مع شديد الأسف، لم تسنح الفرصة للكثير من المواطنين لزيارة قرية الصالحية، وليست مبالغة إن قلنا إن عدداً كبيراً منهم لا يعرفونها إلا اسماً فقط، مع أنها قرية ينشط في واجهتها الكثير من المؤسسات والشركات ومتنزه مائي كبير يحمل اسم (عين قصاري) الشهيرة التي كانت عامرة في السابق في جارتها قرية (البلاد القديم).

تتبع القرية إدارياً محافظة العاصمة، وتحيطها قرى السنابس من جهة الشمال، والبلاد القديم من جهة الجنوب، وطشان من جهة الغرب، والبرهامة من جهة الشرق، وهي من القرى الزراعية التي كانت عامرة بالبساتين وأشجار النخيل والأشجار المثمرة، ويقطنها عدد كبير من العوائل البحرينية منهم: السابودي، الإسكافي، المحاسنية، غزوان، عائلة الحاج أحمد مكي، عائلة الحاج المرحوم حسن مكي، عائلة الحاج المرحوم سبت، عائلة الحاج أحمد منصور، عائلة الحاج المرحوم محسن عبدالحسن، عائلة آل طاهر، عائلة فردان، عائلة شاهين، عائلة نصيف، عائلة النجاس، عائلة القمر، عائلة كروف، عائلة الحاج علي منصور، عائلة الحاج أحمد جمعة، عائلة الحاج المرحوم حبيب، عائلة الحاج المرحوم عبدالوهاب.

من الريان إلى الصالحية

وكالعادة، يستقبلك أهل القرية، كما هي عادة أهل القرى في البحرين بترحاب كبير، ويرافقونك خطوة بخطوة وكأنهم يحتفون بضيف عزيز طال انتظاره، ويحدثنا الحاج ( بو عبدالأمير السابودي) وهو من شخصيات القرية بروح طيبة، ويشير أولاً إلى أن سبب تسمية الصالحية، والذي لم يرد في الكثير من المصادر التي اهتمت بتوثيق تاريخ قرى البحرين، حيث يقول إن القرية كانت تسمى في السابق (الريان)، لكن الأهالي اتفقوا على المطالبة باختيار اسم جديد لقريتهم، وأجروا المراسلات مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، وكانت النتيجة هي ترشيح ثلاثة مسميات: الصافي والصوافي، وهما اسمان لبستانين شهيرين في القرية، بالإضافة إلى الاسم الثالث وهو (الصالحية)، وقد اتفق الأهالي على اختيار هذا الاسم الأخير تيمناً بأن يصلح الله سبحانه وتعالى حال القرية.

احتياجات أهالي القرية

ويشير السابودي إلى أن القرية في حاجة إلى الكثير من الخدمات، وعلى الرغم من أن هناك مراسلات واتصالات وتحركاً لتلبية احتياجات الأهالي، إلا أن التجاوب من جانب الوزارات الخدمية لا يزال محدوداً، فهو يشير إلى أن مشروع تطوير الطرق بدأ بالفعل لكنه لم ينجز وخصوصاً فيما يتعلق ببعض الحواري داخل القرية، فيما لا يمكن العثور على ساحة شعبية للأهالي، فالأطفال لا يجدون مكاناً للعب والترفيه، أضف إلى ذلك، الانتظار الذي طال لتنفيذ مشروع إسكاني يستفيد منه أهالي القرية مع أهالي بعض القرى المجاورة وفق ما تم الإعلان عنه منذ سنوات بخصوص اختيار مساحة قريبة من الأرض تكون مشتركة لأهالي الصالحية والبرهامة والسنابس، لكن المشروع لم يرَ النور حتى اليوم.

حين تتجول في عمق القرية، تجدها تتميز بالهدوء والسكينة، لكن الأهالي يتميزون بروح اجتماعية طيبة وتعاون كريم فيما بينهم، وعادةً ما تجمعهم مجالس القرية والمساجد والمآتم، ففي القرية مسجدان: أحدهما مسجد الصالحية الواقع على الشارع العام، والثاني هو مسجد الشيخ تاج الدين الواقع في ظهر القرية بالقرب من منطقة البساتين، وفيها أيضاً مأتمان: الأول هو مأتم شباب الصالحية الواقع في بداية المدخل، أما المأتم الثاني فهو مأتم الصالحية ويقع في داخل القرية، وللنساء مأتم واحد.

وحين تتجول في الجهة الخلفية من القرية، وخصوصاً قبيل وقت الغروب، يمكنك ملاحظة مشكلة الكلاب السائبة التي تنتشر حول المزارع والحظائر، وتلاحظ أيضاً مشكلة انتشار الحشرات والقوارض بسبب تلك الحظائر والتي يطالب الأهالي المسئولين بضرورة تكثيف عملية التنظيف ورش المبيدات، والقضاء على مشكلة الكلاب السائبة التي تسبب الرعب للأهالي وخصوصاً الأطفال والنساء.

مشروع استبدال الطرق القديمة

وبالنسبة لخطة التطوير، فتعود إلى العام 2006 حينما أعلنت إدارة مشاريع وصيانة الطرق بوزارة الأشغال عن مشروع إنشاء وتطوير الطرق بالقرية بكلفة بلغت 243 ألف دينار، وكان من المقرر أن يشتمل على إعادة إنشاء عدد من الطرق القديمة واستبدال طبقات دفان الأرضية وإعادة رصفها، بالإضافة إلى تبليط الطرق الداخلية بالطوب كما شمل إنشاء بعض الشوارع الجديدة والأرصفة على الجوانب بالطوب الأحمر لإضفاء صفة جمالية على المنطقة، وحسب الأهالي، فإن المشروع بدأ بالفعل لكنه لم يكتمل وتوقف، خصوصاً فيما يتعلق بإنشاء شبكة لتصريف مياه الأمطار وحماية مختلف الخدمات الأرضية.

ويتفق الأهالي على أن المشروع الإسكاني الموعود تأخر كثيراً، وهم يعبرون عن قلقهم بأن التأخير سيستمر مدةً أطول مما يضاعف معاناة أبناء القرية المدرجين على قائمة الانتظار للحصول على الخدمات الإسكانية، فقد كان من المقرر تنفيذ مشروع إسكاني على أرض تقع شمال القرية في منطقة الحظائر والبساتين، وهو مشروع قيل عنه إنه مخصص لأهالي الدائرة الرابعة بمحافظة العاصمة، وعلى الرغم من أن أبناء القرية طالبوا بأن تكون الأولوية لأبناء القرية أولاً في المشروع الإسكاني، إلا أنهم لا يمانعون من استفادة المواطنين من القرى المجاورة من المشروع إن أعطيت الأولوية لأبناء الصالحية وطلباتهم التي تبلغ تقريباً 88 طلباً منها 74 طلباً للوحدات السكنية، و 6 قسائم سكنية، و 6 لقروض البناء، وقرضا شراء، ومن المعروف أن الأراضي المقترحة للمشروع تعود ملكيتها إلى الديوان الملكي في جزء منها، والى إدارة الأوقاف الجعفرية في جزء آخر، بالإضافة الى بعض الأراضي ذات الملك الخاص.

طاقات شبابية واعدة

وعلى الرغم من محدودية الإمكانيات المتوافرة لفئة الشباب من القرية، فإنها تضم عدداً كبيراً من الشباب الواعدين في مختلف المجالات الأدبية والفنية والمهنية، لكن لا يجد أولئك الشباب حتى قطعة أرض مناسبة لممارسة لعبة كرة القدم، إلا أن هناك نشاطاً ثقافياً واجتماعياً مستمراً يشارك فيه الشباب، وهم يتمنون أن تتوافر لديهم الإمكانيات أو يتم تخصيص مركز شبابي ثقافي لهم من قبل المؤسسة العامة للشباب والرياضة، يفتح المجال لإبداعاتهم ويحتضن المواهب الواعدة.

قرية الصالحة تنتظر يد الاهتمام من قبل الحكومة، ولعل الأهالي في هذه الجولة قد طرحوا بعض مطالبهم ومعاناتهم واحتياجاتهم القابلة للتنفيذ