العدد 2812 - الثلثاء 18 مايو 2010م الموافق 04 جمادى الآخرة 1431هـ

التغلب على الحفرة السوداء في الشرق الأوسط

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

حضر جورج ميتشل، مبعوث الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط وذهب، مرة أخرى، وما زالت محادثات السلام معلّقة. ويقول معلق إسرائيلي هو يوسي ساريد متأملاً، «النزاع الإسرائيلي الفلسطيني حفرة سوداء تبتلع سفراء النية الحسنة عبر العصور».

لا أستطيع أن أناقش في ذلك. الحروب الباردة تأتي وتذهب، وتعمل التقنيات الجديدة على تحويل العالم، ولكن صدام الصهيونية والوطنية الفلسطينية في الأراضي المقدسة يتحدى الحلول. أما الآن فيعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الفلسطينيين معلقون على شجرة (شجرة يوكاليبتوس بالذات)، ويعتقد الفلسطينيون أن نتنياهو ثور مخادع (وصف كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لهجة نتنياهو على أنها «تعال إلى هنا يا ولد. نحن نعرف ما هو الأفضل لك».

هل بدأت تشعر بالتفاؤل؟ أعترف أنني بدأت شخصياً أتفاءل، أو بالأحرى، بدأ الشعور الكامل باليأس فيما يتعلق «بعملية السلام» التي حضرت معها إلى إسرائيل بالتراجع. حسناً، ليس هذا تفاؤلاً بالضبط، ولكن كل حسنة لها قيمتها في الشرق الأوسط.

لم تكن رحلة ميتشل من غير فائدة. أفهم أن محادثات التقارب سوف تبدأ مرة أخرى الشهر القادم، حيث سيقوم فريق ميتشل بجولات مكوكية بين الطرفين. سوف تتوقف إسرائيل عن التحريضات من نوع رامات شلومو (تلك الوحدات السكنية الـ 1600 المخطط لها في القدس الشرقية)، وسوف تَعِد أن تكون واقعية، في موضوع الحدود قبل كل شيء وسوف يعد الفلسطينيون، حسناً، أن يحضروا.

ولكن ليس هذا سبب التحسّن في مزاجي. من الصعب الاحتفال بمحادثات التقارب بينما عقد الفلسطينيون والإسرائيليون محادثات مباشرة في الماضي. كلا، ولكنني أكتشف تطورات ثلاثة: أولها أوباما، والثاني فياض والثالث ما أسماه داني أيالون نائب وزير الخارجية الإسرائيلية «حبة السم المغطاة بالسكر»، والتي هي الوضع الراهن. سوف أتعامل مع هذه النقاط الثلاث بالترتيب.

تم نقل رسالة من الرئيس باراك أوباما الأسبوع الماضي إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس. حسبما فهمت، تكلّم فيها الرئيس أوباما عن التزامه القوي، والالتزام الذي لم يسبق له مثيل، بسلام الدولتين، وقال إنه إذا قامت إسرائيل بجدية بإفشال الثقة بين الطرفين فلن تقف الولايات المتحدة في وجه قرار للأمم المتحدة يدين ذلك.

لم يجرِ تقديم أي تعريف أميركي عما يمكن أن تكون هذه الأعمال التي تفشِل الثقة، ولهذا السبب ضغط عريقات على ميتشل في اجتماعهما يوم الجمعة الماضي عما يمكن أن يشكّل «أعمالاً محرضة» من جانب إسرائيل.

ولكن يبدو واضحاً أن أي تكرار لكارثة رامات شلومو المفاجئة، التي أغضبت الرئيس أوباما تحقق شروط أميركا. نهاية المطاف بالنسبة لإسرائيل هي: أوقفوا البناء وأوقفوا المناقصات وأوقفوا أعمال التحريض الأخرى بينما يقوم ميتشل بمهمته المكوكية.

