العدد 3000 - الإثنين 22 نوفمبر 2010م الموافق 16 ذي الحجة 1431هـ

ننشد واقعاً بلا خسائر

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

قد تتحقق الغاية التي تنشدها الحكومة من تقنين الدعم الحكومي للمحروقات وبعض المواد الغذائية التي يعتمد عليها المواطن بصورة أساسية في حياته اليومية، بحيث يوجه لمحدودي الدخل والطبقة المتوسطة من أجل خلق وفر مالي يمكن إعادة توجيهه للصرف على أولويات ومشروعات تنموية، ولكن المواطن لايزال حتى هذه اللحظة يتساءل عن الآلية والوسيلة والكيفية أكثر من أي شيء آخر.

من الطبيعي أن يواجه أي تغيير في حياة الإنسان صداً ورفضاً في بداية الأمر، فهذه طبيعة البشر، فمن الصعب تغيير طبيعة معيشة الفرد بصورة مفاجئة، فالعملية تتطلب شيئاً من التدرج في التطبيق مع استخدام مختلف وسائل الإقناع الممكنة لجعل الرافضين للفكرة أكثر تقبلاً لها، وهذا ما نفتقده حالياً، فالتصريحات الرسمية تبرر القرار ولكنها لم تتطرق إلى عواقبه ومقوماته الإيجابية، ولم تحدد خارطة واضحة المعالم للتنفيذ.

وتزامناً مع الأخبار شبه اليومية عن هذا الموضوع، يطالب المواطنون في المقابل بزيادة رواتبهم لمواجهة أي تحديات وهزات مادية قد تصيبهم جراء فرض التسعيرة الجديدة للمحروقات، وهذا ما لا يمكن أن يتحقق للعاملين في القطاع الحكومي مع ارتفاع الدين العام، فكيف الحال بالنسبة للموظفين في القطاع الخاص؟

ومن بين التساؤلات التي تطرح في الشارع والتي قد لا تصل إلى المسئولين: هل ستوزع كوبونات على الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل لاستخدامها في الحصول على الخدمات المدعومة أم سيتم تعويض الفارق الذي يدفعونه عبر ضخه في رواتبهم؟ وهل تمتلك الجهات الرسمية قاعدة بيانات عن هذه الشريحة التي تعيش ظروفاً قاهرة في كثير من الأحيان لتوفير الاحتياجات الأساسية في ظل عدم توافر السكن الملائم وما يتبعه من تسديد إيجارات الشقق لأجل غير مسمى؟ وكيف ستتعامل الحكومة مع استغلال البعض للسلع المدعومة من خلال تهريبها وبيعها بأسعار مرتفعة؟ وهل يستوي الفقير مع التاجر الذي يستغل اللحوم والدواجن المدعومة لحسابه الخاص؟

هناك ملفات كثيرة تشغل المواطن البحريني وتسلب جل تفكيره وتحرمه من النوم، وأحياناً تتسبب له بأمراض فجائية لم يسبق أن كان يشكو منها طوال حياته، نتيجة تراكم الضغوط إلى حد لا يطاق، ولعل إحصاءات وزارة الصحة تبرهن على تزايد الأمراض المزمنة في المجتمع البحريني خلال السنوات الأخيرة، بينما الأسباب غير معلنة.

وذلك سيدفع الدولة إلى ضخ المزيد من الأموال لتأمين العلاج المجاني للمواطن، وبناء المزيد من المراكز الصحية والمستشفيات العامة والعيادات المتخصصة، لمواجهة تزايد عدد المراجعين المترددين على أقسام الطوارئ.

قد يرى البعض أن هذا الأمر ليست له علاقة برفع الدعم عن المحروقات وربما اللحوم والدواجن في وقت لاحق، ولكن الحقيقة تشير إلى غير ذلك، فالملف الإسكاني الأزلي لايزال يمثل حالة إرباك تؤثر على إنتاجية الفرد في العمل، وبطالة الجامعيين تشعل خوف المنتسبين للجامعات على مستقبلهم الوظيفي، وضعف الأجور في مقابل تضخم الالتزامات الحياتية يهدد استقرار عوائل بأسرها، وتراجع الأملاك العامة وتحولها إلى خاصة يربك خطط التنمية والتطوير والمشروعات بأنواعها، وملفات أخرى لا يسع الوقت لذكرها مرتبطة ببعضها البعض في دائرة مقلقة ومشوشة للتفكير.

المواطن ليس لديه الاستعداد الكافي لتحمل المزيد من الضغوط، وكل ما يأمله أن ينظر إليه المسئولون بعين الرأفة، من منطلق أن الدولة مسئولة عن رعاياها، ولا حرج أن تتحرك في اتجاه تصحيح واقع يستنزف مواردها المادية، ولكن بشرط ألا يتضرر منها أبناؤها البسطاء.

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3000 - الإثنين 22 نوفمبر 2010م الموافق 16 ذي الحجة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:36 م

      حياة مواطن

      كم أفرحني عندما قرات هذا المقال ، عزيزي الكاتب بن الصفار لطالما عرفتك ونحن في أول ايام الدراسة الثانوية وانت تنظر لمستقبل الاجيال القادمة سواء كنت في المسرح والكتابة ،أستمد من مقالك عبارة (هل ستوزع كوبونات على الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل لاستخدامها في الحصول على الخدمات المدعومة أم سيتم تعويض الفارق الذي يدفعونه عبر ضخه في رواتبهم)! رواتبهم هذا مايقوله المواطن دائماً( الرواتب )؟

اقرأ ايضاً