العدد 2767 - السبت 03 أبريل 2010م الموافق 18 ربيع الثاني 1431هـ

اتحاد الحقوقيين العرب

محمد نعمان جلال comments [at] alwasatnews.com

سفير مصر الأسبق في الصين

عقد اتحاد الحقوقيين العرب اجتماع الدورة الثالثة والثلاثين للمكتب الدائم في المنامة (عاصمة مملكة البحرين) والواقع أنني شخصيا رغم أنني لست حقوقيا بالتأهيل الأكاديمي إلا أنني حقوقي من زاويتين:

الأولى: اهتمامي بقضايا حقوق الإنسان على مدى أكثر من خمسة وعشرين عاما وفي أثناء عملي بوفد مصر في الأمم المتحدة منذ منتصف الثمانينيات وقبل ذلك خمسة عشر عاما في مؤتمرات عدم الانحياز.

الثانية: مشاركتي في مؤتمر الحقوقيين الدوليين في نيودلهي بالهند في العام 2008. وتقديمي ورقة بحثية عن حقوق الإنسان بين الممارسة والنظرية اعتمادا على ثلاثة كتب نشرتها حول قضايا حقوق الإنسان في ظل مواثيق الأمم المتحدة واتفاقاتها، وإعلان حقوق الإنسان في الإسلام والميثاق العربي لحقوق الإنسان.

ويعزز اهتمامي بالقضايا الحقوقية ثلاثة أمور: أولها ان الحقوق هي الملاذ الرئيسي لكل إنسان عبر الاحتماء بالقانون مما يتعرض له في أية مرحلة من مراحل حياته. وثانيها ان القانون هو الأمل في بناء المستقبل فهو الذي يضع الأطر للممارسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وثالثها ان كثيرا من أساتذتي وأصدقائي هم ممن ينتمون للجانب القانوني وفي مقدمتهم بطرس بطرس غالي ومفيد شهاب ونبيل العربي وهم جميعا من أساطين العلماء في هذا المجال وارتبطوا ليس بالجانب النظري فحسب بل بالجانب العملي أيضا ومن هؤلاء شخص لا أنساه وكان من أوائل من تعاملت معهم في عملي الدبلوماسي هو المرحوم عبدالله العريان، وآخر أدعو له بالصحة هو عصمت عبدالمجيد، وكثيرون من أساتذة وعلماء وسفراء لهم خلفيات قانونية تعلمت منهم الكثير.

ولكن يهمني في هذه العجالة أن أشير إلى شخصية تشارك في مؤتمر المنامة للحقوقيين هو مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية ومجلس الشعب والشورى، ويهمني في الإشارة لشهاب ثلاث سمات:

الأولى: دماثة الخلق، ولقد عرفته منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما عندما كان أستاذا في جامعة القاهرة وأنا مستشار بوزارة الخارجية وقابلته أخيرا في المنامة فوجدته نفس الشخص لم يغيّره المنصب ولم تؤثر على دماثة خلقه المشاغل والإرهاق.

الثانية: العلم الغزير في المجال القانوني وفي الشئون العامة، وأشير إلى تاريخه في العمل الوطني عبر أكثر من خمسين سنة منذ مقتبل حياته وتمرسه في الإحساس بنبض الشعب المصري وتطلعاته وآماله منذ بداية الستينيات في القرن الماضي، ومازال على نفس الإحساس مع اختلاف في النظرة والزاوية، والممارسة التي أكسبته حنكة ومرونة وعقلانية تختلف عن نظرة الشباب في جيل الستينيات، حيث الفوران الفكري والآمال العريضة، فهو أكثر واقعية وأكثر مرونة وأكثر رزانة.

الثالثة: حرصه على الحفاظ على البعد الإنساني، وأذكر واقعة لمست شغاف قلبي أثناء تعرض زميلنا في المجلس القومي لحقوق الإنسان لمرض عضال وهو المغفور له صلاح عامر، وكان مفيد شهاب مكرساَ كل وقته واهتمامه لكي يحظى صلاح بالرعاية الصحية الكاملة ونقله للعلاج في ألمانيا، ولكن قضاء الله لا مرّد له. هذه اللفتة الإنسانية تنم عن الروح والإحساس الشفاف لدى مفيد.

الأكثر من ذلك حبه المستفيض للبحرين وإيمانه بمستقبله ولذلك أسعدني أن أكون عضوا معه في مجلس إدارة جمعية الصداقة المصرية البحرينية، والتي يترأسها، ولذلك كنت حريصا على مفاتحته في ضرورة تنشيط هذه الجمعية رغم مشاغله العديدة، وصديقي مجدي المتولي المستشار بمجلس الدولة هو الذي كان شعلة في الجمعية ولابد أن يعود للنشاط السابق له في هذا المجال، وهو ما اقترحه مفيد وأيدته بقوة.

فالعلاقات المصرية البحرينية عميقة والمودة بين القيادتين والشعبين خالصة وربما يجمع بينهما العمق الحضاري التاريخي مع اختلاف في الدرجة ولكن المعدن واحد، وعمق الحضارة هو الأهم لأنه يعبّر عن المبادئ والقيم الأصيلة.

من هنا كانت سعادتي غامرة للمشاركة في تكريم مفيد شهاب ومنحه درع اتحاد الحقوقيين العرب الذي كان هو من مؤسسيه في منتصف السبعينيات من القرن الماضي. ولن أتحدث عن حب شهاب للبحرين وشعبها وإعجابه بتطورها فإنني أشاركه ذلك الحب والإعجاب.

ولكن أتحدث عن حرصه على الحضور والمشاركة في اتحاد الحقوقيين العرب وتكريمه في البحرين ولقاءاته مع القيادة الرشيدة وحمله رسالة من الرئيس حسني مبارك متعه الله بالصحة والعافية.

إن مصر اليوم في أشد الحاجة للفكر الحقوقي المستنير والذي يعيد الدور الإيجابي للحقوقيين، وأذكر من التاريخ المصري أن كليات الحقوق كانت تخرّج أجيالا ممن دافعوا عن حرية مصر واستقلالها وقادوا مسيرتها وذلك قبل بروز جيل العلوم السياسية الذي أنتمي إليه وكلاهما له الأساس القانوني وعليهما تعقد الآمال في نهضة مصر واستمرارية مسيرتها. وتهنئتي لشهاب على درع اتحاد الحقوقيين العرب وشكرا لمملكة البحرين على احتضانها مؤتمر اتحاد الحقوقيين العرب وللعراق القومي العربي على احتضانها المقر الدائم لاتحاد الحقوقيين العرب منذ نشأته في منتصف سبعينيات القرن العشرين

إقرأ أيضا لـ "محمد نعمان جلال"

العدد 2767 - السبت 03 أبريل 2010م الموافق 18 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً