العدد 274 - الجمعة 06 يونيو 2003م الموافق 05 ربيع الثاني 1424هـ

تحديات الإصلاح السياسي في المملكة العربية السعودية

عبدالله جناحي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

على صعيد الواقع الموضوعي هناك جملة من المعوقات الموضوعية التي تلجم تنفيذ هذه المتطلبات السياسية والديمقراطية كافة، فالمنطقة الخليجية فاتتها فرصة تاريخية إبان مرحلة الطفرة النفطية في السبعينات وماتلاها من تأسيس منهجي لمجتمع مدني على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي كبنى تحتية وافرازاتهما السياسية والتشريعية والفكرية كبنى فوقية، فلم تتمكن من استغلال هذه الثروة النفطية الهائلة من بناء اقتصاد انتاجي والانتقال من اقتصاد ريعي نفطي هو المهيمن على شرايين القطاعات الاقتصادية الأخرى التي تعتمد بشكل أو بآخر على النفط ومخرجاته إلى اقتصاد متحرر نسبيا من تقلبات أسعار النفط، خصوصا بعد مرحلة انتقال التحكم في سعره من المنتجين إلى المستهلكين، لدرجة ان القطاعات الاقتصادية المرتبطة بالنفط إخراجا وإنتاجا وتسويقا وهي أقرب القطاعات التي كان بإمكانها ان تتحول إلى قطاعات وطنية وانتاجية تخلق بنية صناعية مستقلة لم تتمكن المنطقة من تحقيقها. وبالطبع فإن هذا النمط الريعي للاقتصاد قد خلق عقلية ريعية خطيرة امتدت تأثيراتها وقيمها وسلوكياتها ليس فقط على مسيرة الاقتصاد والتنمية التي سادت في المنطقة وإنما أيضا على بنية المجتمع السياسية والاجتماعية، وأصبحت أبعادها السياسية خصوصا تتعزز في الحكم المركزي وعدم المشاركة والتعددية التي أصبحت لها علاقة مباشرة بتمركز الثروة النفطية لدى القلة، هذا فضلا عن انتشار وتعزيز قيم العطايا والمكرمات بدلا من قيم الحقوق والواجبات ومبدأ المواطنة ودولة المؤسسات والقانون، وهناك كثرة من الدراسات القيمة لمفكرين وعلماء الاقتصاد والاجتماع الذين تطرقوا إلى الافرازات القيمية والسياسية والفكرية للاقتصاد الريعي من المفيد الرجوع إليها لمعرفة مدى الأضرار الكبيرة التي خلقتها مثل هذه العقلية على المسيرة الطبيعية للمجتمع العربي الخليجي والسعودي.

لقد نفذت المملكة العربية السعودية منذ 1970 خطط التنمية الخمسية ، فخطة التنمية الاولى (1970-1974 ) ركزت على التجهيزات الاساسية والخدمات الضرورية كامدادات المياه والطاقة الكهربائية والبرامج الاجتماعية ، اما الخطة الثانية (1975-1979 ) والتي توفرت لها ظروف اقتصادية جيدة اذ ترافق معها ارتفاع كبير في اسعار النفط ، فلقد ركزت الخطة على اربعة اتجاهات رئيسية تمثلت في انجاز اكبر قدر ممكن من التجهيزات الاساسية في قطاعات النقل والكهرباء والمياه والاسكان ، والمحافظة على الموارد الهيدروكربونية وتشجيع إقامة الصناعات المعتمدة على استخدام الطاقة وتصدير منتجاتها ، واثمر تنفيذ هذا الاتجاه من الخطة تأسيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع من اجل توفير البنية التحتية للصناعات الهيدروكربونية ، اما الاتجاه الثالث فركز على إعداد السياسات والانظمة المالية والإدارية التي كانت المملكة تفتقرها ، وكذلك العمل على تيسير التعاون بين القطاعين العام والخاص لتحقيق معدلات نمو اعلى ، والاتجاه الرابع من الخطة فقد ركز على دعم القطاع الخاص وتشجيعه فتم إنشاء صناديق الاقراض المتخصصة .

اما الخطة الخمسية الثالثة (1980-1984) والتي ترافقت مع زيادة كبيرة في ايرادات النفط بحيث اصبحت المملكة قوة مالية ضخمة واكبر مصدر للنفط في العالم، لذلك ركزت الخطة على زيادة معدلات النمو في مجالات مختارة ، والعمل على استغلال القوى العاملة الاجنبية بشكل اكثر كفاءة وفاعلية ، ولذلك بدأت المملكة تهتم في تحديد مستويات الانتاج لكل من النفط والغاز والإستمرار في الصناعات الهيدروكربونية ، وجاءت الخطة الخمسية الرابعة (1985 - 1989) لتغير من استراتيجية التخطيط في المملكة من إستراتيجية تعتمد على منهجية التخطيط المركزي للمشروعات إلى أسلوب تخطيط البرامج التنموية ، مع إستمرار تفعيل دور القطاع الخاص في التنمية الإقتصادية ، ولكن الخطة واجهت الأوضاع المتغيرة والمتقلبة في سوق النفط العالمية ونتائجها السلبية على التوازن الداخلي والخارجي لإقتصاد المملكة ، وأكدت الخطة الخمسية الخامسة (1990-1994) مرة أخرى على فاعلية دور القطاع الخاص ، إضافة إلى تحسين القاعدة التقنية للكثير من القطاعات الإقتصادية ، غير أن الخطة لم تسير بالشكل المطلوب نظرا لنشوب حرب الخليج الثانية العام 1991 والتي استدعت إجراء تعديلات واضحة في أولويات الإنفاق الحكومي ، وجاءت الخطة السادسة (1995-1999) في ظروف محلية ودولية غير عادية نتيجة إستمرار أثار حرب الخليج من جهة والتطورات السلبية في سوق النفط العالمي من جهة ثانية، وعلى رغم إنها ركزت على تنمية القوى البشرية وزيادة الطاقات الإستيعابية للجامعات و معاهد التدريب المهني والكليات التقنية ، فإن نتائج هذه الخطة أثمرت زيادة كبيرة ومتسارعة من العاطلين وأصبحت نسبة البطالة في صفوف المواطنين السعوديين في حدود (35في المئة) من اجمالي القوى العاملة ، وهي نسبة كبيرة كشفت عن عدم مقدرة الاستراتيجيات الموضوعة في الخطط من تحقيق أهدافها بالكامل .

فحسب الإحصاءات الرسمية فقد بلغ معدل النمو السنوي للناتج المحلي الحقيقي (34ر4في المئة) في المتوسط خلال المدة من (1969-1999) رأي في مراحل تنفيذ الخطط الست السابقة، كما بلغ معدل النمو السنوي الحقيقي للقطاعات غير النفطية (5,22 في المئة) في المتوسط خلال الفترة نفسها ، كما تميزت هذه الفترة بإنخفاض تدريجي في معدل التضخم اذ لم يتجاوز في المتوسط (2في المئة) خلال الفترة (1984-1995) . ومن جهة أخرى فإن حجم القوى العاملة السعودية إزداد من نحو (1,2) مليون شخص العام (1969) إلى حوالي (3,2) ملايين شخص العام 1999، أي بمعدل سنوي مقداره (3,3 في المئة) في المتوسط، وارتفع دخل الفرد السعودي أو نصيبه من الناتج المحلي الأجمالي من (3750) ريالا في العام 1969 إلى (24,150) ريال العام 1999.

وعلى رغم ذلك فإن نتائج هذه الخطط قد أفرزت تقلبات واضحة في الاستقرار النقدي وتذبذب واضح في مستوى القوة الشرائية للعملة الوطنية مما فرض على الحكومة السعودية أكثر من مرة تغيير قيمة عملتها، الأمر الذي يتعارض مع معدل التضخم الذي تم الإعلان عنه، كما أفرزت هذه الخطة زيادة في العجوزات في الموازنة العامة وهي نتيجة تتعارض مع معدل النمو السنوي للناتج المحلي ومعدل النمو السنوي للقطاعات غير النفطية، هذا فضلا عن بروز ظاهرة البطالة وبنسب متصاعدة على رغم أن متوسط زيادة حجم العمالة السعودية أقل من معدل النمو السنوي للناتج المحلي الحقيقي، وعلى رغم تضاعف الناتج المحلي الأجمالي غير النفظي أكثر من خمس مرات خلال المدة (1969- 1999 ) إذ ارتفعت من (52 في المئة) إلى (68,4 في المئة) خلال تلك المدة، وعلى رغم ارتفاع انتاج القطاع الخاص بمعدل نمو سنوي حقيقي الذي وصل إلى (5,6 في المئة) في المتوسط خلال المدة (1969- 1999) متجاوزا معدل النمو السنوي المتوسط للناتج المحلي الاجمالي الحقيقي خلال المدة نفسها والذي بلغ (4,3 في المئة)، وعلى رغم ارتفاع اسهامات القطاع الخاص في الناتج المحلي الاجمالي وارتفاع حجم الاستثمار السنوي للقطاع الخاص من (1) بليون ريال العام 1970 إلى ما يقارب (78,6) بليون ريال العام 1999.

الأمر الذي يفرض علينا طرح سؤال جوهري عن الأسباب المتعددة لهذا التناقض بين المعدلات والنسب المتصاعدة وبين الواقع الاقتصادي الاجتماعي والبطالة في الوقت الراهن، وهو السؤال الذي يؤكد على استمرار هيمنة الاقتصاد الريعي بكل إفرازاته التي اشرنا إليها.

غياب مؤسسات المجتمع المدني

من المعوقات الموضوعية التي تبطىء من تنفيذ هذه الاصلاحات عدم وجود مؤسسات المجتمع المدني الموازنة للولاءات القبلية والعشائرية والمذهبية، فعبر العقود الماضية وفي ظل هيمنة العقلية الريعية بمفاهيمها الاستبدادية وتداخلها مع القيم القبلية لم يتمكن المجتمع السعودي من تأسيس تلك الاحزاب السياسية أو النقابات أو الاتحادات أو حتى الجمعيات المهنية والأهلية والنسائية والتي بجانب دورها في تأطير وتنظيم قوى المجتمع الفاعلة، فهي لها دور في زيادة الوعي السياسي والاجتماعي والحداثي وتصبح بمثابة رافعة مجتمعية تفرض بوعي أو بلا وعي على المؤسسة الحاكمة الريعية في تحقيق بعض الاصلاحات والانفراجات، خصوصا في ظل شريحة كبيرة من الانتلجنسيا والاكاديميين والمتعلمين ووجود الجامعات والأندية الأدبية والثقافية النوعية وبروز مفكرين سعوديين أصبح تأثير أطروحاتهم النظرية ينتشر خارج نطاق الجزيرة العربية.

وفي هذا المقام تشير الاحصاءات الرسمية إلى أن أنواع مؤسسات المجتمع المدني أو الأهلي الموجودة تنحصر في مراكز التنمية الاجتماعية والخدمة الاجتماعية ومراكز الرعاية الاجتماعية (المعاقون المسنون ... الخ) والجمعيات الخيرية (173 جمعية خيرية) والمراكز الرياضية والتعاونية وبيوت الشباب والاتحادات الرياضية وجمعيات الثقافة والفنون والأداب، ولم تسجل الاحصاءات أية جمعية مهنية أو نقابية أو سياسية اللهم بروز جمعية للصحافيين في الفترة الأخيرة!

ومن المفيد الإشارة في هذا المقام على أن الوثائق التاريخية تكشف عن التطور السياسي المتقدم الذي كان سائدا في منطقة الحجاز إذ كانت الاحزاب السياسية موجودة منذ أوائل العشرينات من القرن الماضي، بجانب الانفتاح الاجتماعي الكبير فيها.

ان البنية الاجتماعية مازالت تنظر إلى الواقع بذات الثقافة القبلية غير المرتبطة بالأرض بل بالفرد، هذا فضلا عن امتداداتها خارج الجزيرة، خصوصا صوب الجنوب اليمني والشمال المرتبط بالهلال الخصيب والعراق، ولذلك فإن أي خطوة تخفف من المركزية السياسية قد تؤدي إلى انفلات مجتمعي من قبل هذه الولاءات، خصوصا إذا ما تم استغلالها من قبل القوى الإقليمية المتنافسة تاريخيا، فالقيد الإقليمي المحيط بالمملكة (مصر، اليمن، الأردن، العراق، إيران، عمان) هو قيد شديد التأثير والتأثر أمام أية متغيرات دراماتيكية في الجزيرة العربية، وهو قيد له جذوره التاريخية العميقة فضلا عن نزوعات الاستقلالية التي مازالت مرتبطة بهذه البنى التقليدية.

المؤسسة الدينية تمثل أقوى المؤسسات، اذ تعتبر نفسها مسئولة تجاه «اخلاق المجتمع!»، ولذلك فإن مطالب الانفتاح وإعطاء المرأة حقوقها مثل حق السياقة والسفر والعمل ... تعتبر تحديا للمفاهيم التي أصبحت التيارات الإسلامية المتنورة مقبولة لديها كمفهوم الحريات العامة وحقوق الإنسان والديمقراطية والمشاركة الشعبية والتعددية ...الخ.

ولابد من الإشارة هنا إلى أن التيار الإسلامي السلفي قد أصابته تغييرات سياسية جوهرية بعد جملة من التطورات. لقد برزت في صفوفه فرق إسلامية سلفية أخذت تصطدم مع أطروحات المؤسسة الدينية الرسمية، اذ أصبحت خطاباتها سياسية هجومية. الأمر الذي يعني في المدى المستقبلي قد يفرض على هذه الفرق وفي ضوء الضربات والضغوطات والحصار المحتمل أن تغير لغة خطابها السياسي وتقبل بالمشاركة والتعددية ضمن الشرعية كما هو حاصل في دول المحيط (اليمن الاردن الكويت البحرين وفي الفترة الأخيرة مصر وسورية) لتبدأ مرحلة جديدة لنشاطها السياسي قوامها الاستفادة من المؤسسات السياسية القائمة لتعزيز أفكارها ومواقفها السلفية المتشددة.

ضعف المعارضة السياسية

في منتصف الخمسينات ولغاية أواخر السبعينات من القرن الماضي كانت التنظيمات السياسية القومية واليسارية والليبرالية قوية نسبيا ولها قواعدها الشعبية وفعلها السياسي والتحريضي وأدوارها الجماهيرية والتوعوية، وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران برزت في الساحة أيضا تنظيمات إسلامية أثرت على قطاعات شعبية واسعة من الطائفة الشيعية، كما برزت في تلك المرحلة حركات إسلامية سلفية تصادمت مع الحكم من منطلقات مختلفة.

بيد أن المرحلة التي أصبحت فيها الثروة النفطية هي القائدة للقيم والثقافة وانتشار تأثيراتها، قد أنهت عمليا التنظيمات السياسية الديمقراطية كافة، وبقيت الفلول والرموز الوطنية ذات التاريخ الوطني من دون أن تتمكن هذه الرموز من تأسيس قواعد شعبية أو دماء جديدة تواصل مسيرتها، ولذلك فإن هذه الشخصيات بجانب عدم تملكها لقواعد شعبية أصبحت لا تمتلك رؤية استراتيجية واضحة لمستقبلها فعلى رغم كثرة المذكرات التي تم رفعها للقيادة السياسية والمتضمنة تقريبا ذات المطالب الموضوعة في وثيقة (الرؤى) إلا أن أية واحدة من هذه المذكرات بما فيها الوثيقة الأخيرة لم تتحول إلى حالة شعبية أو إجرائية تؤدي بمرور الزمن إلى تشكيل قيادة شعبية تعكس الكتلة التاريخية للمرحلة الراهنة تقوم بمهمة إنجاز متطلبات إصلاحية. وعلى رغم الظروف والمعطيات المختلفة بين الواقع السعودي والواقع البحريني، وعلى رغم الاختلافات في حجم تأثير الشارع أو التنظيمات السياسية أو المساحة أو غيرها من ثوابت الجيوسياسة، إلا أن المعارضة البحرينية قد تمكنت وفي ظل أصعب الظروف الأمنية والقمعية إبان قانون أمن الدولة أن تشكل لنفسها قيادة رمزية «لجنة العريضة الشعبية» التي مارست الأفعال ذاتها التي مارستها حركة الوثيقة السعودية وتمكنت اللجنة أن تخلق حال جماهيرية ملتفة حولها وتنتظر منها خطوات أخرى لتفعيل مطالبها، وهي حال ضرورية ابتداء لبلورة معارضة سلمية وعلنية يتم التعامل معها داخليا أو خارجيا أو إعلاميا من قبل كثرة من المنظمات الحقوقية والسياسية العالمية.

تأثيرات التحولات المحيطة بالواقع السعودي

ضمن قانون التأثير الداخلي والخارجي، فلا شك أن أحد أهم الاعتبارات التي تراهن عليها الوثيقة المذكورة هي تأثيرات عوامل الضغط الخارجي البعيد كتأثيرات أحداث 11 سبتمبر وتداعياتها الأميركية المتمثلة بالسياسة الأميركية الراهنة بوجود محورين أولهما محورها الخير والآخر المحور المضاد (محور الشر)، إضافة إلى دمقرطة المجتمعات العربية أو تأثيرات التحولات الإقليمية المحيطة بالواقع السياسي وخصوصا التحولات الحاصلة في كل من:

1 - الجمهورية الإسلامية في إيران: إذ نجحت هذه الجمهورية من تأسيس دولة المؤسسات الديمقراطية والتحولات الجارية في بنيتها بين المحافظين والمجددين وبروز التعددية والمعارضة وتداول السلطة ولو ضمن مظلة الإسلاميين فقط، وكذلك المشاركة الفعالة للمرأة سياسيا واجتماعيا، وهي تحولات تمثل نموذجا إسلاميا مغايرا للسائد في المنطقة وتمثل إحراجا إقليميا أيضا.

2 - الجمهورية اليمنية اذ برزت أيضا تحولات سياسية بعد الحرب الأهلية ونجاح دولة الوحدة والبدء في وجود انتخابات رئاسية وأحزاب معارضة بمختلف أطيافها، وهي تحولات لها تأثيراتها الإقليمية المباشرة أو غير المباشرة على دول الجوار.

3 - التغييرات المتوقعة في العراق والتي تمثل أيضا إحدى عوامل التأثير غير المباشر على الوضع الداخلي السعودي.

4 - التحسينات الجارية في سورية وخصوصا بعد مجيء الرئيس السوري بشار الأسد والتفاعلات المجتمعية الجارية فيها والتي ترتفع وتيرتها تارة وتخفت تارة أخرى، وللعلاقة الوثيقة بين سورية والسعودية مجتمعيا وسياسيا فإن ذلك يمثل أيضا تأثيرا إقليميا يوضع في الحسبان استراتيجيا.

5 - الإصلاحات السياسية والاجتماعية في دول مجلس التعاون وخصوصا تلك التحولات الكبيرة التي حدثت في مملكة البحرين والمتوقع حدوثها في دولة قطر وسلطنة عُمان وهي تحولات لها صداها المباشر على دول الجوار وتأثيراتها الضاغطة على الشقيقة الكبرى، على رغم قناعة المرء بأن هذه الدول الصغيرة تعتبر دولا متأثرة بالمتغيرات الخارجية بدلا من أن تكون دولا مؤثرة على المتغيرات الخارجية، إلا أن جدلية العلاقة في قانون التأثير والتأثر سيكون لها دورا في تغيير القرار في دول الجوار.

تأثيرات التحولات السعودية المتوقعة على الواقع الخليجي

إن الحوادث السياسية التي مرت بها التجارب الديمقراطية في دول مجلس التعاون، وخصوصا تجربة دولة الكويت الديمقراطية والتجربة الأولى للبحرين في السبعينات من القرن الماضي قد كشفت مدى تأثير هذا العامل الخارجي الذي كان قويا إبان الطفرة النفطية (1974) لدرجة أصبحت الدولة السعودية هي الدولة القائدة في المؤسسة الرسمية العربية وحلت محل مصر ودول الشام في صياغة المشروعات السياسية العربية، وأصبح مصطلح دولة الثروة قد حل محل مصطلح دولة الثورة. وعلى رغم المتغيرات الكبيرة التي حصلت على المنطقة العربية منذ السبعينات ولغاية المرحلة الراهنة والتي أثرت على الاستراتيجيات التقليدية التي كانت سائدة آنذاك، ومع بروز مقولات ضعف مبدأ السيادة الوطنية أمام استحقاقات العولمة وفشل جملة من المشروعات العربية أمام التحالف الأميركي الصهيوني وبروز العجوزات والأزمات الاقتصادية في دول الرفاه الاجتماعي الخليجية، على رغم كل هذه المتغيرات إلا أن أي تقدم إيجابي نحو الإصلاح والانفتاح في الشقيقة الكبرى سيعني صمام أمان جديد لاستمرار حركة الإصلاح السياسي في دول مجلس التعاون ولحماية هذه المشروعات الإصلاحية وصيانتها من أية تراجعات أو انتكاسات

إقرأ أيضا لـ "عبدالله جناحي"

العدد 274 - الجمعة 06 يونيو 2003م الموافق 05 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً