو إيجابا على المستوى الاقتصادي والمالي والتجاري وهي حراك يومي حيوي يتأرجح بين الهبوط والصعود ولا يؤثر ذلك على مصداقية الدولة في جانبها الإنساني.

أما «بورصات» الحقوق والحريات، فإن أدوات قياسها ليس رقمية وإنما قيمية معنوية تمس الإنسان في العمق وتمثل دالة من دوال تحديد نجاح النظام السياسي أو فشله، كونه ديمقراطيا أو ديكتاتوريا.

أمام المراقب المحلي تنبري تساؤلات منطقية، هل أن نتائج هذا التصنيف المسحي المقارن، والذي قد يقابل بتجاهل رسمي بل ربما إدانة، وفي أحسن الأحوال قد يتم تبرير الأسباب والوقائع، هل سيوظف كرافعة من روافع تطوير حالة حقوق الإنسان في جانبي الحقوق السياسية والحريات المدنية؟ ماذا يعني هذا التقرير بالنسبة للبحرين وهي تنحو باتجاه توسيع المسارات وتعدد الخيارات وتوظيف الطاقات لتحقيق رؤية 2030؟ إلى أي مدى تقبل السلطات الرسمية بتقديم التنازلات لضمان استمرار اتجاه مؤشرات التغير نحو حرق نقاط التراجع وصولا لنقاط التقدم التي تؤهل البحرين لأن تصنف كدولة حرة على مستوى الحريات والحقوق؟

إن نجاح البحرين واستقرارها ليس مرهونا بتحقق كونها البلد الأكثر حميمية للأجانب على مستوى العالم - كما أشار لذلك تقرير نشر قبل أسابيع - وإنما مرهونا بتحقق كونها الأكثر إرضاء وعدالة لمواطنيها، إذ إن الأول، لا يتطلب تطويرا تشريعيا ولا انفتاحا حقوقيا ولا يتطلب توفير الضمانات للعمل بمبدأ تداول السلطة وسيادة العدالة. وإنما يتحقق بسبب الطبيعة الاجتماعية لأهل البحرين ودماثة خلقهم وتميزهم بروح الضيافة والأصالة العربية التي يتحلون بها. أما أن تنجح البحرين في كونها الأكثر حميمية لمواطنيها فإن ذلك يتطلب الأخذ بأسباب أخرى، كالعمل على تطبيق المعايير الدولية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتطبيق محددات المعاهدات الدولية التي تصادقت عليها، بعيدا عن التمييز والتضييق على الحريات واستحواذ طبقة دون غيرها على التحكم في السلطة وإدارة شئون الدولة

إقرأ أيضا لـ "هادي حسن الموسوي"

العدد 2690 - الأحد 17 يناير 2010م الموافق 02 صفر 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:39 م

      وبكل صراحه( عبد علي عباس البصري)

      ارجوكم يا كتاب يا مثقفين يا علماء يا يا يا لا أحد يتكلم ولا يكتب عن الحريات وعن الديموقراطيه نهائياً.وأذا ضاقت بكم اقلامكم وأفواهكم وأردتم ان تتكلمو عن الحريات والديموقراطيه فعليكم ان تذهبو الى لبنان او العراق .فقط او في اي دوله غير عربيه

اقرأ ايضاً