العدد 3005 - السبت 27 نوفمبر 2010م الموافق 21 ذي الحجة 1431هـ

نسيت أن أحيا!

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

ذكرني موضوع رفع الدعم الحكومي عن بعض السلع الأساسية الذي يشغل الرأي العام المحلي حالياً حتى قبل أن يبدأ المجلس النيابي عمله بتلك الدوامة الافتراضية التي كتب على البحريني أن يمر بها شاء أم أبى، إلا من رحم ربي.

هذه الدوامة أو دولاب الحياة البحرينية كما يمكن أن نسميه تفرض أدواراً وأوضاعاً اجتماعية واقتصادية على كافة أفراد الطبقة المتوسطة المنهكة في هذا البلد، والتي بدأت منذ سنوات في الانقراض بعد أن أهلكتها القروض وتضخمت أعداد السكان.

فقصة رفع الدعم الحكومي وكل النقاش الدائر حولها ليست إلا مؤشراً واحداً من مؤشرات عدة تبين أن دولاب الحياة في البحرين يضيق شيئاً فشيئاً، وسيستمر في الضيق ليمتص ما بقي من أوكسجين اقتصادي يسمح للطبقة المتوسطة بالتنفس.

سأترك النقاش الاقتصادي جانباً فقد أشبعه الاقتصاديون تحليلاً، وسأركز على الجانب النفسي أو الاجتماعي للبحرينيين الذين يبدو أن دولاب الحياة امتص منهم سعادتهم أو يكاد.

بحسبة بسيطة وحسب أحدث الإحصائيات يعيش الإنسان في البحرين بمتوسط عمر يبلغ 77 عاماً للنساء و73 عاماً للرجال (ليس فارقاً كبيراً بالمناسبة)، يقضي فيه نحو 18- 20 سنة في الدراسة والتعليم، ثم يتوقع أن يقضي سنتين أو ثلاثاً باحثاً عن عمل، وبعد أن يبدأ في العمل يفكر في الزواج وتكوين أسرة وهو في منتصف العشرينيات، وبعد الزواج يقرر أن يقوم هو وزوجته بشراء منزل بسيط ومتواضع يعيش فيه مع أسرته الصغيرة، فيضطر أن يأخذ قرضاً «تأبيدة» يسدده وزوجته على مدى ربع قرن من الزمان أو أكثر. وينجب أولاداً ويثقل بمصاريفهم ويأخذه دولاب الحياة الذي لا يمكنه الفكاك منه، فقد يستمر هو وزوجته في عمل لا يحبانه، وقد يعيشان حياة لم يخططا تماماً لها. وبعد ثلاثين سنة أو يزيد في عمل أفنيا عمرهما فيه، وبعد أن كبر الأولاد وتعلموا بشق الأنفس، يتقاعد كل منهما أخيراً من عمله ليحصل على راتب تقاعدي قد لا يكفيه. ليسأل نفسه سؤالاً مؤلماً: ماذا نسيت بعد كل هذا العمر الذي انقضى؟؟ لقد نسيت أن أحيا!

دولاب الحياة في البحرين بالنسبة للطبقة المتوسطة التي تشكل أغلبية يجبرهم رغم أنوفهم على المرور بكل هذه المحطات، فلا الوضع الاقتصادي ولا الاجتماعي يسمحان للإنسان في البحرين أو يؤهلانه للخروج من هذا الدولاب لتلمس معانٍ أخرى أوسع للحياة إلا فيما ندر. وهل نرتجي من هذه الفئة العظمى أي إبداع أو عطاء اجتماعي ونحن نخنقها يومياً؟

ولعلنا نفهم ذلك عندما ندرك أن هناك علاقة مباشرة تم إثباتها علمياً بين متوسط عمر الإنسان وبين مستواه المادي، فقد أثبتت دراسة طبية أخيرة بأن الأفراد الأغنياء لديهم فرصة أفضل في العيش أطول من أولئك الذين ينتمون إلى الطبقات الفقيرة.

«إكسير الحياة» السحري الذي اكتشفته هذه الدراسة هو هرمون يفرزه الجسم عندما يعيش الإنسان مرتاحاً نفسياً وعصبياً، وزيادته تتسبب بالتالي في طول العمر. وذلك بعكس الأفراد الذين ينتمون إلى الطبقات الفقيرة والذين يعانون من التفكير والقلق المرتبط بنقص العائد المادي مما يقلل إفراز هذا الهرمون.

وأتساءل كيف يمكن أن تفرز أجسام البحرينيين هذا الهرمون وهم يعيشون على وجل، فالقروض تخنقهم وسيف رفع الدعم الحكومي مسلط على رقابهم، ومتطلبات الحياة تجرهم في كل مرة خلفها حتى تنسيهم كيف كانوا يتخيلون حياتهم عندما كانوا صغاراً، والعمر يجري من بين أصابعهم وهم مشغولون بقلق دائم يسكنهم.

فرفقاً بالطبقة المتوسطة فكل ما يريده أفرادها هو الحياة

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 3005 - السبت 27 نوفمبر 2010م الموافق 21 ذي الحجة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 2:32 م

      من اجل الصهيونيه

      ابنتى ندى
      من يتزوج فى عمر ال25 هذا سعيد ومحظوظ ومن يحصل على وظيفه بعد 2 او 3 سنه فهذا سعيد جدا
      امريكا اوعزت الى الدول المتمطرقه حجيثا ان ترفع الدعم لتوفير النفقات لها والى جيوشها التى تحارب الارهاب ان صح التعبير
      لايوجد ارهاب وانما امريكا والصهيونيه والغرب هم من اسس الارهاب وزرعوه فى الدول الاسلاميه من اجل احتلالها والسيطره على خيرات المسلمين والمستضعفين
      وما محاربته لايران ولبنان وسوريا ودول امريكا الجنوبيه الحرة لان هذه الدول رفضت هيمنة الصهيونيه العالميه عليها .

    • زائر 7 | 12:45 م

      أحسنت يا ندى الوادي

      بارك فيك أختي ندى وسلمت الأنامل التي خطت هذه السطور التي تدل على أنك كاتبة وصحفية من الطراز الأول ومدافعة بإمتياز عن الطبقة الوسطى ، والشكر لجريدة الوسط الغراء التي عودتنا على المهنية والحيادية العاليتين.

    • زائر 6 | 12:40 م

      سيف رفع الدعم

      يجب كسر سيف رفع الدعم عن طريق رفع دعوى أمام المحكمة المدنية - الدائرة الإدارية حيث تكون فيها الطبقة الوسطى مدعيا وقرار رفع الدعم مدعى عليه وقطعا سوف يحكم القضاء النزيه بإلغاء القرار الطعين المشوب بعيب الإنحراف بالسلطة وركن السبب وركن المحل ، لأن هذا القرار فيه تجني وافتآت على الطبقة الوسطى التي هي أساس بناء المجتمعات وأي قرار يهدد هذه الطبقة سزف يؤدي إلى إنتشار أمراض الفقر.

    • زائر 5 | 6:34 ص

      ارى الهجرة هي الحل

      لماذا لا نفكر بالهجرة ؟
      حين تكون في وطنك فقير فأنت غريب ، بالتالي لما تكون في الغربة غني فذلك وطن ,, هكذا لخص الامام علي (ع) الغربة

    • زائر 4 | 3:18 ص

      صدقت

      الحياة هي في مكان آخر .. الفقير لا يعرف اين؟

    • زائر 3 | 1:50 ص

      وردة

      سلمت يداك يا أخت ندى

    • زائر 2 | 10:27 م

      عندما تذكرت ان احيا اماتني الظلم والقهر

      لا تظلمن اذا ماكنت مقتدرا
      فالظلم ترجع عقباه الى الندم
      تنام عيناك والمظلوم منتبه
      يدعوا عليك وعين الله لم تنم

    • زائر 1 | 10:18 م

      • بهلول •

      وهو المطلوب
      أن تعيشي في الواقع المرير
      و تنسين أشياء كثير كثير
      و تظلين أنت بنت الفقير
      بلا هرمون ولا إكسير
      و ما إلِك غير الجرجير

اقرأ ايضاً