العدد 2823 - السبت 29 مايو 2010م الموافق 15 جمادى الآخرة 1431هـ

عنف «التنمية» و«استئساد» مركز «بتلكو» لحالات العنف الأسري

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

علينا الاعتراف بأن مؤسسات المجتمع المدني في البحرين تعاني من الضعف. فلو اقتربت من مشكلات هذه المؤسسات ستكتشف سوء الإدارة، التخبط، تشتت الجهود، غياب التمويل وضعفه، علاوة على مجتمع يعاني من غياب ثقافة العمل التطوعي ولا يفرز ببساطة كوادر يمكنها أن تخدم هذا المجتمع المدني وترقى به.

يساهم في خلق واقع الضعف هذا أيضاً وجود مؤسسات حكومية تعمل في نفس الاتجاه ولتحقيق أهداف مشابهة أحياناً، ولكن بأجندات أخرى، وبموارد مالية أكبر، وقوة تستمدها من شرعية وجودها وقانونيتها. فلا عجب أن نشهد وبشكل متكرر تنافساً بين القطاع الأهلي ممثلاً في مؤسسات المجتمع المدني، والقطاع الحكومي ممثلاً في الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية.

ثقافة التنافس هذه محمودة ومطلوبة لتحريك القضايا والملفات، ولكن عندما يصل الأمر إلى حد التصادم والتراشق والقضايا والمحاكم، فيجب حينها التوقف والنظر في أبعاد ما يحصل وتبعاته. مثال ذلك القضية التي أثيرت مؤخراً حول مركز بتلكو لحالات العنف الأسري والتي أحالت من خلالها وزارة التنمية الاجتماعية مديرة المركز للنيابة العامة أخيراً لتواجه تهماً جنائية وإدارية، فيما ينظر القضاء في هذه القضية بعد أيام.

دار الكثير من اللغط حول هذه القضية، وخصوصاً أنها ليست المرة الأولى التي تعالج فيها وزارة التنمية الاجتماعية مشاكلها مع بعض المؤسسات و»مديرات» بعض المراكز الاجتماعية بنفس الطريقة. ودون الدخول في تفاصيل التراشق والخلاف الذي حصل بين مديرة مركز بتلكو وبين الوزارة، ودون الدخول في نوايا أي من الطرفين، النتيجة التي نراها أمامنا اليوم هي أن هناك مركزاً اجتماعياً بحرينياً يقدم خدمات مجانية للمعنفين أسرياً، يشتبه في أن يكون قد تم استغلاله والمتاجرة به مادياً وإدارياً منذ بدايات تأسيسه «مثلما ورد في لائحة التهم» - وهو المركز الذي تأسس منذ أكثر من ثلاث سنوات - وأنه عرضة للإقفال وحل مجلس أمنائه بناء على دعاوى قانونية تقدمت بها وزارة التنمية الاجتماعية، وهي الجهة الرسمية التي يفترض أن تحتضن هذا النوع من المراكز الاجتماعية بل تباركها.

خلل كبير هذا الذي يحصل في هذه القضية، فمن جهة توجد شكوك في استغلال مركز اجتماعي غير ربحي يخدم المعنفين أسرياً من أجل التربح المادي أو الحصول على الوجاهة الاجتماعية عبر ارتكاب مخالفات إدارية. ومن جهة أخرى هناك شكوك في أن تكون المؤسسة الرسمية ناقمة على مؤسسة اجتماعية خاصة «استأسدت» خارج مظلتها الرسمية وكان من الضروري تلقينها درساً «مبرحاً».

النتيجة في الحالتين أن هذه الشكوك وهذا الخلاف الذي وصفه البعض تهكماً بأنه «نسائي» قاد إلى قضية ستعرض أمام المحكمة بعد أيام، وبغض النظر عن نتيجتها ستحدث بالضرورة شرخاً أعمق في علاقة هذا المركز مع الوزارة. العلاقة التي يفترض بها أن تكون تعاونية وتكاملية، وليست ندِّية أو تصادمية، وليس فيها الكثير من التخوين وتبادل الاتهامات والشكوك.

القانون الذي يحكم المجتمع المدني في البحرين يحرص تمام الحرص قبل إنشاء أي مؤسسة على تحديد نشاطها وقطع أجنحتها عن الطيران إلى فضاء آخر منذ البداية، فهو بالتالي يضع لها سقفاً محدداً لا تتحرك إلا بإطاره، وهو في المقابل لا يراقبها أو يحاسبها على أخطائها الإدارية إلا إذا استأسدت عليه وشقت عصا الطاعة. فكم من أخطاء إدارية ومالية ترتكب في مؤسسات المجتمع المدني، وكم من شخصيات استفادت من عملها الاجتماعي لمصالح شخصية ولظهور إعلامي باسم عملها التطوعي ذاك، وحققت مكاسب مالية واجتماعية لا حصر لها. غير أن يد المحاسبة لم تطرق أبواب هذه الشخصيات بعد، لأنها ببساطة لم تستأسد. ولو استأسدت سيتم فتح ملف مخالفاتها الإدارية والإجرائية الذي سيكون بالضرورة عامراً.

يقال بأن الدولة القوية هي التي تمتلك مجتمعاً مدنياً قوياً، وفي هذا المجتمع المدني لا يتم استغلال ملفات اجتماعية من قبل أفراد لتحقيق أغراض ومصالح شخصية، كما لا تقوم المؤسسات الرسمية باحتكار العمل الاجتماعي أو مهاجمة من يحاول انتقادها فيه.

في الدولة القوية يعمل الطرفان جنباً إلى جنب بقوة واستقلالية، هدفهما معاً هو صالح المجتمع، وليس تفوق أحدهما على الآخر.

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 2823 - السبت 29 مايو 2010م الموافق 15 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 8:07 ص

      العدل

      مع كل الاسف الاكفاء والاكادمين والناجحون مغيبون ولايوجد صدر يحضنهم فى ديرتهم لان الحكومة صدرها ضيق فيجب احتضان الجميع لان الوطن الى الجميع.
      ابو السادة

    • زائر 6 | 4:42 ص

      موضوعي مختلف

      شكرا وزارة التنمية ومتى الفرج يا وزارة الصحة؟
      كنا نتلقى دعم كبار السن المعاقين من قيل دار بنك البحرين-وزارة التنمية وجميع الأمور كانت تسير بنظام وانضباط ومنها توفير احتياجات المسن المعاق (كالحفاظات) ومن يوم استلمت الصحة المسؤولية والموازنة! ما شفنا منهم ولا حاجة ولا شي ؟ لماذا؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أغيثونا ايها لمعنيون

    • زائر 5 | 3:14 ص

      بنت الوادي

      ابي اتحطون تعليقي
      انا من المعجبين بكي يا بنت الوادي ربما انني لا افهم بأمور بلدكم لكن ما دام انتي كاتبته اكيد بكون عدل
      عز الله مقامش
      المعجب بكي ي ع السعودية

    • زائر 4 | 3:10 ص

      تمرد

      لما كانت وزارة التنمية تحت مظلة وزارة العمل كان اداءها افضل بكثير ، ولكن وضعها الان ما نشوف الا تمرد على الجميعات بالذات التطوعيه وتطفيش العمل التطوعي والي دائماً نحن نطالب به لشح الامكانيات .. الف شكر على قلمك الحر

    • زائر 3 | 2:48 ص

      وزارة غريبة

      انا ما شفت في الدنيا وزارة تنمية اجتماعية شغلتها محاربة مؤسسات المجتمع المدني والتضييق عليها، بالذات ما فعلته بالصناديق الخيرية التي تعمل على مساعدة الوزارة في تحقيق اهدافها بمحاربة الفقر.

    • زائر 2 | 2:30 ص

      منورة

      كلام موضوعي ومتوازن، بس وين اللي يسمع. منورة ودام قلمك..

    • زائر 1 | 1:39 ص

      عنف «التنمية»

      الظاهر ان الخلل يا من الوزارة وعدم دبلوماسيتها في حل الامور او في مستشارينها ..

اقرأ ايضاً