العدد 289 - السبت 21 يونيو 2003م الموافق 20 ربيع الثاني 1424هـ

الإجازة وأطباقك الدسمة

منيرة العليوات comments [at] alwasatnews.com

معظم النساء اللواتي تعوّدن على العطاء بسخاء وكرسن حياتهن لرعاية وخدمة أولادهن وأزواجهن... النساء اللواتي تشع عيونهن بالرعاية والعناية وينبع من قلوبهن الحب والحنان... إنهن في حركة مستمرة طوال اليوم، حياتهن عمل متواصل وعطاء متجدد من أجل تحقيق السعادة والهناء لأسرهن، فالكل يتنعم بالإجازة ولكن على حساب راحتهن وأعصابهن وتراكم الأعمال المنزلية فوق رؤوسهن... خطأ يرتكبنه في حق أنفسهن وراحتهن وصحتهن، فقد أنستهن شئون اسرهن أنهن نساء لهن كل الحق في ان يرتحن كغيرهن ويستمتعن بالحياة في جو أسري مفعم بالحب والحنان والتعاون، إنني أوافق على حرصك الشديد طوال الصيف على توفير فرصة ذهبية لأطفالك يجدون فيها نشاطهم وحيويتهم فيتمتعون بطفولتهم على أكمل وجه. لا بأس أنك تقومين بإعداد الأطباق الدسمة فترهقين نفسك والأفضل لو اكتفيت بطبق بسيط يسهل إعداده وصرفت باقي الوقت بين أولادك وزوجك لحاجتهم للحب والحنان أكثر من حاجتهم لأطباقك الدسمة... أحترم فيك الأم والزوجة الملتزمة بأسرتها وامومتها والمضحية براحتها مهما عانت من تعب وإرهاق مزدوج كله ينتهي ويتبدد عندما ترى ابتسامة الرضا والسعادة تعلو وجوه أولادها وزوجها... حتى عندما يأخذ الزوج اجازة ويلتقي الأولاد مع أبيهم في اجازة واحدة وتكثر عليها الطلبات والأوامر ويزداد عليها عبء شئونها المنزلية. يا سيدتي إنني أكبر فيك هذه الروح النادرة في أيامنا والأمومة المتدفقة في أيام اعتمدت فيها معظم الأمهات على نظام الأم البديلة، في رعاية أولادهن، ولكن يا سيدتي ألا تشعرين بان ازدحام أوقاتك بالأعمال المنزلية يفقد الكثير من نضارة الشباب وحيويته ويجعلك تبدين أكبر من سنك. ماذا لو حاولت تنظيم الأعمال وتوزيعها بذكاء على أفراد الأسرة في اجازة يجب ان ينعم فيها الجميع بالراحة والهدوء وثقي بأنك ستسعدين كثيرا بوجودك وسط أولادك لوقت طويل، هذا اللقاء الممتع بينك وبينهم يشعرك بالراحة النفسية ويجدد قابليتك للحياة. وزوجك أيضا يحتاجك في اجازته يشتاق إليك في جلسة طويلة هادئة تتحدثان وتتشاوران في مختلف الأمور والمشروعات الأسرية والحياتية وجودك بينهم أمر مهم جدا أهم بكثير من انشغالك عنهم بإعداد أطباقك المتنوعة وبالتالي ينقضي وقتك ووقتهم بين المطبخ والتنظيف فتبعدين بذلك كل البعد عنهم وتبقين معاناتهم ومشكلاتهم تختنق في صدورهم في وقت يشعرون بحاجتهم إليك، يقولون فتسمعين يطلبون فتستجيبين يشتكون فتنحنين. هذه الأمور كلها تعطيك دفء الحب وحلاوة السعادة فلا تهمليها وتنشغلي عنها بأخرى تحرمك من الاستمتاع بالاجازة وترهقك وتوتر أعصابك فتفسدين كل ما تقدمينه من تضحيات بصيحات غاضبة تطلقينها بعصبية وتوتر في وجوههم تبدد كل ما حرصت على توفيره من متعة وهناء لهم. إن معظم النساء يحرمن أنفسهن من متع كثيرة بمجرد الزواج والإنجاب لعدم معرفتهن بتأمين ساعات قليلة في الراحة الجسدية والنفسية ليس لرعاية شئون اسرهن فحسب إنما في محاولة لإضفاء لمسات جديدة يغيرن بها روتين حياتهن الممل. هذه الدوامة العملية التي لا تنتهي وتبقى الزوجة الأم تائهة بين هذا وذاك فتهمل العناية بنفسها وتنسى ما يجري حولها في العالم فتقف مكانها والعالم من حولها يتحرك. ويدور وتنقضي أيام عمرها من دون محاولة منها لاكتساب معرفة جديدة أو تطور ما كسبته من معارف سابقة حتى جيرانها يفتقدنها في جلساتهن ومناسباتهن، إذ تحبس نفسها بين المطبخ والغرف المنزلية فيتراكم على علومها وثقافتها ومعارفها الغبار. إن لحظات تقضينها يا سيدتي مع نفسك بعد كل هذا الزحام الذي وضعت نفسك فيه تعرفين بعد ذلك انك أصبحت مجرد امرأة تقليدية منطوية على نفسها رافضة كل تجدد وتطور، إنك بحاجة إلى العدل مع نفسك ثم تثابري وتعملي من أجل أسرتك ونفسك معا وتعودين من جديد إلى معركة الحياة الواسعة

العدد 289 - السبت 21 يونيو 2003م الموافق 20 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً