العدد 2881 - الإثنين 26 يوليو 2010م الموافق 13 شعبان 1431هـ

جيل جديد من التربويين المسلمين في مجال السلام

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

في هذا العصر من الرؤى الخاطئة المنتشرة بأن الإسلام هو دين العنف وعدم التسامح، يُعتبر وجود منهاج تربوي إسلامي للسلام يتعامل مع عملية بناء السلام من منظور إسلامي أصلي يعتبر أمراً أساسياً.

حضرت مجموعة مكونة من 35 تربوياً مسلماً من ثماني دول إلى مندناو، ثاني أكبر جزيرة في الفلبين في الأسبوع الأخير من شهر يونيو/ حزيران لحضور ورشة عمل عالمية حول مناهج السلام الإسلامية. وقد قام الحضور ببحث نماذج وتوجّهات متعددة لتعليم السلام الإسلامي، يتم استخدامها حالياً من قبل المعلمين المسلمين في بعض الغرف الصفيّة حول العالم.

وقد أشار أعضاء في مركز الفلبين للإسلام والديمقراطية، الذي قام بتنظيم ورشة العمل مع معهد الولايات المتحدة للسلام إلى أنه بينما يُعتبر تعليم السلام مجالاً وعلماً راسخين، مازال تعليم السلام الإسلامي موضوعاً جديداً وابتكارياً نسبياً للمؤسسات الإسلامية التربوية.

يرتكز تعليم السلام الإسلامي على المبادئ الفلسفية والعلمية والدينية والأخلاقية والكتب الدينية في مجال صنع السلام للنبي محمد (ص) وأسرته وصحابته، وشخصيات تاريخية دينامية مشهورة من التاريخ الإسلامي. ورغم وجود مجالات تماثُل مع التوجهات الغربية نحو حل النزاعات، إلا أن تعليم السلام الإسلامي وجهود صنع السلام تأخذ بالاعتبار الأبعاد الروحية والدينية للعاملين الذين يقدرون على تحويل أنفسهم والمجتمع بأكمله بعيداً عن النزاع ونحو علاقات متناغمة.

ويجري حالياً استخدام الكتب المنهجية وكتيبات تعليم السلام الإسلامي في الباكستان وأفغانستان والفلبين وإندونيسيا وسنغافورة وماليزيا وتايلند، وفي العديد من دول الشرق الأوسط والدول الإفريقية والمجتمعات المسلمة في الغرب.

وتقول عائدة مصدق من جامعة ولاية مندناو، مشيرة إلى أن معظم برامج تعليم السلام في الفلبين كانت إما تتمحور حول المسيحية أو ترتكز على التوجهات الغربية، تقول إن هذه التوجهات لم يكن لها صدى عند الطلبة المسلمين. ولكنها تضيف أن مناهج تعليم السلام الإسلامية كانت فاعلة وذات أثر لأنها متأصّلة في التقاليد الإسلامية وتبنى على أساليب التعلُّم التعاونية وجلسات التفكير والمراجعة والتطور الجماعي.

قامت ليلى منير من معهد المدارس الدينية الداخلية والديمقراطية ومركزه جاكرتا، وهي منظمة تعمل في مجال إشراك الطلبة في المدارس الدينية الداخلية في عملاء إيجابيين للتحول الاجتماعي، قامت ببحث أهمية استخدام المضمون الثقافي المحلي الذي يفهم الإسلام ويمارس من خلاله لتعليم عملية تدريس السلام لطلاب المدارس الثانوية والدينية. وتقول ليلى منير: «تعليم السلام الإسلامي هو توجه شمولي لتحويل ثقافة العنف إلى ثقافة سلام».

وتذكر أسنا حسين، مؤسسة منظمة «تعليم السلام الإسلامي» غير الحكومية كيف تعاونت مع مجلس محلي للعلماء الدينيين في «أتشيه» لتأليف كتيب حول السلام للمدارس الثانوية والمدارس الدينية الإسلامية. وقد قامت حسين بتنظيم مجلس استشاري من العلماء الدينيين الرئيسيين للإشراف على المشروع وتنفيذه.

وقد نشر كتاب المركز الفلبيني للإسلام والديمقراطية وعنوانه «النموذج الإسلامي في تعليم السلام» بإلهام وإرشاد من مشروع حسين. وتستخدم العديد من المدارس الفلبينية الثانوية والدينية ذات الطلبة المسلمين الآن هذا الكتاب المنهجي لتدريس أساليب تعليم السلام الإسلامية.

ويقول قاري محمد حنيف الجلندري، وهو رئيس مدرسة دينية بارزة في الباكستان ورئيس المجلس العالمي للديانات إن «تعليم السلام سوف يكون الأسلوب الرئيسي للتعامل مع الأصولية والفكر المتطرف وعدم التسامح. وإذا كنّا جادين في استئصال الفقر والأمية، يتوجب علينا الاستثمار بشدة في برامج تعليم السلام في المدارس الدينية والمدارس الحكومية».

إلا أن المدارس الدينية في العالم الإسلامي ليست وحدها التي تطبّق مناهج تعليم السلام الإسلامية. قامت هاجر القطاني من المنتدى العالمي للحوار الإسلامي في المملكة المتحدة بعرض برنامجها لتعليم السلام الإسلامي وعنوانه «النجاح في عالم متغير»، الذي يعمل على تمكين الشباب البريطاني المسلم لإعادة تأطير توجههم المفاهيمي نحو الإسلامي من خلال استكشاف نواحٍ ثقافية وحضارية ودينية واجتماعية وسياسية مختلفة للإسلام.

كانت هناك تبادلات جادة حول كيف يمكن لتعليم السلام الإسلامي أن يوفر مهارات حقيقية في حل المشاكل للطلبة، وأساليب يمكن للطلبة من خلالها تطبيق مهاراتهم لتحليل التحديات التي تواجههم في حياتهم بصورة ناقدة. وقد ناقش بعض المشاركين أنه يجب أن يكون منهاج تعليم السلام الإسلامي إلزامياً لجميع الطلبة المسلمين حتى يتسنى لهم تحديد أساليب للنزاع العنفي وتشكيل حلول لا عنفية للمشاكل المعقّدة في مضامينهم الاجتماعية.

وحسب راحايو محمد، مديرة البرنامج ومطوّرة المناهج في «اقرأ آسيا» في سنغافورة، فقد نتج عن تجربتها في تطبيق تعليم السلام في المدارس الدينية الإيمان في التسامح وهوية إسلامية في المشاركة الاجتماعية وروح جماعية في التعددية وشعور بكون الإنسان مسئول عن العالم.

كانت ورشة العمل الأولى من نوعها حيث جمعت تربويين مسلمين يدّرسون تعليم السلام من منظور إسلامي. كان هناك كذلك تقدير للتوجهات المتنوعة والأساليب التي يستخدمها التربويون، إضافة إلى تفهّم للتحديات الخطيرة التي يواجهها المعلّمون وهم يعملون داخل مؤسساتهم لتبنّي تعليم السلام. وتأمل المجموعة أن تتمكن في نهاية المطاف من إنشاء جمعية مهنية بشكل رسمي لدعم التربويين في مجال تعليم السلام وسعيهم في هذا المجال.

* المديرة الرئيسية في مركز الفلبين للإسلام والديمقراطية والمؤسِّسة المشاركة للنساء المسلمات المدافعات عن السلام * مدير برامج رئيسي في معهد الولايات المتحدة للسلام ومحرر «حمامة السلام والهلال: السلام وحل النزاع في الإسلام» (مطبعة معهد الولايات المتحدة للسلام 2010)، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2881 - الإثنين 26 يوليو 2010م الموافق 13 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً