العدد 2738 - الجمعة 05 مارس 2010م الموافق 19 ربيع الاول 1431هـ

استئناف المفاوضات مع العدو... رضوخ معيب

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

في فلسطين المحتلة، استباحت قوّات الاحتلال الصهيوني المسجد الأقصى بعدما كانت استباحت مسجد بلال في نابلس، والحرم الإبراهيمي في الخليل؛ لتوحي بأنّ الأمور بدأت تتّجه نحو المرحلة النهائية التي يسقط فيها الأقصى الشريف في أيدي اليهود المحتلين، بعدما لاحظ العدو استرخاء غير مسبوق على مستوى الأنظمة والدول العربية، وحتى في الشارع العربي.

وإلى جانب هذه الاستباحة، أعلن الاحتلال عن البدء ببناء 600 وحدة سكنية استيطانية في القدس، ليوجّه رسالة أخرى إلى العرب والمسلمين يُعلن فيها إمعانه في انتهاك حرمة الأقصى والقدس ومسرى الرسول الأكرم (ص)، حتى في الوقت الذي يحتفل العالم الإسلامي بولادته (ص).

إننا في الوقت الذي نحيِّي الشعب الفلسطيني على وقفته المستمرة في الدفاع عن الأقصى الشريف، ومواجهته جيش الاحتلال والمستوطنين الذين حاولوا تدنيسه، بالأجساد العارية، والقبضات المؤمنة؛ ندعو المسلمين والعرب إلى أن يستفيقوا من كبوتهم، وينهضوا من سباتهم، ويحملوا لواء الدفاع عن فلسطين والقدس وسائر المقدسات الإسلامية التي لا يتوانى الاحتلال عن انتهاكها في ظل الإصرار العربي والإسلامي على سلوك طريق الاستضعاف والهوان!

إن من المعيب حقّا أنه إلى جانب هذا العدوان الصهيوني المستمر على الفلسطينيين وقضيتهم، وتراثهم، ومقدساتهم، وأرضهم، يُصرُّ البعض في الساحتين العربية والفلسطينية على الرضوخ لشروط العدو والتحضير لاستئناف المفاوضات معه، بدلا من التحضير الجدّي لانتفاضة شعبية من شأنها تغيير المعطيات، وفضح العدو أكثر أمام أعين العالم، لتكون هذه الانتفاضة هي السبيل لتوحيد الصفوف الفلسطينية الداخلية، وإطلاق عجلة المصالحة، وتغليب منطق المواجهة الذي يفهمه العدو، على منطق الرضوخ الذي أفقد هؤلاء كلَّ شرعية ومصداقيّة أمام شعوبهم، وأمام شعوب العالم العربي والإسلامي.

إننا في الوقت الذي نستمع إلى مسئولي العدو الذين يوزعون التهديدات في كلِّ اتجاه، والذين يوزعون أقنعة الغاز على مستوطنيهم ويعلنون الاستعداد للحرب، نستغرب كلَّ هذا السعي المباشر أو غير المباشر من قبل الجامعة العربية والكثير من القيادات العربية، لتقديم صورة مغايرة عن حكومة «نتنياهو» إلى العالم، وذلك من خلال الرضوخ لمنطق التفاوض معها مجدّدا، لكي تبرز بثوب السلام، مع أنها حكومة حرب، ولا تملك أن تقدم إلى الفلسطينيين والعرب إلا الإرهاب والعدوان والوحشية.

وفي موازاة ذلك، نلحظ إصرارا غربيّا على محاصرة إيران، بفعل تواطؤ الكثير من الإدارات الغربية مع كيانِ العدو، وانخراطهم في أجواء الحملة الإسرائيلية الداعية إلى معاقبة إيران وفرض حصار اقتصادي واسعٍ عليها، وانضمام وكالة الطاقة الدولية إلى ذلك من خلال إيحاءات يطلقها مديرها الجديد، على الرغم من تعاون إيران بشفافية عالية مع الوكالة، الأمر الذي يفترض انسجاما في الموقف الإسلامي العام للرد على هذه الحملة التي تضع الجمهورية الإسلامية في مرمى سهامها واتهاماتها، لتصل في نهاية الأمر إلى ضرب كل قوى الممانعة والمقاومة في العالم الإسلامي والعربي.

ونصل إلى لبنان، لنلاحظ أن الاستباحة الأميركية لأمنه وسيادته لا تنفصل عن الاستباحة الإسرائيلية له، والتي تتم تارة من خلال العدوان الجوي أو البري، وأخرى من خلال شبكات التجسس التابعة «للموساد». ولعلَّ المشكلة تكمن في عدم بروز موقف لبناني حاسم يدعو إلى معاقبة السفارة الأميركية، ويحمل المسئولية للمعنيّين، ويشير إلى انتهاك السيادة اللبنانية، وخصوصا ممن يرفع لواء السيادة ويتحدّث عن رفض الوصاية الأجنبية بصرف النظر عن هويتها وجنسيتها.

وأخيرا... نلتقي بعد يومين بالذكرى الخامسة والعشرين لمجزرة بئر العبد التي مثّلتْ وصمة إرهاب ووحشية رهيبة في جبين الإدارة الأميركية وكل من ساعدها وعمل على تنفيذ مخططها بهدف النيل من الاسم الرمز، وقد قال مدير المخابرات المركزية آنذاك، ويليام كايسي، بأنّ فضل الله أصبح مزعجا للسياسة الأميركية وأنّ عليه أن يرحل.

إنّنا عندما نستذكر هذه المجزرة الرهيبة بحقّ المئات من الضحايا الذين استشهدوا أو جرحوا، نستذكر الوحشية الأميركية، وإرهاب الدولة المنظّم، ونتساءل: إلى أيِّ مدى سيواصل الأميركيون استباحتهم للأمن اللبناني والاعتداء على اللبنانيين دونما محاسبة، ومن دون أن تعمل الدولة على الاقتصاص منهم أو رفع دعوى ضدهم، أو أنّ المسألة لا تزال في نطاق التواطؤ الذي يمهّد السبيل لجرائم أخرى ويُبقي البلد ساحة مفتوحة لمخابرات الآخرين وبطشهم وظلمهم؟!

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 2738 - الجمعة 05 مارس 2010م الموافق 19 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:14 م

      تقى البتول

      اللهم ياحافظ النمله اضعف خلقك احفظ لنا السيد البركه امين رب العالمين

    • زائر 2 | 4:57 ص

      مجزرة بئر العبد

      تطلّ علينا بعد أيّام في 8 آذار، الذّكرى الخامسة والعشرون لمجزرة بئر العبد؛ اقترح على الوسط بأن تتناول ضمن كتاباتها شيئ عن هذا المرجع الكبير ولو موضوع عن حادثة بئر العبد الارهابية؟

    • زائر 1 | 1:33 ص

      اللهم احفظه بعينك التي لا تنام

      يا مَنِ اسْمُهُ دَواءٌ، وَذِكْرُهُ شِفاءٌ، وَطاعَتُهُ غِنًى، إِرْحَمْ مَنْ رَأْسُ مالِهِ الرجَّاءُ، وَسِلاحُهُ الْبُكاءُ، يا سابِغَ النِّعَمِ، يا دَافِعَ النِّقَمِ، يا نُورَ الْمُسْتَوْحِشِينَ فِي الظُّلَمِ، يا عالِماً لا يُعَلَّمُ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْعَل بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ، وَصَلَّى اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ والأَئِمَّةِ الْميامِين مِنْ آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.
      اللهم شافي المرجع فضل الله و البسه لباس الصحه والعافيه ياااااااااااااارب.

اقرأ ايضاً