العدد 2891 - الخميس 05 أغسطس 2010م الموافق 23 شعبان 1431هـ

مصر من خلال عدسات غربية

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

«ماذا يعني أن تعيشي في مصر كامرأة أجنبية؟».

أثناء السنوات التي أقمت فيها في القاهرة، طُرح عليّ هذا السؤال عندما كنت أزور وطني فنلندا أو عندما كنت أسافر خارج الشرق الأوسط.

كان جوابي القصير: «إنه أمر مختلف».

الواقع أنني سُئلت هذا السؤال مرات عديدة لدرجة أنني قررت تأليف كتاب عن مصر.

فكّرت في الكتابة عن كيف قدمْتُ للمرة الأولى إلى القاهرة لدراسة اللغة العربية وعمري 22 سنة، لم أكن قد سافرت كثيراً قبل ذلك، ولم أكن قد سمعت بأدلة «الكوكب الوحيد» (Lonely Planet) السياحية.

أستطيع أن أشرح لمن يسأل أنني أُسِرت فوراً بالفوضى المنظمة وسحر المدينة الكبيرة، أو أن المدينة أصابتني بالجنون مرات عديدة لهذا السبب بالذات.

أستطيع أن أخبرهم أنني في كل مرة غادرت فيها منزلي كان يتوجب علي اتخاذ احتياطات معينة: تغطية الكتفين والركب، نظارات شمسية لتجنب الاتصال المباشر بالنظر مع الرجال المتسكّعين في الشوارع، وجهاز موسيقى iPod لتجنب سماع همسات وتعليقات الرجال وهم يمرون بالقرب مني، وهي عادة تحرّش جنسي بالطبع.

وحسب دراسة أجراها العام 2008 المركز المصري لحقوق المرأة، ذكرت 98 % من النساء الأجنبيات أنهن تعرضن للتحرش الجنسي. لم يتغير هذا الرقم بغض النظر عما إذا كانت المرأة المستطلعة تلبس الحجاب أم لا.

يُعتبر التحرش الجنسي إزعاجاً وأحياناً خطراً يواجه كافة النساء في القاهرة، وأنا معجبة بشكل دائم بالنساء اللواتي يعملن لوضع حد له. هناك نساء مصريات شجاعات يقمن أيضاً بمحاربة ممارسات اجتماعية مثل تشويه الأعضاء الجنسية للمرأة، ومن أجل الخيار الفردي حول لبس الحجاب في أماكن العمل أو الجامعات، أو لأجل الانتخاب في البرلمان، أو الحصول على حق رعاية أطفالهن في حالات الطلاق.

وهكذا وبدلاً من الكتابة عن حياتي كأجنبية في مصر قررت إبراز أصوات المصريات القويات المذهلات اللواتي أراهن كل يوم واللواتي قمن بإلهامي.

ومن بين هؤلاء المؤلفة النسوية نوال السعداوي والتي هي ربما المعروفة بشكل واسع. وهي الآن تبلغ السبعين سنة ومازالت تتكلم وتكتب بنشاط في الأمور النسوية والصحة والسياسة.

ومن النساء ذوات التأثير الواسع أيضاً في مصر، رغم عدم اتساع شهرتهن في الغرب هبة رؤوف عزت وهبة قطب.

هبة رؤوف إسلامية معتدلة وعضوة في جماعة الإخوان المسلمين، تنظر إلى الإسلام كأسلوب لتحسين وضع المرأة. وهي لا تسمّي نفسها نسوية رغم أنها تعتنق القيم النسوية، فتؤمن أن بإمكان المرأة أن تكون رئيسة للجمهورية وبأنه يتوجب على المرأة الخدمة في الجيش.

هبة قطب، من ناحية أخرى باحثة جنسية، تلبس الحجاب وتظهر بشكل منتظم على محطات التلفزة الفضائية العربية تبحث الأمور الجنسية وتفاجئ الجمهور عندما تناقش بأن الإسلام اخترع المداعبة قبل الجماع.

ومن النساء الأخريات اللواتي تثير شجاعتهن إعجابي مصممة ثياب شابة في القاهرة اسمها هند الحناوي. أصبحت هند مشهورة في مصر بعد أن طالبت صديقها الذي هجرها، وهو ممثل أقامت معه زواجاً عرفياً، أن يثبت أبوّته لابنتها.

في سيناريو لم يسبق له مثيل، ظهرت هند على شاشات التلفزيون وشاركت بقصّتها علناً مع المشاهدين والمصريين بمن فيهم المفتي الأكبر علي جمعة، الذي وقف إلى جانبها. وعندما رفض صديقها السابق إجراء تحليل للحمض النووي لإثبات أبوّته، أعلنته المحكمة رغماً عن ذلك أباً للطفلة.

بعد معركة قانونية استمرت سنتين حصلت ابنتها لينا على شهادة ميلاد وتم الاعتراف بها أخيراً مواطنة مصرية.

ليست النساء المصريات المعاصرات فقط هن اللواتي يدهشن ويلهمن بشكل منتظم، فقد تأسس الاتحاد النسوي المصري العام 1923 من قبل وريثة مصرية تتمتع بشعبية كبيرة هي هدى شعراوي، بعد ثلاث سنوات فقط من حركة منح المرأة حق الاقتراع في الولايات المتحدة. وفي خمسينيات القرن الماضي أضربت نسوية مصرية اسمها درية شفيق عن الطعام مطالبة بحقوق مساوية لنساء بلدها.

لهذا السبب، عندما جلسْتُ لتأليف كتابي عن شعوري حول العيش في مصر كامرأة أجنبية، انتهى بي الأمر بدلاً من ذلك بتوفير نظرة أوسع على المجتمع المصري ككل، والمصريين رجالاً ونساءً، الذين يتحدّون الصور النمطية ويحققون التغيير في السياسة والثقافة والدين والاقتصاد، والذين يفعلون ذلك بروح الفكاهة.

لا يمكنك الكتابة عن المصريين دون الكتابة عن نكاتهم. ومن هنا ظهر كتابي «تمسّكي بحجابك يا فاطمة».

- مراسلة الشرق الأوسط لشركة YLE الإذاعية الفنلندية ومؤلفة كتاب «تمسّكي بحجابك يا فاطمة! ولقطات أخرى من الحياة في مصر المعاصرة»، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2891 - الخميس 05 أغسطس 2010م الموافق 23 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 7:21 ص

      إلى زائر رقم 1

      شسالفة اي قلة ادب واي خرابيط انا رحت هناك مافي إلا اجنبيات والشباب اجانب بعد وبعدين المصريين 80 مليون والبحرين 2 مليون في فرق ياجماعة مو معقوله ال80 مليون صايرين ملتزمين؟؟؟؟؟؟

    • زائر 1 | 5:33 ص

      كلامها صحيح

      كلامها صحيح فلقد ذهبت الي شرم الشيخ وما عكر مزاجي قلة الادب والمعاكسات من المصرين ليس كلهم لاكن نسبة كبيرة منهم شي لا يخيل مع انى محجبة ومحتشمة!!

اقرأ ايضاً