العدد 290 - الأحد 22 يونيو 2003م الموافق 21 ربيع الثاني 1424هـ

العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص يجب أن تكون صريحة وعلى أساس الشراكة في القرار

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في الوقت الذي يتصاعد فيه الحديث السياسي عن مختلف شئون ومشكلات الشرق الأوسط تتحرك الحوارات واللقاءات والزيارات باتجاه خلق منطقة تجارة حرة بين الولايات المتحدة والبحرين التي يتوقع أن تستكمل اجراءاتها في العام 2004. وهناك منطقة التجارة الحرة التي اقيمت بين أميركا والأردن، وحاليا تقام منطقة مماثلة بين أميركا والمغرب، والبحرين ستكون ثالث دولة عربية وأول دولة خليجية توقع اتفاقية لخلق منطقة تجارة حرة مع الولايات المتحدة.

منطقة التجارة الحرة المقصودة ليست كما هي الحال في بعض البلدان، اذ يتم تحويل منطقة معينة أو جزيرة معينة للتجارة الحرة، وإنما المقصود هو اتفاقية شاملة تغطي مختلف المنتجات المستوردة والمصدرة من وإلى الولايات المتحدة، بحيث تنخفض التعرفة الجمركية، وقد تصبح صفرا بحسب ما يتفق عليه الطرفان. والنتيجة المباشرة لمثل هذا الأمر هو انخفاض أسعار السلع المستوردة من أميركا لغياب أو انخفاض التعرفة الجمركية، كما يعني ان شركات ستتكون لاستيراد السلع ثم اعادة تصديرها إلى المناطق المجاورة. وهذا سيدفع - في حال تصاعد الحركة التجارية - إلى ان تقوم شركات من أميركا (مثلا) بإنشاء فروع لها في البحرين.

المناطق التجارية الحرة في الأردن والمغرب والبحرين هي جزء من الاستراتيجية التي أعلنها الرئيس الأميركي جورج بوش للشرق الأوسط عندما تحدث عن تطوير الاقتصاد في هذه المنطقة الحيوية التي - وبسبب ما حل عليها من مصائب - لا تستطيع منافسة بلد مثل اسبانيا. فكل الدول العربية مجتمعة (بما في ذلك دولها الغنية)، نعم جميع الدول العربية ليس لديها اقتصاد بحجم اقتصاد اسبانيا ذات الأربعين مليون نسمة على رغم أن عدد السكان في الدول العربية يزيد أكثر من سبع مرات على اسبانيا ولدى الدول العربية ثروات هائلة من النفط والغاز والمصادر الطبيعية الأخرى.

هذه المقارنة المذهلة ليست الوحيدة التي يمكن ذكرها، وإنما هناك شركات كمبيوتر وشركات سيارات أميركية لديها اقتصاد يزيد حجمه على حجم اقتصاد البلدان العربية بما في ذلك أغنى بلداننا العربية.

وعلى هذا الأساس فإن تكوين اتفاقية لمنطقة تجارة حرة بين أميركا وعدد من الدول العربية من شأنه ان يزيد حجم الاقتصاد في هذه الدول لأن ما هو متوافر في الاقتصاد الأميركي كبير جدا. وفيما لو اغفلنا الجانب السياسي، فإن مثل هذه المشروعات من شأنها تعزيز الثقة في اقتصادات تنمو بصورة أفضل مما هو الوضع الحالي. ذلك لأن اتفاقات التجارة الحرة تتطلب الوصول إلى اتفاقات إجرائية مثل سرعة تكوين الشركات ومثل حماية البيئة والشفافية، وكل هذه الأمور نحتاج اليها في البحرين ونحتاج إلى إشراك القطاع الخاص بشكل أساسي لانجاحها.

القطاع الخاص في البحرين مازال لم يأخذ دوره المتوقع منه، ويشتكي رجال وسيدات الأعمال من أن الوزارات تتعامل معهم كما يتعامل الاستاذ مع التلميذ في المدارس الابتدائية، وان المشاورات والشراكة ليست موجودة بالدرجة المطلوبة. وهذه الشكاوى تصاحبها شكوى شبه دائمة من عدم وضوح الاستراتيجية الاقتصادية لكي يتمكن القطاع الخاص من ممارسة دوره.

ربما إن هذا مفهوم ويمكن التعاطف مع كثير منه، إلا ان القطاع الخاص يلومه البعض لأنه يحجم عن الاستثمارات الداخلية الكبيرة ويدل على ذلك الاحصائية التي أوردتها بعض المصادر الغربية من ان التجار البحرينيين لديهم أكثر من 17 مليار دولار خارج البحرين.

رقم مذهل، لأنه كبير جدا بالنسبة إلى حجم البحرين وبإمكانه تحريك عجلة الاقتصاد فيما لو عاد إلى البلاد، فعودته تعزز استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية ايضا، وتحرك الاقتصاد البحريني الذي يمتلك عدة مزايا غير متوافرة في دول أخرى مثل توافر الأيدي العاملة المحلية والماهرة.

التجار والمستثمرون يودون التأكد من عدة أمور، ويودون الشفافية والمنافسة الشريفة ويودون سرعة الاجراءات لتكوين شركات والموافقة على مشروعاتهم الاستثمارية، وكل هذه الأمور بالامكان انجازها من خلال اتفاقات التجارة الحرة لانها تتطلب الالتزام بضوابط دولية معترف بها في عالم الاقتصاد.

غير أن هناك أمورا كثيرة لا ينبغي ان يتأخر البت فيها، وهي تخفيض العبء البيروقراطي. فالدول الأخرى لديها الآن تسهيلات كثيرة تمكن المستثمرين المحليين والأجانب من تسيير معاملاتهم من خلال «نقطة واحدة» يتم فيها تخليص الأوراق بسرعة، بينما الأمر لدينا يطول بين عدة وزارات وبين «انتظر الجواب الرسمي»، والجواب الرسمي يختفي في كثير من الاحيان بين جبال من الاوراق المتراكمة. بل ان هناك من يخشى تقديم دراسة الجدوى التي صرف عليها مبالغ طائلة لانها قد تنتهي بيد شخص يعطل المشروع لكي يقوم هو بإنشاء مشروع خاص به يستفيد فيه من المعلومات المقدمة.

الأمور بدأت تتحسن أخيرا مع قرار مجلس الوزراء إحالة أي مشروع أو قضية طالت مدتها أكثر من شهر إلى المجلس ليتخذ اجراء حاسما بشأنها، ولكي تتحسن أكثر فإن الحكومة والقطاع الخاص يجب ان يتصارحا أكثر وان يكونا شريكين بدلا من علاقة الاستاذ والتلميذ الحالية

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 290 - الأحد 22 يونيو 2003م الموافق 21 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً