العدد 2788 - السبت 24 أبريل 2010م الموافق 09 جمادى الأولى 1431هـ

وانفض المجلس!

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

هل نحن أمام مفترق طرق حقيقي في مسيرتنا السياسية في البحرين؟ سؤال لابد أن نطرحه على أنفسنا اليوم وقد بقي من عمر مجلسنا الثاني أسبوعان بعد أن أعلن جلالة الملك فض دور الانعقاد الحالي.

لقد بدأت التجربة البرلمانية بعد مشروع إصلاحي مستنير استهل مسيرة الديمقراطية البحرينية المعاصرة، جربنا فيه المجلس دون معارضة بعد قرار مقاطعة الانتخابات. ثم تبدل الزمن فاتخذت المعارضة قرارها بأن تشارك، لنجرب مجلساً جديداً بتشكيلة تضم ثمانية عشر نائباً محسوباً على المعارضة وتصطبغ إجمالاً بصبغة إسلامية بامتياز.

وهاهي التجربة الثانية إلى أفول، فما هو الجديد الذي يمكن أن نراه مع تجربة ثالثة؟

وهل نتوقع أية مفاجآت صاخبة في اللعبة السياسية التي تشكلت وتدعمت أركانها أصلاً منذ زمن؟

يعد العمل البرلماني عملاً تراكمياً، يحتاج إلى الكثير من الصبر والتأني والضغط وسنوات من الخبرة والحرفية، وفوق ذلك كله يحتاج إلى أسس قانونية وتشريعية يستند عليها في ممارسته لعمله. وعندما نراقب تجربتنا النيابية البحرينية، سنجد وقتاً طويلاً خصصه المجلس لمناقشة وتثبيت بعض الدعائم التي كان يفترض أن تكون مثبتة أصلاً لتسمح بعمل برلماني حقيقي. تعديل اللائحة الداخلية للمجلس، قصة قانون التقاعد لمجلس النواب مع كل ما صاحبها من إشكالات، التعامل مع الوزراء في الأسئلة والردود، مشروعات القوانين وطريقة تقديمها وصياغتها، تأسيس أعراف يتفق عليها نواب الكتل جميعها في التعاطي بين بعضهم البعض، كلها أمور إجرائية وشكلية لا تبدو مهمة، وكان من المفترض أن تكون مثبتة وموجودة بالفعل، لكن المجلس كان مضطراً إلى تثبيتها حتى لا تشكل عراقيل في عمله. غير أن مما يؤخذ على المجلس الحالي هو أنه أهدر الكثير من الوقت والجهد في هذه الأمور الشكلية التي لا نقلل من أهميتها هنا، ولكن نلفت في مقابلها إلى أهمية الدور الذي كان يفترض أن يلعبه في المرحلة السياسية التي شكل معالمها في السنوات الأربع الماضية.

يتندر الكثيرون بأن المجلس النيابي الحالي «لم ينجز شيئاً»، وأنه التفت إلى قضايا هامشية وصراع داخلي بدل أن يلتفت إلى القضايا الكبرى، وأنه فجر في الوقت بدل الضائع قضية كبرى ترتبط بأملاك الدولة، ولكن الوقت لن يسعفه لإرجاع الأملاك، كلها اتهامات موجودة، ولكن السؤال الذي يأخذنا خطوة أخرى للأمام هو: هل كان يمكن لمجلس كهذا بتركيبة كهذه وصلاحيات كهذه وتجربة زمنية كهذه أن ينجز أكثر مما أنجز؟ وأي إنجاز إضافي نتوقعه لو كانت تركيبته مختلفة مثلاً، أو أولوياته أخرى؟

مجلس النواب بالنهاية هو أحد أشكال الممارسة الديمقراطية في مجتمعنا، وهو سلطة تشريعية تعنى بتشريع القوانين وصياغتها والرقابة على السلطة التنفيذية، يجب تقييم ما قدمه المجلس في هذا الإطار المرتبط بمهماته المحددة، «فضعف» مجلس النواب ليس هو السبب الوحيد لكل المشكلات التي نعاني منها في مجتمعنا، بل ربما يكون إفرازاً طبيعياً لهذه المشكلات.

التجربة الديمقراطية تمتلك مؤسسات رسمية وأهلية ومجتمعية، تنفيذية وتشريعية وقضائية وإعلامية، عليها جميعها أدوار متعددة تصب في صالح إصلاح المجتمع، وضعف هذه المؤسسات جميعاً، هو الذي يسبب هذه المشكلات، أو يساهم في العجز عن حلها.

هل سيتغير إنجاز مجلس النواب لو تغيرت تركيبته، لو دخله الليبراليون والتكنوقراط هذه المرة وساهموا في تشكيله مثلاً؟

يجب أن لا نتفاءل كثيراً بذلك، فالمعطيات السياسية واحدة لم تتغير، وتغيير أشكال اللاعبين وأسمائهم لن يغير في واقع الأمر شيئاً، ما سيغيّر ربما هو استراتيجية اللعب، استراتيجية التعامل مع قواعد اللعبة الموضوعة سلفاً والتي يفترض أن جميع القوى السياسية داخل وخارج البرلمان قد فهمتها الآن. لذلك فإن المسئولية كبيرة جداً هذه المرة على الناخبين الذين اكتشفوا كافة أوراق اللعب واللاعبين الرئيسيين والاحتياطيين ولم تعد هناك أي مفاجآت.

عليهم مسئولية تاريخية أن يختاروا بعناية شديدة، فليس لدينا وقت طويل للاستمرار في التجارب وتكرار الأخطاء

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 2788 - السبت 24 أبريل 2010م الموافق 09 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • ياسين جمعه | 3:44 م

      عجبني الموضوع

      بتوفيق

    • زائر 5 | 11:19 ص

      14 نور :: وجهة نظر الوفاق التي أتفق معها بكل جوارحي

      وجهة نظر الوفاق التي أتفق معها بكل جوارحي وهي إن لم ندخل تركنا المجال لمن يريدون شقلبت الأمور و التغطية على المستور واللعب بقوانين الدستور فإن تركنا لهم المجال أحالوه إلى مقصلة تقطع رؤوس المواطنين ولكن إن دخلنا فسنكون على مقربة من الأحداث ومحاولة التغيير من الداخل عل وعسى أن نستطيع وبين الإثنين يمكننا إستخراج البطائن من حقوق المواطن وبهذا كسبنا بضعت أشياء ولم نخسر كل شيئ فمن هم تحت قبة البرلمان من الوفاقيين هم أناس مثقفون متعلمون دارسون أصحاب خبرة ودراية وسياسيين محنكين لا تفوتهم الفائته وهم لها

    • زائر 4 | 10:59 ص

      خلصنوا خلاااص

      والمعاقين مااستافدوا شي منهم غير زياده 50 دينار فقط ...والله حاله مايحسون مايشوفون الدنيا غلا والعلاج واحتياجات المعاقين تتكلف وايد

    • زائر 3 | 6:52 ص

      يجب أن لا نتفاءل كثيراً

      يجب أن لا نتفاءل كثيراً فتركيبة المجلس لن تتغير ولا نراهن على الناخبين ايضا، فمعظم من صرحوا برغبتهم في الترشح لا يختلفون كثيرا عمن سبقهم. ومن ذهب للتصويت لهم سابقا سيذهب هذه المرة ا يضا.

    • زائر 2 | 5:48 ص

      لو زين

      دوامنا مثل دوام النواب ... طيحة حظ 40 ساعة اسبوعيةعلى ما ميش معاش ما ياكل و مصاريف لا تعد. والا التقاعد الي جاي ما يحلم فيه حتى الوزراء وسلطان بروناي نفسه.!

    • زائر 1 | 2:14 ص

      برلمان طفل

      اي تجارب الي تتحشين عنها , ما في تجارب ولا شي , برلمانا طفل ما يكبر , لان عقارب الساعه عنده متوقفى, هذا اذا كان في احد اشوف الساعه اصلن, نواب اناقشون اتفاقيات دوليه خطيره على التطور العلمي وأحنا للحين موقادرين انوقف حرامي في الطريق, بسكم اهرار.

اقرأ ايضاً