العدد 2755 - الإثنين 22 مارس 2010م الموافق 06 ربيع الثاني 1431هـ

الإسلام المتعدد الثقافات في إندونيسيا

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

تحتفل المجتمعات المسلمة في كافة أنحاء إندونيسيا بذكرى المولد النبوي الشريف، الذي صادف يوم 26 فبراير/ شباط هذه السنة، بصلوات دينية وغيرها من الاحتفالات الخاصة. وقد اتخذت المناسبة في إقليم جاوا شكلا فريدا من خلال مهرجان «سيكاتن». وتستضيف بعض أكبر المدن، مثل سيريبون وسوراكارتا وسيمارانغ ويوغياكارتا الاحتفالات الثقافية التي تستمر لمدة أسبوع كامل، حيث تشهد يوغياكارتا أشهر هذه الاحتفالات.

ورغم جذوره الإسلامية إلا أن مهرجان «سيكاتن» أصبح رمزا للتعددية الثقافية في جاوا.

يجتمع الجميع أثناء المهرجان، وخاصة في الاحتفال الأخير، بغض النظر عن دينهم ومعتقداتهم في ساحة المدينة للمشاركة في الاحتفالات التي تعكس تقاليد الإقليم وتاريخه.

بدأ مهرجان «سيكاتن» في جاوا في القرن الخامس عشر. استضاف الملك، السلطان هامنغكوبوانا الأول، الاحتفالات ودعا السكان المحليين ومعظمهم من الهندوس، لاعتناق الإسلام. تحوّل مهرجان «سيكاتن» اليوم من تلك الجذور المتعصّبة ليصبح احتفالا بالمعتقدات والأعراق المتنوعة لسكان جاوا.

وفي يوغياكارتا، وهي السلطنة الوحيدة التي مازالت قائمة في جاوا، يتمحور المهرجان حول الـ «غاميلان»، وهي مجموعة من الآلات الموسيقية من جاوا مثل ميتالوفون والزايلوفون والطبول والأجراس القرصية والناي والوتريات، التي تُعزف في ساحة المسجد الكبير في المدينة.

ويجري عزف مجموعتين من الـ «غاميلان» بشكل متواصل ليلا نهارا على مدى الأسبوع الكامل للمهرجان. يتمتّع عزف مجموعة «غاميلان» بصوتها المرتفع وبالعظمة، حيث إنه كان يستخدم في السابق لدعوة الناس إلى المسجد. ويقال إن المجموعة الموسيقية أسسها سنان خاليجاغا، أحد القديسين المسلمين التسعة من القرن السادس عشر في إندونيسيا، الذين لعبوا دورا حاسما في نشر دين الإسلام. يشكّل المسلمون اليوم ما بين 60 -65 في المائة من سكان إندونيسيا.

تُستَخدَم موسيقى «غاميلان» التي تتمتع بشعبية بين زائري إندونيسيا اليوم، بشكل كامل تقريبا في عروض الدمى المتحركة والرقصات التقليدية واحتفالات الزواج. إلا أنها وفي مهرجان «سيكاتن» مازالت تقوم بمهمتها الأصلية وهي جمع الناس معا.

يدوم الاحتفال لمدة أسبوع كامل ويُختَتم بالشعائر الثقافية التي يؤديها سلطان يوغياكارتا، الذي مازال يتمتع بسلطة محلية في الإقليم، شاكرا الله تعالى على النعم التي قدّمها للمجتمع المحلي خلال السنة الماضية. وتبدأ الاحتفالات بعرض يقدّمه حرس القصر الذي تتزين وحداته بكامل لباسها العسكري، وخلفها هَرَمان من التقدِمات من الفواكه والخضار التي ترمز للذكر والأنثى وصحة المملكة وشعبها وغناهما.

تعود هذه التقدمات إلى مئات السنوات في إندونيسيا، إلى ما قبل تطور هوية إسلامية في الدولة. وهي تذكّرنا اليوم كيف يمكن للرموز القديمة أن تشكّل جزءا من الاحتفالات الدينية. إضافة إلى ذلك، يرمز خط سير العرض إلى حياة الملك وواجبه، كابن للملكة الأم وزعيم سياسي وديني وإنسان مسلم عادي يعبد الله تعالى.

عندما تصل التقدمات إلى ساحة المسجد الكبير، يتقدّم أفراد الجمهور هناك لأخذ الأطعمة من الهرمين. يتنافس الناس بروح طيبة للحصول على الأطعمة من الهرمين، إذ تقول العادات المحلية إن ذلك يحقق الازدهار والسعادة.

يشكّل الاحتفال اعترافا جميلا بمولد مؤسس دين الإسلام، وكذلك التنوّع في الدولة من حيث اندماج الإسلام مع ثقافة جاوا بأسلوب فريد. ورغم أن مهرجان «سيكاتن» لا يُعقَد إلا في جاوا، إلا أنه يمكن أن يشكّل مثالا في جميع أنحاء إندونيسيا وما وراءها. وهو يثبت أن كون المرء مسلما، بكل تقاليد الإسلام وتعاليمه، لا يعني تدمير التقاليد والثقافات المحلية. الواقع أنه، وكما يثبت مهرجان «سيكاتن» يمكن للاندماج بين الدين والثقافة أن يجعل كليهما يزدهر ويترعرع.

* عضو في فريق تحرير خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية ومنسق مشاريع التفاهم بين المسلمين والغرب في إندونيسيا، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2755 - الإثنين 22 مارس 2010م الموافق 06 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً