العدد 2703 - الجمعة 29 يناير 2010م الموافق 14 صفر 1431هـ

الزلزال و البيئة في هايتي

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

لاشك أن زلزال هايتي في 12 يناير/ كانون الثاني 2010 و بمقدار 7 على مقياس رختر قد أعاد الاهتمام العالمي الى هذه الجمهورية الكاريبية الوادعة خاصة ان الزلزال الضخم قد سبب قتل مايربو على 170 ألف ضحية و جرح 250 ألف و بات مليون شخص بلامأوى. هذه المأساة الطبيعية هي الأخيرة بعد اجتياح العواصف الاستوائية لها في العام 2008 و سقوط 3000 قتيل واحتياج مئات الألوف الى المساعدات الإنسانية.

جغرافيا، تحتل هايتي الشطر الشرقي من جزيرة هيسبانيولا و هي ثاني أكبر جزر الأنتيل الكبرى بعد جزيرة كوبا و تحتل الدومنيكان الشطر الغربي. ديموغرافيا، يبلغ عدد السكان نحو 10 ملايين نسمة و ينحدر 90-95 في المئة منهم الى الأصول الإفريقية أما الباقي فهم من العرب و الأوروبيين. العرق الإفريقي تم جلبه من قبل الإسبان و الفرنسيين للعمل كعبيد بعد انكماش عدد السكان الأصليين بسبب الأوبئة القادمة الى العالم الجديد بواسطة الأوروبيين. اقتصاديا، تعتبر هذه الجمهورية أفقر دولة في نصف الكرة الغربي حيث يقدر دخل الفرد اليومي دولارين.

المشاكل البيئية في هايتي ليست و ليدة الزلزال بل يمكن الرجوع الى خمسينيات القرن الماضي حيث تم بكثافة قطع أشجار الغابات و نتج عنه انخفاض الغطاء الحرجي من 60 في المئة الى أقل من 2 في المئة مما أدى الى تآكل التربة و تهديد مصادر المياه و الغذاء. لذلك فلاغرابة أن تكون الأضرار الواقعة خلال مواسم العواصف الاستوائية في هذه الجمهورية تبلغ أضعاف الأضرار الواقعة في جارتها جمهورية الدومنيكان بسبب فقد الغطاء الحرجي و على سبيل المثال فقد قتل 18 شخصا فقط في الدومنيكان بسبب العواصف الاستوائية مقارنة بـ 3000 في هايتي. و قد أدى غياب التخطيط الحضري الى استخدام الأراضي الزراعية الخصبة كمأوى رخيص للسكان مما أفقد الدولة إحدى مصادر الدخل و أصبحت تعتبر دولة فقيرة بالإضافة الى مشاكل في الصرف الصحي مما أدى الى تزايد نفوق أسراب الأسماك بالقرب من سواحلها وانتشار الروائح الكريهة.

التحديات البيئية بسبب وقوع الزلزال أدت الى مضاعفة الصعوبات التي تواجه الإنسان الهايتي فهناك تخوف من تسرب المحروقات و المواد الكيميائية من المخازن الى أعماق الأرض مما يؤدي الى تلوث المياه و بالتالي تفشي الأمراض. ثانيا، حطام 40-50 في المئة من المباني سيؤدي الى تحديات لإدارة النفايات خاصة أنها تقدر بعشرات الملايين من الأطنان و بالتالي فهناك حاجة لإعادة استخدام كميات الحطام في البناء مجددا و ستكون هناك مساعدة دولية لتطوير طرق البناء. خلال تواجدي في جامعة طوكيو اليابانية، شاهدت الكثير من مشاريع البحث لرسائل الدكتوراه و التي توجه لاستخدام طرق رخيصة لمواجهة الزلازل في البلدان الفقيرة خاصة التي تستخدم الرمل، وأعتقد أن هذه الطرق التكنولوجية البسيطة ستتم بواسطة المساعدات الدولية تقديمها كأحد الحلول الموجهة لإعادة البناء.

ثالثا، انتقال ملايين السكان من المناطق المتضررة سيلقى المزيد من الضغوط على البنية التحتية و استهلاك الطاقة في مناطق اخرى، رابعا، فقد مئات الألوف من فرص العمل في المناطق المنكوبة و تعتقد منظمة الأمم المتحدة للبيئة بان هناك فرص عمل جديدة ستخلق في مجال إدارة النفايات و إعادة التحريج.

عمليات إعادة البناء في هايتي لن يكون في مجال البنية التحتية و السكن بل من المتوقع أن تساعد مختلف دول العالم في برامج بيئية و تعليمية و زراعية لسكان هذه الجمهورية.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2703 - الجمعة 29 يناير 2010م الموافق 14 صفر 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً