العدد 2731 - الجمعة 26 فبراير 2010م الموافق 12 ربيع الاول 1431هـ

الملوِّث ملزم بالدفع!

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

ظل الإنسان يستفيد مجانا من العناصر المتوفرة في الطبيعة كاستنشاق الهواء وشرب الماء العذب و صيد الأسماك و أوجه أخرى كثيرة و لكن مع زيادة عدد السكان وتغير العادات الغذائية والتصنيع والتحضر وأسباب أخرى أدت إلى حصول تدهور تدريجي في التنوع البيولوجي والنظام البيئي في معظم دول العالم. هذا الخلل في النظام الطبيعي لا يقدر بثمن لكن المتسببون بهذه الأضرار البيئية لا يدفعون القيمة العادلة لوقائع التلوث مما يسبب بتدهور جودة الحياة للجميع.

في تقرير حديث لم ينشر كاملا إلى الآن لمنظمة الأمم المتحدة ولكن تم تسريبه إلى الصحافة وجد أن أكبر 3000 شركة في العالم ستخسر حوالي ثلث أرباحها المالية في حال إلزامها بدفع قيمة أضرارها بالبيئة. السبب الرئيس لكتابة هذا التقرير العالمي الموثق بالأدلة هو نتيجة لقلق بعض صناع القرار من استغلال الشركات الكبرى للبيئة بحيث وصل حدود هذا الاستغلال إلى مستويات عالية و لا يمكن السكوت عنها! هذه الآثار الضارة بسبب الاستغلال الغير مقنن للموارد الطبيعية امتد إلى تلوث الهواء وفقد المياه العذبة ومصائد الأسماك والتربة الخصبة.

المؤلف الرئيس لهذا التقرر الأممي شركة استشارية بريطانية وجدت أن قيمة الأضرار البيئية يصل إلى مستوى فلكي و يتعدى 2,2 ترليون دولار وهذا الرقم يعادل مجموع الناتج القومي لأكبر 7 اقتصاديات في العالم وهو يعادل ثلث أرباح أكبر 3000 شركة في العالم. حسب تحليل هذه الشركة الاستشارية فقد وجدت أن نصف الأضرار ناتجة بسبب انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الانحباس الحراري ومن ثم تلوث الهواء بسبب زيادة تركيز الجسيمات العالقة ومن ثم تلوث المياه العذبة.

البيانات المالية لمعظم الشركات تخلوا من المصروفات البيئية أي الضرائب التي يجب أن تقوم بدفعها بسبب تلويثها وتدميرها للبيئة ولذلك فقد وجدت الشركة الاستشارية أن معظم الرؤساء التنفيذيين في مؤتمر دافوس الاقتصادي في سويسرا عبروا عن قلقهم في حال قيام صناع القرار بتحصيل ضريبة التلوث من أرباحهم السنوية. لكن مؤلفي التقرير بينوا أن الهدف الأساسي للبحث الاقتصادي البيئي في الوقت الراهن هو تعليم الرؤساء التنفيذيون بالانتباه إلى الجانب البيئي عند القيام باتخاذ القرارات التجارية التي قد تكون مربحة للمستثمرين لكن مدمرة للبيئة المحلية.

لاشك أن تطبيق هكذا أفكار محليا ومحاسبة الملوثين وأخذ نسب من أرباحهم سيؤدي الى تراكم أموال كافية لتعويض العديد من المواطنين الذين تأثروا من الناحية الصحية بسبب وجود قراهم بالقرب من المصانع أو الصيادون الذين فقدوا قوتهم بسبب دفن المصائد والبحار وهم الآن يترجون القنوات الرسمية لإنشاء صندوق تعويضات! من الواضح أن المتضررين محليا هم طبقة اجتماعية ليست بقادرة على أكل الكافيار وهم بحاجة إلى حماية بيئتهم من قبل أجهزة الدولة لإلزام الملوثين بالدفع ومن ثم تعويض المتضررين والقيام - إن أمكن - بمعالجة الوضع الجديد.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2731 - الجمعة 26 فبراير 2010م الموافق 12 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً