العدد 2757 - الأربعاء 24 مارس 2010م الموافق 08 ربيع الثاني 1431هـ

حليم... خارج السياقات ... حلم بحريني

منصورة عبد الأمير mansoora.amir [at] alwasatnews.com

بعيدا عن أي إشكالات، وخارج أي سياقات، دينية أم اجتماعية أم ما شاء للقارئ أن يؤطر هذا المقال بها، تمر بعد أيام الذكرى الثانية والثلاثين لرحيل العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ.

مرة أخرى، خارج كل السياقات، تمر ذكرى العندليب الذي أطرب، من شاء أن يُطرب من شباب جيله، ولربما من جاء بعده من الأجيال، بما يفوق المائتي أغنية يمكن القول أن معظمها يأتي على رأس قائمة التراث الغنائي المعتد به على مستوى العالم العربي على مدى عقود.

«حليم»، مرة أخرى خارج السياقات، شكل ظاهرة، يمكن وصفها بالثقافية، المجتمعية، وحتى السياسية، قبل أن تكون غنائية، معبرة إلى حد كبير عن روح المجتمع المصري أولا والعربي ثانيا، وهي التي كانت روح واحدة إلى حد كبير في تلك الفترة «الذهبية» من عمر العالم العربي.

قدم الأغاني الرومانسية التي وضعت الحب في قالب مثالي يوتوبي، نفتقده اليوم، لا نجده في واقع حياتنا، قبل أن نبحث عنه في كل أغنيات اليوم التي لا يمكن وصفها إلا بكونها أحد عوارض الانحدار الذي يعيشه عالمنا.

بالطبع لا يمكن اختزال حليم في الأغنية الرومانسية، إذ يعلم القراء أنه ما من مغنٍ مثله جسد بأغنياته كل مبادئ ثورة الضباط الأحرار كما فعل هو. كان حليم أشبه بإعلامي مخلص للثورة ولمبادئها ولرجالاتها. في واقع الأمر كان أكثر من ذلك، حليم كان بمثابة أحد الضباط الأحرار، كان لأغانيه كثير من التأثير على موقف الشباب من الثورة، يقاس ربما بتأثير خطابات قيادات الثورة.

حتى وإن لم يكن الأمر كذلك، فأغنيات حليم الوطنية كانت مختلفة تماما، حليم لم يختزل الثورة في أشخاص، تغني أولا بمبادئها الداعية لمجتمع تسوده العدالة الاجتماعية قبل كل شيء.

لم يكن غريبا عن مبادئ ثورة يوليو، وأغانيه العاطفية لم تكن غريبة عن تلك الأغاني الوطنية التي تغني فيما بعد بها. كلها، كل الأغاني التي انطلقت من بين شفتيه دعت لإعطاء ثيمة الحب، بشكله الفلسفي الأعمق وبمعناه «الكوني» الأرحب، قيمة أعلى وأهمية أكبر.

الحب في أغنيات حليم الوطنية، كان موجها لكل قيم العدالة والإنصاف، كان موجها للوطن قبل كل شيء، لمصر أولا، لأبنائها، لنيلها، ثم لقادتها ورجالات ثورتها.

حليم حلم في أغانيه بأن تنطق كل الشفاه بـ «كلام فيه حب»، أن يرى الناس وهم «ما عرفوش الجراح والقلب»، أن يرى الدروب «ما فيهاش دموع أحزان»، أن يرى «بكرة، بيزرع ضحكة في الإنسان».

تمنى في أغانيه أن يرى بعينيه «فرحة قلوب الصابرين» وأن يرى «الحيارى في طريق الأمل ماشيين» و»اللي هاجر راجع هنا» و «اللي يائس كفكف دموع أحزانه». حلم أن يرى «الدنيا نور على كل البشر» وأن «أشوف سما ما يغيبش عنها قمر»

بمقاييس معينة، حققت له الثورة ولكل من ينطق بلسانهم، كثير من ذلك. وللمرة الرابعة، بمقاييس خارجة عن كل السياقات، أقول، نحتاج اليوم لروح تشبه تلك الروح لنرى سما البحرين «ما يغيبش عنها قمر» ولا تشط بها شطوط «المغرضين» ولا أهواء المزايدين على الوطنية والمقامرين بمستقبلها في سوق «نخاسة» أهوج أحمق لا يعرف له وجهة ولا يقيم لحب البحرين وزنا.

إقرأ أيضا لـ "منصورة عبد الأمير"

العدد 2757 - الأربعاء 24 مارس 2010م الموافق 08 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 10:36 ص

      مع عبدالحليم نهيم بعيدا

      وانا ابحث عن مقالات في ذكراه استوقفني هذا التعليق من الزائر رقم واحد . حليم معروف عنه ذكاءه وحدسه وعلاقاته الاجتماعية المتنوعة لذا لا نستغرب ان يتردد اسم وفن حليم في الاوساط والمحافل وبين الناس حتى بعد مرور هذه السنوات الطويلة

    • زائر 2 | 11:39 ص

      حليم زمن الحب الجميل

      لقد أثرت بمقالك استاذه منصوره الكثير من الخواطر والذكريات لقد كان حليم صوت آسر نصبح ونمسى على اشجانه ودفء صوته الذى لايتكرر وردا على الاخ فأقول ان ذكاءه واحساسه المرهف هو الذى جعله يترك لنا فنا راقيا متطورا كان يعشق عمله وفنه وكان محاطا بنخبه راقيه من الاصدقاء المبدعين لذا سيظل حليم النموذج الغنائى الرائع والمنتصر الاول فى كل استفتاء رغم 33عاما على رحيله

    • زائر 1 | 1:26 ص

      عدويه اذكى من حليم

      لايختلف اثنان على حب الناس ل عبدالحليم حافظ
      من الجنس الخشن قبل الناعم . ولكن تمنيت من الكاتبه الكريمه التطرق الى موضوع غباءه المعروف عنه في الوســط الفني . حتى انه مات ولم يترك له شيئا يذكر من بعده . لو لا اجتهاد محبينه في
      في الاحتفاظ ببعض تراثه ---- جعفر

اقرأ ايضاً