العدد 2832 - الإثنين 07 يونيو 2010م الموافق 24 جمادى الآخرة 1431هـ

وقفات مع أسطول الحرية

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

تابع العالم كله حجم الإرهاب الذي مارسته «إسرائيل» مع أسطول الحرية، كثيرون جداً لم يكونوا يتوقعون أن تمارس «إسرائيل» كل هذا الإرهاب، وكثيرون جداً من داخل «إسرائيل» أو ممن يعملون ضمن أهدافها لم يكونوا يتوقعون أن تكون ردة فعل العالم على تلك الجريمة بالصورة التي رآها العالم كله.

مع بداية تكشف الجريمة قال الصهاينة: إنهم كانوا يدافعون عن أنفسهم ضد الإرهابيين الذين كانوا على متن السفينة «مرمرة»!

ذكرني هذا القول البعيد بقول أحد المحتلين البيض لجنوب إفريقيا عندما اتهم المواطنين هناك بأنهم إرهابيون وعندما سئل عن سبب قوله، قال: تخيلوا إنه عض قدمي عندما كنت أذبحه بسكين! هذا القول أخرج السيد أردوغان عن طوره عندما قال عن الصهاينة: إنهم قوم كاذبون... كفى كذباً.

الصهاينة أرادوا بهذا العمل الوحشي أن يقضوا نهائيا على أي جهد لكسر الحصار على غزة بحيث لا ينكر أحد بالعودة إلى مثل هذا العمل، تماماً مثل ما حدث في حرب غزة وقبلها حربهم مع حزب الله في لبنان... ولكن أرادوا شيئاً وأراد الله شيئاً آخر! استشهاد مجموعة من المتضامنين مع غزة، وردة الفعل العالمية على هذا الحدث ذكرتني بقول الشهيد سيد قطب: «إن كلماتنا تظل جثثاً هامدة حتى إذا متنا في سبيلها وغذيناها بدمائنا انتفضت حية وعاشت بين الأحياء».

تحرك الإخوة في تركيا، وعملوا ما شاهده العالم كله، ووعد السيد أردوغان بأنه سيقف مع غزة حتى لو كان وحيداً... هناك من يقول: إنه سيذهب إلى غزة... وهناك من يقول: إن القافلة القادمة قد ترافقها سفن حربية تركية!

الصهاينة لم يتوقعوا من تركيا أن تقف منهم هذا الموقف؟ إصرار على كسر الحصار، وعلى الاعتذار، وعلى التعويضات... وإلا فإن تركيا ستتخذ إجراءات كثيرة لتحقيق كل ذلك بالإضافة إلى أن محاكمها قد تصدر قرارات بملاحقة المجرمين الصهاينة الكبار.

التظاهرات في كثير من أنحاء العالم ووصف الصهاينة بما يستحقون، والمطالبة بقطع العلاقات معهم كان مظهرجديد لم تألفه «إسرائيل» بهذا الشكل سابقاً. استدعاء عدد كبير من سفراء الصهاينة كان مظهراً غير مألوف سابقاً بهذه الكيفية.

تغيرات حقيقية بدأنا نراها بعد مذبحة أسطول الحرية، وبعد السطو على سفينة «راشيل كوري». أمين عام الأمم المتحدة يطالب برفع الحصار ويستنكر المذبحة، مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تفعل الشيء نفسه، دول كثيرة طالبت برفع الحصار فوراً واستنكرت جريمة الصهاينة.

كل ذلك كان جيداً... لكن الأجود منه ذلك الذي نتوقعه في الأيام القادمة! هناك سفن تتأهب للمغادرة إلى غزة، من دول عربية وأوروبية، وهذا العمل من أهم الأعمال وأحسنها لأنه يؤكد للصهاينة أن جريمتهم لم تؤدِ دورها... وهناك برلمانيون عرب وصلوا غزة عن طريق معبر رفح تضامناً معهم، وهناك آخرون من دول أخرى في الطريق.

هناك قوافل إغاثة برية انطلقت، وهناك أخرى في سبيلها للانطلاق... كل تلك القوافل مؤشرات قوية على أن الإجرام الصهيوني لم يحقق أي شيء من أهدافه، بل جاء على عكس ما يريدون وهذا مكسب لأهالي غزة ما كان ليحصل لولا تلك الجريمة.

المؤشرات خارج النطاق العربي كانت إيجابية لكنها في عالمنا كانت محبطة إلا أن تتغير الأمور!

اجتمع وزراء الخارجية العرب... وليتهم لم يفعلوا!

قرر الوزراء إبقاء العلاقات العربية مع الصهاينة! والسبب مثير للضحك مثل أسباب الصهاينة في قتل ركاب سفينة «مرمرة»! ماذا قالوا: إن تلك العلاقة تستثمر في الأزمات مع «إسرائيل»، مثل: التدخل المصري والأردني لحض «إسرائيل» على إطلاق سراح الموقوفين العرب من أسطول الحرية... كما تساعد على دفع العملية السلمية! أقول: من يصدق هذا الكلام!

أما الناطق باسم الخارجية المصرية فقال: إن قرار الوزراء يعكس حجم الغضب العربي على السلوك الإسرائيلي عموماً وإزاء الاعتداء على قافلة الحرية خصوصاً! يا سلام على هذا الغضب! أليس من العيب أن يقال هذا الكلام؟!

وزير خارجية مصر قال: إنه يفهم أن كسر الحصار عن غزة: هو من خلال الحدود البحرية للقطاع، وأن مصر ليست في وارد تغيير سياستها تجاه غزة!

الكثيرون فرحوا من قيام مصر بفتح معبر رفح، واثنوا على حكومة مصر، وطالبوها أن يستمر المعبر مفتوحاً لأن قفله حصار على غزة مهما قيل غير ذلك؟! قانونيون مصريون كثر، وسياسيون مصر اتفقوا على أن قفل معبر رفح غير قانوني وغير إنساني ولا يحق للصهاينة أن يفرضوا على مصر القيام بهذا العمل.

أتمنى أن يستمر المعبر مفتوحاً، وأن تكون مصر كبيرة كعادتها... الصهاينة كسروا كل القوانين والأعراف، ومعظم دول العالم وكذلك المسئولون الأمميون يطالبون بكسر الحصار فلماذا لا تفعلها مصر!

تركيا ورئيس وزرائها أصبحوا في قلب معظم العرب والمسلمين. ولو أتعظ الآخرون لفعلوا مثله لتكون لهم المكانة نفسها، وهذه هي المكانة الحقيقية. أمير قطر كان موفقاً ورائعاً وأتمنى أن يدعم كل الحملات الإغاثية القادمة وأن يضع يده في يد أردوغان لنبدأ الطريق بطريقة صحيحة.

قناة «الجزيرة» كانت رائعة... الشكر لها ولكل مراسليها الذين كانوا على متن الأسطول... وقفت مع الحملة أولاً بأول، فأفاضت بعض القنوات المأفونة وبعض الكتاب الذين يسيرون في الركب الصهيوني.

أما الموقف الأميركي الذي تعمدت أن أجعله في آخر المقال، هذا الموقف الذي برر للجريمة، ولم يوافق على تشكيل لجنة دولية للتحقيق، أطرح على قادته سؤالاً واحداً: لو كان ركاب السفينة أميركيين، وبنفس الظروف، وقتلوا بتلك الطريقة ماذا كنتم فاعلون؟! إن أجبتهم بصدق فستعرفون لماذا يكرهكم معظم الناس.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2832 - الإثنين 07 يونيو 2010م الموافق 24 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:26 ص

      اسرائيل

      الى الحكومات العربية نظرو الى قيمة الموطن الاسرائيلي

اقرأ ايضاً