العدد 2808 - الجمعة 14 مايو 2010م الموافق 29 جمادى الأولى 1431هـ

الفلسطينيون وخيار «الوطن البديل»

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

في فلسطين المحتلّة، يقتحم الحاخامات الصهاينة باحة المسجد الأقصى، بتغطية وحماية من شرطة العدو، في الذكرى الثالثة والأربعين لما أسموه «يوم القدس»، وهي ذكرى احتلال المدينة بشكلٍ كامل، والعمل على تهويدها وتهويد الأقصى أو تهديم بنيانه.

وفيما يتقدّم الصهاينة المحتلّون تحت عنوان «يوم القدس»، يتقدّم العرب على مستوى الأنظمة، ومعهم السلطة الفلسطينية، بخطوات استسلاميّة جديدة نحو العدو عبر بوّابة التفاوض غير المباشر، بحجّة تعريته وكشف سياسته الاستيطانية، فيما يواصل العدو ممارساته الإرهابيّة في الإغارة على قطاع غزّة، وفي الاعتقالات المتواصلة للفلسطينيين داخل الضفة الغربية، والاستيلاء على المزيد من منازل الفلسطينيين في القدس المحتلّة، والمباشرة ببناء وحدات استيطانية جديدة، غير عابئٍ بكلّ المناشدات التي توجّهها السلطة الفلسطينية إلى الإدارة الأميركية، والتي تشبه استغاثة الحمل أمام مجموعة من الذّئاب.

إننا نعتقد أنّ المفاوضات غير المباشرة هي الحفرة الجديدة التي أُريد للشعب الفلسطيني أن يسقط فيها، تمهيداً لإغراق ملفّ القضية الفلسطينية بشكلٍ كامل، تحت ستار الحديث الدولي عن وداعة العرب وتفضيلهم للحلول الجاهزة، فيما يختال عدوهم ويقهقه حيال هذه السذاجة التي لم تمنع مسئولين صهاينة من تأكيد استمرار الاستيطان بوتيرته المعهودة، ودعوتهم إلى دفع الفلسطينيين إلى خيار «الوطن البديل في الأردن»، في الوقت الذي يواصل العدو ترحيل وتهجير وإبعاد المئات من الضفة الغربية إلى قطاع غزّة، بحجّة أنّهم متسللون، وربما يأتي الوقت الّذي يعمل فيه لطرد بقيّة الفلسطينيين وفق الحجّة عينها، لتبقى فلسطين كياناً صهيونيّاً خالصاً للمشروع الصهيوني الذي ما كان ليرى النور لولا تواطؤ عرب الأنظمة وخذلانهم.

إننا ندعو قوى المقاومة والممانعة إلى التلويح بالخيارات الأخرى المتاحة، والعمل على حماية الشعب الفلسطيني الذي يُراد له أن يسقط كفريسة سهلة بين أنياب الاحتلال ومخالب اللعبة الدولية والإقليمية.

أمّا العراق، الذي يمثل الجرح الثاني النازف في الأمّة، فقد دخل في مرحلة دمويّة جديدة عنوانها الاستهداف المباشر للمدنيين الأبرياء، حيث تساقطت عناوين مواجهة المحتل لحساب الانتقام من الناس في شوارعهم ومساجدهم وأماكن عملهم، ليرتاح الاحتلال الذي يتحدّث صراحةً عن أنّ خططه في العراق تسير وفق ما هو مرسوم، ويشير إلى إمكانية الاستمرار في التّواجد في بلاد الرّافدين، من دون أن تنطلق مواقف عربية وإسلامية حاسمة تدين عمليات الإجرام هذه التي يُراد لها أن تتحوّل إلى سياسة قتل يومية روتينية تخدم جماعات التكفير ومن يقف وراءهم.

إننا نحذّر من هذا الواقع الذي دخلت فيه لعبة الأمم إلى قلب الحركة السياسية العراقية، والذي يُراد من خلاله الضغط في أكثر من اتجاه لحساب محاور دولية وإقليمية، بما يعني بقاء العراق في دائرة الاهتزاز الأمني المطلّ على اهتزاز سياسي، وبما يمنع العراقيين من التقاط أنفاسهم على مستوى حركة الدولة والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وهو الأمر الذي يستفيد منه أعداء العراق، لأنّ شرارته الأمنيّة والسياسية تغذّي حال اللااستقرار على مستوى المنطقة كلّها.

إننا أمام هذا الواقع الخطير، ندعو المكوّنات السياسية العراقية، وخصوصاً تلك التي أفرزتها الانتخابات، إلى رفع الصّوت عالياً في رفض مسلسل الإجرام، وإلى البدء بحوارات سياسية حقيقية وواقعية تفضي إلى تشكيل الحكومة الجامعة لهذه المكوّنات، والتي تعمل لقطع الطريق على فريق الإجرام المحلي الذي يتغذّى من مناخات إقليمية ودولية متعددة، وتسرّع الخطى في عملية توحيد العراق في مواجهة أطماع المحتلين والمحاور المتعددة.

أمّا لبنان الذي يأخذ استراحة المحارب هذا الأسبوع، بعدما انتهت جولة أخرى من جولات الانتخابات البلدية، فمحكومٌ عليه بأن يستمع إلى كلمات الزّهو السياسي حول الربح الذي حصده هذا الفريق في هذه البلدة، والخسارة التي لحقت بالفريق الآخر، وتحليلات سياسية تواجهها شروحات مضادّة، لنبقى أمام الملهاة البلدية التي تضاف إلى أكثر من ملهاة سياسية وانتخابية، فيما يستعرض العدو عضلاته النووية، ومناوراته العسكرية الجديدة، ويعلن جهوزيته للانقضاض على البلد مجدّداً، في الوقت الذي يسارع كثيرون في الداخل، وممن هم في مواقع المسئوليّة، إلى التبرُّؤ من كلّ ما من شأنه أن يوحي بدعم المقاومة وحمايتها.

إن ما نحتاج إليه في لبنان، هو فريقٌ من الشخصيات السياسية المسئولة، التي تتطلّع إلى مصلحة البلد من خلال رؤيتها الاستراتيجيّة البعيدة، ولا تجعله رهينةً لحساباتها الشخصية أو الحزبية أو ما إلى ذلك.

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 2808 - الجمعة 14 مايو 2010م الموافق 29 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:44 ص

      14 نور:: العرب وما أدراك ما العرب

      خدام الغرب المخلصين يتكلمون عن العرب الأوائل وصولاتهم وجولاتم وليس لهم الأمر إلى الذكرى فحكامنا صورُ ُ لا أكثر تشغل حيزاً من الوجود لا يمتلكون عنفوان العرب و غيرتهم ونشامة الأوائل فالأوائل كانوا عرب الشهامة و الآن أصبحوا عرب النتانه تشتريه وتبيعه بالمال لا يمكنك الوثوق به ولا أن تأمنه جنبك فالغدر صار طبيعة حكامنا و حب الدنيا و الملك و الجاه أصبح مبتغاهم ومناهم ولا يعبئون بشعوبهم أبداً وبصراحة هم لا يستحقون أن يمشون على أرضنا و لا أن يعيشوا بيننا فهم عابثون فاسدون همه كرسي الحكم.

    • زائر 1 | 3:17 ص

      عبد علي عباس البصري

      يا ايها الذين امنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف ياتي الله بقوم يحبهم ويحبونه اذله على المؤمنين اعزه على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومه لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم . وقال تعالى:
      يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء بعضهم اولياء بعض ومن يتولهم منكم فانه منهم ان الله لا يهدي القوم الظالمين . لا احد يعتقد انه لو تخلى عن اعزاز الدي فأن الدين سيموت لا ثم لا هاهي تركيا وايران على خط الملعب ان تخليتم وانهزمتم فهناك لا عبان قويان وشعبان متماسكان ديموقرا

اقرأ ايضاً