العدد 2791 - الثلثاء 27 أبريل 2010م الموافق 12 جمادى الأولى 1431هـ

التربية المدنية مقابل التربية الأمنية

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

أوردت صحيفة «الحياة» (النسخة السعودية) في 17 أبريل/ نيسان 2010، أن مسـئولين أمنيين وأكاديميين وتربويين سعوديين، بدأوا البحث على مدار شهر كامل عن أنجح الوسائل لمحاربة التطرف الفكري، وتعزيز الأمن الوطني، والوسطية، وذلك في «ملتقى التربية الأمنية الأول»، الذي تعتزم لجنة تعزيز الأمن الفكري (أمان) في إدارة التربية والتعليم (بنين) إقامته. وقالت الصحيفة إن الملتقى، الذي تشارك فيه جهات تعليمية وأمنية وأسرية وخيرية، يهدف إلى «تعميق الولاء لله ولكتابه، ولرسوله (ص)، ثم لولاة الأمر، ونشر الوعي بين أوساط منسوبي الإدارة، حول أدوارهم ومسئولياتهم في المحافظة على أمن الوطن، وتحصين عقول الناشئة ووقايتهم من الانحرافات الفكرية والسلوكية، وكذلك تعزيز الوسطية والتسامح والتعايش لدى منسوبي الإدارة، إضافة إلى تحقيق التواصل بين منسوبي الإدارة والمسئولين في المستويات كافة، وتوضيح الخصائص الشرعية والمادية والتربوية والحضارية للوطن، وبيان مقدار التضحيات والجهود التي بذلت في بنائه والمحافظة عليه، وإيضاح التحديات التي تواجهها قوته وبناؤه».

إن مثل هذا المؤتمر يُعتبر خطوة تصحيحية، وهو يُعبر عن واقع المناهج التربوية في منطقتنا، التي بدأت منذ الخمسينيات من القرن الماضي في تعميق الحس القومي العربي، ومن ثم انتقلت خلال العقود الماضية لتعميق الفهم الديني بحسب هذا التفسير أو ذاك. ولكننا كمواطنين خليجيين نحتاج إلى أن يكون في متناول أيدينا منهج متطور من شكل آخر، وهو منهج يعتمد على مفهوم «التربية المدنية» لربط المواطن بتاريخ بلده ومنطقته، بل ويربطه بأهمية دوره في عالم يتحدث عن حقوق الإنسان والديمقراطية والحفاظ على البيئة وأهمية الحوار بين الثقافات وضرورة تأهيل الأفراد بالمهارات اللازمة للنهوض بالمستويات السياسية والاقتصادية والثقافية في مجتمعاتنا المتداخلة.

إن مفهوم المواطنة بالمعنى المطروح في منهجية «التربية المدنية» مازال مُغيَّباً بصورة عامة، وهذا الأمر لا يعني دولة أو دولتين عربيتين بل هو أمر متفشٍّ في مختلف دول المنطقة التي قد تتغنى بمناهج التربية الوطنية بينما هي في الواقع تحتوي معلومات مستهلكة وغير مفيدة، وهذا يتناقض ويخل بالتزامات دول المنطقة أمام المجتمع الدولي، ذلك أن عضوية الأمم المتحدة تعني الاعتراف بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهذا يعني وجوب تعليم مبادئ هذا الإعلان والمواثيق والعهود والاتفاقات المستمدة منه بحيث يعرف كل من يعيش في كنف الدولة حقوقه وواجباته.

إن تحقيق الأمن يأتي عبر الإنسان المستشعر لأمنه من الداخل، وهذا لا يتحقق إلا إذا شعر المرء بكرامته في وطنه وعرف الطرق التي تكفل المشاركة في صنع القرار عبر الأساليب الحضارية والسلمية، وهذا بحد ذاته يصب في المطالبات المتكررة بتطوير المجتمع المدني وترسيخ أسس احترام حقوق الإنسان في مجتمعاتنا. إن مهمة التربية المدنية بناء مواطن المستقبل وهي ليست محصورة بالقطاع التربوي ولكنها مشروع مجتمعي يجب أن تشترك فيه كل المؤسسات والجهات التي تؤثر على تكوين معارف وسلوكيات وقيم المواطن من المدرسة إلى الجمعيات الأهلية إلى وسائل الإعلام والهيئات الحكومية والأحزاب السياسية وغيرها من الهيئات الفاعلة.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 2791 - الثلثاء 27 أبريل 2010م الموافق 12 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً