العدد 2784 - الثلثاء 20 أبريل 2010م الموافق 05 جمادى الأولى 1431هـ

إرهابي بأي اسم آخر

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

متى لا يُعتبر الإرهابي إرهابيا؟ عندما يُعرّفه الإعلام في الولايات المتحدة (أو يعرفها) بالمسيحي. ومتى لا تُعتبر مجموعة إرهابية إرهابية؟ عندما يسميها الإعلام في الولايات المتحدة «ميليشيا معادية للحكومة».

الاستثناء حي يرزق ويترعرع عندما يعود الأمر إلى تغطية العنف باسم الدين، كما ثبت في حالة تنظيم هوتاري في ميشيغان، وهي مجموعة وصفها الإعلام بالميليشيا بعد حملات شنتها هيئة التحقيقات الفيدرالية كشفت عن مخازن أسلحة غير قانونية، ومؤامرة لقتل ضباط شرطة، و»شنّ حرب» ضد الولايات المتحدة.

لم ينكر زعيم المجموعة المدعو ديفيد بريان ستون والبالغ من العمر 45 عاما حقيقته، بعد أن أطلق اسم «هوتاري» على مجموعته، ومعنى التعبير حسب موقعه على شبكة الإنترنت «المحارب المسيحي». شعاره جملة من إنجيل يوحنا 3:15 «لا يملك الإنسان حبا أعظم من هذا، أن يضع الإنسان حياته في خدمة أصدقائه».

يبدو سلوك هذه المجموعة مماثلا جدا لسلوك هؤلاء الذين يطلق عليهم الإعلام لقب «الإرهابيين».

إلا أن جوشوا ريت ميللر من محطة فوكس الإخبارية وصف الهوتاري في تقرير يوم 29 مارس/ آذار بأنهم «ما مفاده مجموعة ميليشيا أساسها الدين المسيحي». وفي سياق مماثل، عرّف نيك بنكلي وتشارلي سافج من النيويورك تايمز ستون والهوتاري، بنوع من الاعتذار على أنهم «متشددين مسيحيين» في تقريرهما يوم 29 مارس/ آذار. ويأتي هذا رغم حقيقة أن المجموعة لم تقم فقط بتخزين السلاح والانخراط في أعمال تدريب تشبه أسلوب عمل تنظيم القاعدة، وإنما قامت كذلك بالتخطيط لتفجيرات مرتجلة تعتمد على تلك التي يستخدمها الإرهابيون في العراق.

تسيطر «النيويورك تايمز» على نفسها بشكل إيجابي في جزء «مواضيع التايمز» لتتجنب استخدام تعبير «إرهابي». وهي تصف مجموعة الهوتاري بأنهم «مجموعة ميليشيا مسيحية مركزها ميشيغان»، وتعكس لغة وزير العدل الأميركي إيريك هولدر بوصفهم بـِ «متطرفين معادين للحكومة».

هل أصبحنا نحتفظ بتعبير «إرهابي» هذه الأيام للمسلمين فقط؟ ليس لدى إعلام التيار الرئيس الأميركي في تغطيته لقصص مثل إفشال خطة تفجير كنيس يهودي في نيويورك في مايو/ آيار 2009 أو محاولة عمر فاروق عبد المطلب تفجير طائرة فوق مدينة ديترويت، مشكلة فيما يتعلق ببحث «خطط إرهابية جرى إفشالها». يغذّي مثل هذا التحفظ الخوف من «الآخرين» المسلمين. وهي أيضا تبني ثنائية «نحن مقابل هم» ضمنية بين «أميركا المسيحية» بشكل واسع و»العالم المسلم» التوحيد حسب الادعاء، كما أشار العالم السياسي الأميركي صامويل هنتنغتون في نظريته حول «صدام الحضارات».

يُنظَر إلى الدين أحيانا كثيرة على أنه مصدر العنف الإرهابي، بدلا من كونه واحدا من أدواته الأكثر فاعلية. وكما ناقش سكوت شين في مقال له في النيويورك تايمز يوم 4 أبريل/ نيسان تحت عنوان «إلقاء قنبلة الكلمة»، نحن بحاجة لجدل حواري نشط حول التعابير التي نستطيع استخدامها في الحالات التي نتعرض لها. يستطيع الصحافيون مد يد المساعدة من خلال ممارسة الاستقامة، والإشارة إلى حالات وضع مجموعة ما ككبش فداء واستثناء مجموعة أخرى من السلوك المخزي المتعلق بتعابير مثل «إرهابي».

ينكمش مسيحيو التيار الرئيس مثلي عندما يتم تعريف مجموعة مثل هوتاري بأنها «مسيحية». ربما تستطيع هذه الحادثة أن تساعد أميركيين آخرين بالشعور المعمق مع ما يحّس به ما يقارب 1,5 مليار مسلم في كل مرة خلال السنوات القليلة الماضية عندما كانوا يسمعون تعبير «مسلم إرهابي» أو، وهو الأسوأ: «إرهابيون مسلمون».

ربما يشكّل «معاملة الآخرين كما نحب أن نعامَل نحن» قانونا جيدا يتبعه الصحفيون ويصلح لنا جميعا.

وهذا يعني تسمية الإرهابي، بغض النظر عن خلفيته، بهذا الاسم بالضبط.

* أستاذ في تاريخ المسيحية بشمال أميركا في كلية العلوم الدينية بفيلادلفيا ومؤلف «إمبراطورية التضحية: الأصول الدينية للعنف الأميركي»، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2784 - الثلثاء 20 أبريل 2010م الموافق 05 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً