العدد 2942 - السبت 25 سبتمبر 2010م الموافق 16 شوال 1431هـ

الحقوق والحريات... ثمن الديمقراطية!

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

ثمة حاجة للتفريق بين أمرين: الحفاظ على أمن الوطن، وهو هدف لا خلاف عليه، أما الأمر الثاني هو تجاوز الحريات العامة والفردية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمواثيق الدولية ودستور مملكة البحرين وميثاق العمل الوطني والقوانين النافذة.

لست في معرض الحديث عن تبعات الوضع السياسي والأمني في البحرين منذ اختلاط الأوراق، غير أن المهم هو التذكير بالحقوق البديهية والإنسانية غير القابلة للمساومة.

من الواضح أن ثمة مساراً خاطئاً يتمثل في تقييد الحريات العامة وتجميد الحراك السياسي والحقوقي الفاعل، وطال هذا المسار المس بجوهر الحقوق.

ثمة تجاوزات كثيرة قد حدثت، وينبغي مصارحة الدولة بها، فكما على الجميع أن يدين العنف والتعرض للممتلكات العامة والخاصة، فإنه في المقابل تقع مسئولية حماية الحريات العامة على عاتق الدولة.

في الفترة السابقة شهدت الساحة مجموعة خطوات خاطئة، ونذكرها اليوم من باب المكاشفة وليس المناكفة، ومن باب مسئولية قول الحقيقة والدعوة للتصحيح.

في غضون شهر واحد، تم حل مجلس الإدارة (المنتخب) للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، وهي تكاد تكون المؤسسة الحقوقية المحايدة الوحيدة، بل أصبحت الحكومة تدير الجمعية من خلال أحد موظفيها. وهي سابقة لم تحدث سابقاً.

كما أغلق موقع جمعية «الوفاق» صاحبة أكبر كتلة برلمانية، ومن ثم سحب ترخيص نشرة «الوفاق» وزميلتها «وعد» بدون قرار قضائي، ومن ثم تم الإعلان عن سحب جنسية الشيخ حسين النجاتي وأفراد أسرته بلا سند قضائي، رغم أن الدستور صريح - في المادة 17- بأن «الجنسية البحرينية يحددها القانون، ولا يجوز إسقاطها عمن يتمتع بها إلا في حالة الخيانة العظمى، والأحوال الأخرى التي يحددها القانون».

لأول مرة في تاريخ البحرين يتم النيل من الحقوق الشخصية من خلال سحب الخدمات العامة المقدمة من الدولة، وهي حق إنساني فضلا ً عن كونها من استحقاقات المواطنة. فهل يعقل سحب منزل أسرة بحرينية كانت تنتظر هذا البيت 15 خريفاً، وهل يعقل إقالة مدون إلكتروني من وظيفته من دون قرار قضائي أيضاً.

الأمر الخطير في كل تلك الخطوات هو استباق القضاء، فلماذا لم ينقل الملف برمته للقضاء ليقول كلمته حتى الآن.

وهناك ما يدعو للريبة والحيرة، وهو صمت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (الواجهة الحقوقية الرسمية) التي أضحت في «خبر كان» مما يجري، وربما هي ما تزال في صدمة الاستقالة المفاجئة لرئيسها الناشط سلمان كمال الدين؛ احتجاجاً على تطورات الأحداث. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن: لماذا تتهرب هذه المؤسسة من القيام بواجباتها المعلنة في مرسوم تأسيسها.

الدستور صريح بما فيه الكفاية بحماية الحريات، إذ ينص بالحرف الواحد على ضمانات واضحة على نحو لا يقبل التشكيك، وآثرت نقل نص المادة الصريحة التي تشكل ضمانة كبرى لحماية الحقوق والحريات.

المادة (20) من دستور مملكة البحرين تنص على:

أ- لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها.

ب- العقوبة شخصية.

ج- المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمّن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفقاً للقانون.

د- يحظر إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً.

هـ- يجب أن يكون لكل متهم في جناية محام يدافع عنه بموافقته.

و- حق التقاضي مكفول وفقاً للقانون.

وبوسع المرء أن يسأل إن كانت هذه البنود مطبقة فعلاً اليوم أم تم تجاوزها في الكثير من الإجراءات الرسمية السارية المفعول هذه الأيام.

منذ ولادة المشروع الإصلاحي بزغ فجر حقوقي في سماء البحرين، وحظيت خطوات البحرين بترحيب عالمي واسع النطاق. فالبحرين عضو في المجلس الدولي لحقوق الإنسان، وهذه العضوية تفرض علينا التزامات واضحة وصريحة، كما تعهدت البحرين ببرنامج عمل لتطوير الواقع الحقوقي أثناء المراجعة الدولية الشاملة في جنيف.

ومن المفارقة أن وزيرة التنمية الاجتماعية توجهت إلى جنيف أمس- ممثلة عن الحكومة - للمشاركة في فعاليات مجلس حقوق الإنسان والالتقاء بعدد من المسئولين المعنيين بقضايا حقوق الإنسان، ولكن بالتأكيد ستواجه الوزيرة قدراً من الحرج في شرح تطورات الوضع الحقوقي والذي كان مثار انتقاد واضح من المفوضة السامية لحقوق الإنسان السيدة نافي بيلاي.

نقف تماماً مع الدولة في نبذ العنف وفي ترشيد الخطاب السياسي وعدم النيل من مكانة النظام والمؤسسات، ولكن في المقابل لا بد من الالتزام الكامل بالدستور والاحتكام للقانون في كل الأحوال.

المطلوب اليوم هو حماية الحريات التي هي مكسب كبير للتجربة الإصلاحية في البحرين. ومن الحري تصحيح التراجع في القطار الحقوقي مهما كانت المبررات؛لأن الديمقراطية لها ثمن وثمنها الحقوق والحريات

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2942 - السبت 25 سبتمبر 2010م الموافق 16 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 3:32 م

      ماالعمل.......؟

      أثار عَجَبي واستغرابي قلة التعليقات على المقال رغم أهمية المضمون واستحقاقه للتأمل والتساؤل فهل هذا مؤشر على تسليمٌ من المواطن للأمر الواقع بعد أن قطعت شعرة معاوية بينها وبينه؟

    • زائر 5 | 3:25 ص

      خالد الشامخ:لا بد من التنظيف

      لا بد من تنظيف سمعة كلمة حقوق الانسان لان الجرائم التي ارتكبت تحت رايات الدفاع عن حقوق الانسان تفوق تلك الادعاءات ..فلا تسيس لمنظمات حقوق الانسان ولا تسيس للدين و لا تسييس لخدمات المواطنين..

    • زائر 1 | 10:52 م

      الديمقراطية لها ثمن وثمنها الحقوق والحريات

      لا بد من الالتزام الكامل بالدستور والاحتكام للقانون في كل الأحوال. المطلوب اليوم هو حماية الحريات التي هي مكسب كبير للتجربة الإصلاحية في البحرين. ومن الحري تصحيح التراجع في القطار الحقوقي مهما كانت المبررات؛لأن الديمقراطية لها ثمن وثمنها الحقوق والحريات

اقرأ ايضاً