العدد 2833 - الثلثاء 08 يونيو 2010م الموافق 25 جمادى الآخرة 1431هـ

مفهوم الديمقراطية لدى بعض التيارات الإسلامية

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

من الصعب اختزال الحديث عن مفهوم الديمقراطية لدى التيارات الإسلامية بمقال، ولكن ما أردنا الإشارة إليه هو مفهوم الديمقراطية لدى تلك التيارات التي نعيشها أو نتعايش معها، حيث يتمثل هذا المفهوم لديها بحكم منتسبيها بأحكام الوازع الديني الذي لا خلاف عليه في الأصل، ولكن بمضامين خاصة متعلقة بدورها الاجتماعي من خلال الصناديق الخيرية والمناسبات الدينية.

ولا ضيم في ذلك ولكن نقطة النظام تكمن فيما وراء ذلك الجهد الاجتماعي الجبار. وعلى الرغم من كل ذلك إلا أن تبقي السلطة حلم البعض لدى تلك التيارات، لأنها مرتبطة بالامتيازات والحظوة والمكانة السامية وأحياناً الثروة، حيث تنقله من مرتبة دنيا إلى مرتبة عليا، كما تساهم الرغبة في امتلاك السلطة في إذكاء فتيل الصراعات، وخلق التفاوت الطبقي والهرمي، وتولد الحقد الاجتماعي لأسباب إيدلوجية ضد الناصحين من جهة والحكومة من جهة أخرى.

إن هذه القراءة على قدر أنها اجتهاد إلا أنها ليست بعيدة عن واقع الفكر الديمقراطي المعاش خاصة بعد النقلة النوعية التي يعيشها المواطن بمختلف توجهاته وتركيبته الإيدلوجية أو الدينية أو المذهبية وهي الغالبة، كما أن هذه القراءة لا تعني أن التيارات الأخرى قد وصلت حد الكمال، سواء ليبرالية أم معارضة وطنية حيث هذه التسمية التي ترغب أن تسمي بها، فهؤلاء أيضاً لهم مفهومهم الخاص بالديمقراطية الذي في الغالب يكون مزيجاً من حرية الفرد والطرح وصولاً لتبرير تناغمها مع بعض التيارات الإسلامية التي تختلف معها في الأصل (مفهوم الديمقراطية)! وذلك بتبريرها للخارج عن المألوف بغية إرضاء هذا التيار أم ذاك، وللتدليل على ذلك، تلك الجمعيات التي تأسست في الفترة الأخيرة وذلك بتذييل اسمها بكلمة إسلامية, لا ضيم في ذلك ولكن بعضها يفتقر إلى طالب علم واحد بين مؤسسيها أو حتى ملتزم بالشريعة مع احترامي لكل منتسبي تلك الجمعيات فما أردناه من التوصيف لا يتعدى التشخيص. إذن لماذا الحديث عن مفهوم الديمقراطية لتلك التيارات؟ لسبب بسيط لقد عكست الممارسات والخطابات بالفترة السابقة التي يسيطر عليها الهوس السياسي والفكر الشمولي وهستيريا التطرف والغلو، حيث خلقت حالة من الفوضى لفهم المساحة الديمقراطية أو مفهومها، ففي الفترة السابقة، في الوقت الذي ينتظر المواطن استثمار الحراك البرلماني بتقديم المشاريع المتعلقة بالسياسات العامة من قبل ساسة تلك التيارات, تم البدء بالمقاطعة ثم التعطيل وصولاً إلى رفع الحصانة ومن ثم الاستجوابات لحاجة في نفس يعقوب وهكذا، كما أن البعض منها استماتت للدفاع عن أعضائها حتى أمام ما يتنافى مع العقل والقانون والدستور، تحت شعار لا يهم طالما إنك تسير على نهجي، وأخرى قضت النظر عن الخوض في مخالفات تتعلق باللوائح الإدارية والمالية لمخرجاتها فقط لأن هذا العضو يتبع هذا التيار أم ذاك. من الركائز التي تقوم عليها الديمقراطية هي الشفافية. تلك الكلمة التي غالباً ما نسمعها من قبل البعض قبل البسملة عند بداية حديثهم علماً أن الشفافية تعد أحد حقوق المواطن في الوصول إلى المعلومات ومعرفة آليات اتخاذ القرار المؤسسي. وحق الشفافية متطلب ضروري لوضع معايير أخلاقية ركيزتها الثقة التي بالتالي تساعد على اكتشاف الفساد وتصحيحه. كما أن الفساد ليس مقتصر على الفساد المالي أو الإداري ولكن كذلك الفكري الذي يمارس على العامة برفع شعارات رنانة منها التزكية بنظرة أعمى البصيرة. لذلك نقول إن الشفافية داخل بيت تلك التيارات هي مطلب، والتي بالتالي تقودنا إلى المساءلة التي غالباً ما تطالب بها تلك التيارات، حيث أنها ليست مقتصرة على السلطة التنفيذية فقط. فالمساءلة بمضمونها الفضي تعني أن الفرد لا يعمل بنفسه فقط بل أنه مسئول أمام الآخرين، لذلك نقول لتلك التيارات بأن بهذا المفهوم، من يقع عليه الاختيار منكم ويتم تزكيته ليمثل شريحة من المجتمع بمعايير مفهوم الديمقراطية لديكم يجب أن يحسن الأداء وأن يكون مسئولاً عن أدائه وذلك باتباع اللوائح والقوانين المتعلقة بالعمل المنوط به وبالتالي لا يكون فوق المساءلة. وما يختلج تلك التيارات أو التوجهات أيضاً بعض الفئات التي تنحصر في فئة تعبر عن التوجهات الرجعية للطبقات العليا وفئة متنورة من الطبقات العليا ماتزال تحمل شيئاً من مسئولية قيادة المجتمع وأخرى تمثل شريحة من الطبقات الوسطى والدنيا المرتبطة بالطبقات العليا النازعة على التسلق الطبقي، ومنها تكون فكر التسلق الجديد، وفئة من الطبقات المتوسطة ذات توجه يساري منحاز للطبقات الدنيا وأخرى تنتسب إلى الطبقات الدنيا واقعاً وفكراً. إن عملية نشر مفهوم الديمقراطية بأيديولوجية متنافرة داخل المجتمع الواحد صعبة إن لم تكن مستحيلة وذلك بتنوع مفهوم الديمقراطية لدى تلك التيارات. إذن ما هو الحل؟ إن الحل يكمن في تحقيق طموح المواطن بأن تترك تلك التيارات دمقرطة الجانب الاجتماعي جانباً ويتفرغوا للسعي لدمقرطة المجال السياسي، وعندما يحصل ذلك، فسوف تكون لدينا تيارات قوية، ببرامج مختلفة ومتنوعة، يستطيع المواطن أن يختار منها ما يلائمه. فهل لنا أن تتركوا ديمقراطية المجتمع لتكيّف نفسها بعيداً عن الحسابات السياسية وذلك بالكفِّ عن تدخلكم في حراكه المجتمعي بما فيه النقابات والجامعات؟

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2833 - الثلثاء 08 يونيو 2010م الموافق 25 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:19 ص

      الشكوى لغير الله مذلة

      معاناتنا كبيرة ما يحسبها الا واحد مجرب شكرا

    • زائر 1 | 11:57 ص

      حاسب لا يزعلون عليك الاسلاميين

      توني شفت مقالك وخوفي يفهمونك غلط ربعنا ويعادونك خبرك يتحسسون ,

اقرأ ايضاً