العدد 2945 - الثلثاء 28 سبتمبر 2010م الموافق 19 شوال 1431هـ

بغداد يومك لا يزال كأمسه!

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

بغداد يومك لايزال كأمسه

صور على طرفي نقيض تجمع

يطغى النعيم بجانب وبجانب

يطغى الشقى فمرفه ومضيع

في القصر أغنية على شفة الهوى

والكوخ دمع بالمحاجر يلذع

ومن الطوى جنب البيادر صرّع

وبجنب زق أبي نؤاس صرع!

رائعة هي قصيدة الخطيب الشيخ أحمد الوائلي التي سطرها في ستينيات القرن الماضي والتي تتحدث عن معضلة مزمنة في بلاد الرافدين، فهي صالحة لكل زمان إذا أردنا مقاربة جرح العراق، فالقصيدة بليغة في وصف مأساوية بلاد ما بين النهرين، وأراها تطابق الواقع العراقي في كل تضاريسه المؤلمة.

200 يوم مضت على إجراء الانتخابات البرلمانية الثانية في العراق منذ سقوط النظام العراقي السابق في ربيع العام 2003. وخلال 200 يوم من المباحثات والمناقشات والمداولات والمنكافات لم يستطع العراقيون تشكيل حكومة جديدة، ذلك أمر عائد لمجموعة من المؤشرات بالغة الخطورة.

العراق قدم صورة غير محببة للديمقراطية، فليس بالضرورة أن تكون الانتخابات هي مفتاح التغيير، بل هي مفتاح أزمة مفتوحة لا يجد العراقيون لها مخرجاً وقد تم تجاوز كل السقف الدستورية والمواعيد الزمنية الأصلية والبديلة لولادة عسيرة لحكومة هشة في كل الأحوال.

ثمة عامل أساسي يعوق تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، وهي عدم توافق اللاعبين الأساسيين في الخارج على صيغة الحكومة العراقية المنتظرة. وشهدت المنامة الأسبوع الماضي اجتماعاً لوزراء داخلية الجوار العراقي، وتم تكرار اللغة الرتيبة التقليدية وهي حرص الجميع على تثبيت دعائم الاستقرار وبذل الجهود لتشكيل الحكومة، ولكن ما يدور في الخفاء على النقيض تماماً، ولا تطابق الأقوال حقيقة الأفعال. فأجهزة الاستخبارات والإعلام تسير في اتجاه نقيض لما هو معلن من عواصم تلك الدول.

لقد بلغ الوضع مأساويته في العراق لحد أن الدول الكبرى والمؤثرة القريبة والبعيدة باتت لا تجد حرجاً من التصريح عن نفوذها وعن طوابيرها الخامسة في بغداد. وفي حال عدم تلاقي رغبات القوى الدولية المؤثرة في الواقع العراقي فإن ذلك يعني أن الحكومة العراقية لا يمكنها أن تبصر النور.

العامل الآخر الذي يبدد حلم الحكومة حتى الآن، هو عدم توافق القوى السياسية العراقية حتى مع ذاتها، ففي بطن التكتل السياسي الواحد يمكن للمرء أن يلحظ مدى الانقسام في المصالح والأهداف والأجندة فضلاً عن علاقة هذه القوى مع بعضها. فلا الحوارات المغلقة ولا الوساطات لم تفلح في تقريب المسافات والهوات العميقة بين الفرقاء الرئيسيين في العراق.

مخطئ من يعتقد أن مشكلة العراق اليوم تتمثل في شخوص السياسيين الكبار وفي مقدمتهم رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي ولا حتى غريمه رئيس الوزراء الأسبق وزعيم القائمة «العراقية» إياد علاوي، وليست مشكلة أي مرشح ثالث أو رابع أو حتى عاشر بديل. المشكلة أبعد مدى من ذلك، إنها مشكلة صراع الإرادات والمصالح وتقاطع الأجندة وتشابك الخيوط مع بعضها.

ثمة رهان خطير لدى القوى الإقليمية والدولية على تعميق الانقسام المذهبي والسياسي والعرقي، وإغلاق أية فرصة لنهوض واقع عراقي جديد يقوم على التعددية والتداولية والشراكة وعدم إقصاء أي مكون من مكونات الشعب العراقي.

الأمر الأكثر خطورة، هو فقدان الشعب العراقي الأمل في التغيير، ثماني سنوات مضت على سقوط الدكتاتورية، و200 يوم مضت على انتخابات تاريخية صنعها العراقيون بتضحيات كبيرة عسى أن يتنفس العراق الصعداء... أما آن الوقت لأن تعانق الابتسامة وجنات بغداد المضرجة بالأرجوان؟!

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2945 - الثلثاء 28 سبتمبر 2010م الموافق 19 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:13 ص

      خالد الشامخ : أل أيه أل ديمقراطيه !!!

      من صجكم تعتقدون أن في العراق ديمقراطيه ..السجون متروسه علي الاخر و بدون تهمه أو محاكمه..و المليشيات في كل ركن و داعوس ..و الحرس الثوري يتولي أستجواب العراقيين في سجون سريه ..الاصطفاف الطائفي واصل حده ..و الحدود مستباحه من الجاره الجائره ..و المالكي جالس غصب عن الكل ..

    • زائر 3 زائر 2 | 7:47 ص

      الأزمة والسبب الاول

      تحيتي لتلقيكم اولا
      وجود السلطة الدينية وخاصة الديانة الاسلامية بفرقها ال 72 والتي تفرعت الان من الفرق للتصبح مئات الفرق وكل منها يقول انا لدي الحقيقة هؤلاء لايبنون كوخ صغير فكيف بلد مهدم جملتا وتفصيلا وفيه الانسان هو الاخر نهدم
      خليل مزهر الغالبي - كاتب انسني وناقد ادبي

    • زائر 1 | 12:04 ص

      التغيير مرهون بالوحدة، والمحاصصة ليست شراكة.

      تدخل دول الجوار في شئون العراق وبالذات التدخل الخفي المبطن بالطائفية والذي يحاك من خلف الكواليس كابوس جاثم على رقاب العراقيين، فالمسألة فيها أبعاد مذهبية في غاية الخطورة فقيام دولة على غرار الجمهورية الإيرانية الإسلامية يقوض المضجع لهم فليس من السهل على دول تحكم بالوراثة أن تساهم في قيام حكومات متعددة الأحزاب السياسية والمذهبية وللأسف لقد أخطئ رئيس الوزراء المالكي حينما عمل بالمحاصصة فكانت الطامة الكبرى على العراق بعد النصر العظيم على سقوط صنم العراق صدام، التغيير مرهون بالوحدة. نبيل حبيب العابد

اقرأ ايضاً