تشكل إعادة أوباما تقييم دبلوماسية أميركا في الشرق الأوسط هزة أرضية. يتعرض أوباما للهجوم والضغط من الأطراف المعروفة، ولكنه سيبقى على الدرب، لأنهُ واقعي ولأن الجنود أخبروه أنه بوجود ما يزيد على 200,000 جندي أميركي في دول إسلامية، فإن الوصول إلى إسرائيل وفلسطين تعيشان جنباً إلى جنب بسلام يشكل مصلحة أمن وطني أميركي حيوية. الحسابات وليس الضمير (رغم أنه يوجد القليل منه) هي التي تدفع السياسة.

هناك تغيير حقيقي في فلسطين الناشئة كذلك. يشكل رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، أهم ظاهرة في الشرق الأوسط. يستحوذ الأمن على تفكير فياض، وهو ليس استحواذاً ينعكس في قوات الشرطة التابعة للسلطة الفلسطينية المتواجدة دائماً في الضفة الغربية، وببناء مؤسسات الدولة والاقتصاد. وهو ليس مهتماً بإظهار الفلسطينيين كضحية. السرد الروائي لا يطعم عائلة واحدة، فهو يريد مستقبلاً، وهو يؤمن بأن اللاعنف هو سبيل الوصول إلى هناك. وهو يحصل على بعض المساعدة من نتنياهو في مجال الاقتصاد (ولكنه يحتاج إلى المزيد)، والتعاون الأمني المستمر.

يستطيع فياض أن يطمئن الإسرائيليين أنهم سيحصلون على دولة يعتمد عليها عبر الحدود، وليس حصان طروادة إيراني. بناء المؤسسات الفلسطينية هو الرد الأفضل على نقاش إسرائيل بعدم وجود من يتكلمون معه.

أما في داخل إسرائيل فيقترح الاقتصاد المنتعش والهدوء يوماً بعد يوم أن السلام ليس بالأولوية المهمة. إلا أن الاستطلاعات تُظهِر أن الغالبية تشعر أن الدولة تسير في الاتجاه الخاطئ. لا يمكن لفضائح الفساد المستشري وحدها أن تفسّر ذلك. وكما أخبرني أيالون، «ليس لدينا حدود شرقية». تواجه الدول التي لا حدود معينة لها وقتاً صعباً في الاعتقاد بأنها تسير بالاتجاه الصحيح.

يخبرني ذلك بأن لدى نتنياهو اهتماماً محتملاً، بغض النظر عن أشرطة الفيديو التي تنشرها حماس عن الجندي المختطف جلعاد شاليط، في الوصول من الوضع الراهن إلى الوضع الدائم. ميتشل يعتقد ذلك أيضاً. سئل عن نتنياهو أثناء زيارته، وحسب الملاحظات المكتوبة التي رأيتها، أجاب قائلاً: «أعتقد أن نتنياهو جاد وقادر ومهتم في التوصل إلى اتفاقية. ولكن ما لا أستطيع قوله هو ما إذا كان راغباً في الموافقة على ما نحن بحاجة إليه للوصول إلى اتفاقية».

اختتم ذلك الاجتماع بقول ميتشل «سألتني إذا كنت أعتقد أن نتنياهو جاد. هم يسألون السؤال نفسه، أنت خبير في السياسة الفلسطينية الإسرائيلية. وهم كذلك أيضاً. ولكن أحداً في العالم لا يعرف السياسة الأميركية أفضل مني، وهذا ما أقوله. لم يكن هناك في البيت الأبيض في يوم من الأيام رئيساً ملتزماً في هذه القضية، بمن فيهم كلينتون وهو صديق شخصي، ولن يكون هناك واحد، على الأقل ليس في حياة أي واحد في هذه الغرفة. لا تستسلم بعد، حتى لو قال التاريخ، وحماس أن السلام حلم وأن ميتشل هو التالي في تلك «الحفرة السوداء».

* كاتب عمود في« الإنترناشيونال هيرالد تريبيون»، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2812 - الثلثاء 18 مايو 2010م الموافق 04 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً