العدد 2823 - السبت 29 مايو 2010م الموافق 15 جمادى الآخرة 1431هـ

ما هي معايير التعيينات في الحكومة؟!

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

ربما تكون هذه الإشكالية من إحدى أبرز الإشكاليات المسكوت عنها رغم أهميتها الكبيرة والتي تحتاج من الجميع إلى وقفة حقيقية لضمان تحقيق المبدأ الدستوري في تكافؤ الفرص، واليوم بسهولة نرى أن غياب مرجعية مهنية واضحة للتعيينات نتيجتها هو تخبط العديد من الوزارات والأجهزة الرسمية، ولنبدأ بسؤالٍ واحدٍ: من بين مئات المناصب الرسمية، كم من مسئولٍ يناسب موقعه؟!

رغم مرور عشرة أعوام على بدء الإصلاحات السياسية والاقتصادية نصطدم اليوم بحقيقة مُرَّة: لا توجد آلية واضحة لمعايير التعيينات في البحرين على مختلف المستويات، وإذا كانت المناصب الوزارية تأخذ بعداً سياسياً أحياناً، وإن كان ذلك ليس مبرراً كافياً لتبوء أي شخص للمقعد الوزاري، فإنه في الحد الأدنى يجب أن تؤطر جميع المناصب دون ذلك بمواصفات محددة في التعيينات، ويجب أن يتحلى من يتم تعيينهم بحد أدنى من الكفاءة والخبرة والنزاهة وإجادة مهارات التواصل والاتصال مع المجتمع والحكمة في التعاطي مع وسائل الإعلام.

علامات استفهام كثيرة تدور بشأن معايير التعيينات في كافة المناصب القيادية في وزارات ومؤسسات الدولة، واليوم نرى بأم أعيينا أن عدداً من المسئولين يفقدون اللباقة والكياسة في التعامل مع ذوي الصلة بمنصبهم الحكومي، هذا بجانب مصيبة أكبر وهي فقدان ألف باء المعرفة بطبيعة ودور المؤسسة التي يعينون على رأسها.

إذا بدأنا الحديث عن السفراء، فإن من البديهي أن يتمتع الشخص الأول في قيادة البعثات الدبلوماسية للبحرين في الخارج بمؤهلات وقدرات تتناسب مع طبيعة المهمة التي يقوم بها لتمثيل المملكة في الخارج. ولهذا السبب تحديداً نجد خمولاً واضحاً يعتري نشاط بعض السفراء في عدد من العواصم المهمة، وهذا يدفع للتساؤل: كيف يعين سفير وهو لا يمتلك أية خبرة عن البلد الموفد إليه مما يضع السفير والسفارة في حرج شديد في قبالة سفراء متمرسين.

ففي غالبية الدول يعرض السفراء المرشحون على محك الاختبار في عدة دوائر، أبرزها اجتياز اختبار وزارة الخارجية ومن ثم يعرضون أمام لجنة الشئون الخارجية في البرلمان ويخوضون دورات مكثفة في علوم السياسة والاتصال، هذا مع مراعاة أن الحالة العامة هي أن يملك المرشح لمنصب السفير خبرات متراكمة في السلك الدبلوماسي بعد أن مر بالتراتبية الطبيعية في خدمة سفارات بلاده في مناصب مختلفة.

ولي تجربة شخصية مع بعض الوزراء الذين لا علاقة لهم بمناصبهم، ومن باب المثال فقط سألت أحد الوزراء في ندوة عامة عن قوانين من صميم مهمات وزاراتهم، ولكنني وجدت الارتباك والإحراج في عيون هذا الوزير، أدركت حينها وكذلك جميع من حضر الندوة أن الوزير لا علاقة له بوزارته لا من قريب ولا من بعيد، ولا أخفيكم أنني ربما ندمت لاحقاً على إحراج الوزير من غير قصد ولكنها الحقيقة المرة!

أما بالنسبة للوكلاء والوكلاء المساعدين والمدراء ومن في حكمهم فإنه بات من الضروري أن تضع الدولة مواصفات لمن يشغر هذه المناصب القيادية، ومن أهم المواصفات المفترضة: أن يتحلى المسئول برصيد معقول من الخبرة في الجهاز الحكومي الذي سيعيّن فيه لمعرفة بواطن الأمور وأسرار المؤسسة وتحدياتها المختلفة، والعامل الآخر هو فن التعامل مع الموظفين وكذلك امتلاك مهارات التواصل مع المجتمع وفن التعامل مع وسائل الإعلام بالإضافة إلى عدد من المهارات الأساسية في الشخص القيادي لإدارة فريق العمل واتخاذ القرار. ويمكن الاسترشاد بالتجارب الناجحة لمعايير التعيينات في عدد من الدول حتى القريبة منا.

وخلال السنوات الأخيرة برزت على السطح مشاكل كثيرة في عدد من الدوائر الحكومية بسبب عدم كفاءة المسئولين، خصوصاً في الوزارات الخدمية التي تتطلب تعاملاً واحتكاكاً يومياً مع شتى شرائح المجتمع. وسيكون مفيداً جداً لو عرضت الدولة السيرة الذاتية مع المؤهلات لكل من يشغل موقعاً حكومياً بدءاً من الوزراء ومن يشغلون درجة الوزير والسفراء وأعضاء المجالس المعينة وممثلي الحكومة في مجالس إدارات الشركات، والبعض لا يحسن تركيب جملة على أخرى، فكيف سيتصرف في محافل تتطلب الفراسة في التعبير!

وهنا يمكن الإشارة بالبنان إلى تجربة واضحة، وهي تعيينات مجلس الشورى، فبعد الاعتزاز والتقدير لعدد من الكفاءات في هذا المجلس نجد أعضاء ليسوا قلة، يجهلون مبادئ العمل البرلماني، فبعض الشوريين لم يرفع أصبعه للنقاش طوال أربع سنوات من عمر الدورة البرلمانية، ولم يقدم سؤالاً لوزير ولم يبدِ رأياً يعتدّ به لا في جلسات المجلس العامة ولا في اللجان البرلمانية، ولم يرفع اقتراحاً بقانون، هناك من الأعضاء لا فرق بين حضوره وغيابه، والمهمة الوحيدة التي يحرص على القيام بها في المجلس هو الوقوف أولاً في طابور «البوفيه» بعد كل جلسة!

وعلاوة على ذلك، لا أرى سبباً وجيهاً أو منطقياً لمنح 8 مناصب في يد شخصٍ واحد مهما كانت القدرات الخارقة لهذا المسئول، فهل خلت البحرين من الكفاءات الأخرى حتى يستلم شخص واحد 8 رواتب ومكافآت من الدولة، وهذا إجحاف كبير بحق كفاءات أخرى لا تأخذ حقها في التعيينات بما يتناسب مع مؤهلاتها، بل الأدهى أن شريحة واسعة من الكفاءات البحرينية يحزّ في نفسها بأن ترى أن بعض المناصب التخصصية تذهب إلى من ليس أهلاً لها.

ومن الأهمية بمكان أن تبتعد التعيينات في الدولة عن الاعتبارات السياسية والمذهبية والقبلية والعرقية أو الولاء بمفهومه الضيق، لأن بعض التعيينات ذات الاعتبارات الفئوية آلت بالمؤسسات الحكومية إلى الشللية والبيروقراطية وشجعت على نمو الفساد المالي والإداري في مؤسسات بصورة غير مسبوقة، والتقرير السنوي لديوان الرقابة المالية كافٍ لمعرفة نتائج الخلل الناجم عن عدم صواب بعض التعيينات.

حتى يمكن إصلاح هذا الوضع بات من الضروري الاعتراف بأن هناك ثمة حاجة حقيقية لمراجعة آليات ومعايير التعيينات في المناصب القيادية في مختلف مؤسسات الدولة وكذلك السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي البحريني في الخارج، حان الوقت لفتح هذا الملف على مصراعيه تحقيقاً للشفافية والمساواة وتكافؤ الفرص!

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2823 - السبت 29 مايو 2010م الموافق 15 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 7:51 ص

      العدل

      احسن حل قسمة الوزاراة الى نصف سنية ؟نصف الاخر شيعية ---مزحة سخيفة
      ابو السادة

    • زائر 7 | 6:45 ص

      من تعرف

      كما يقال في الانجليزية
      It's not matter what you know but who you know !!!

    • زائر 6 | 5:31 ص

      بعض الوكلاء في احدى الوزارت الخدمية

      حتى يتم ترقيت هداء الشخص ليكون وكيل مساعد تم الاستغناء عن بعض الموطفين اصحاب الخبراء والمؤهل والاخلاق العالية في التعامل مع الناس -ليقولو لايوجد الى هداء الشخص الى هدا المنصب وتم ترقيتة واعطاءة الدرجات والمكافات في سنينين قليل واصبح وكيل مساعد وخبرتة لاتتعدا 10 او 12 سنة وبعد دلك اعطوا المهمة الى صديقة وصاحبة الدي لايفقهة ولايعلم كيف يتصرف في امور حياتة اليومية -يا اخ حيدر ليس المهم مادا تعرف ولكن المهم من تعرف ومن يو صلك-كم مؤهل وصاحب خبراء صار برواز او تمثال-عش رجب ترا العجب-

    • زائر 5 | 3:19 ص

      شركة خاصة

      بصراحة نحن لا زلنا نعيش في بلد يحكمه أناس يتعاملون مع البلد كشركة خاصة بهم يقربون من يريدون ويبعدون من يريدون. وكل الكلام الفاضي عن الكفاءات وما شابه ما هو إلا ذر الرماد في العيون.

    • زائر 3 | 12:52 ص

      لعدل

      اجزم ان الطايفية لازالت المحرك الريسى فى التعينات الحكومية وهدا يتركز على موستوا الجمعيات السياسية الحاضرة بقوة على الساحة فهدة الجمعيات تلعب دور خفى وقوى ادارت التعينات والعلاقة مع المسول فى اى وزارة. مع كل الاسف والحكومة غاضة النضر

    • زائر 2 | 10:27 م

      لو كان الأمر في هذا المجال .. لهان الأمر .. ولكن ..

      لقد دخلت الطائفية بكل قوة في التعينات في مختلف الوزارات مما يجعل البحرين أكثر بلدا العالم مرشحة للفوز بجائزة المناصب الطائفية والمحسوبية ... ومما يؤسف له إن مسؤلون كبار دخلوا على هذا الخط !!.. والذي يعاب عليه الجاهل اذا وصف به ... وإن في قلوب المواطنين حسرة على ما وصلت إليه البلاد في هذا الوضع الغير أخلاقي ..ولو كان الأمر يقتصر على هذا النحو ( التعينات ) لهان الأمر ولكن الأمر سرى في كل شئ .. نسأل الله أن يوفق هذا البلد لتجنب الطائفية البغيضة التي عصفت به .

    • زائر 1 | 10:25 م

      فيتامين واووووووووو

      أشد على يديك و بارك الله فيك و لا فض فوك ...
      أبرز معايير التعيينات في الحكومة المداومة على شرب فيتامين واووووو

اقرأ ايضاً