العدد 305 - الإثنين 07 يوليو 2003م الموافق 07 جمادى الأولى 1424هـ

الاتحادات والنقابات المياه الراكدة تتحرك

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

بعد الغاء قرار ديوان الخدمة المدنية الذي كان يمنع تشكيل النقابات في القطاع الحكومي بدأت تتحرك الأمور بصورة اكثر ايجابية. وبعد فترة وجيزة سيكتمل عام منذ السماح بتشكيل «الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين»، وهو الوريث للتنظيم العمالي الذي كان يطلق عليه «اللجنة العامة لعمال البحرين» والمفترض ان النقابات في الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص والقطاع العام (بما في ذلك القطاع الحكومي) تكون قد أكملت تشكيلاتها الرئيسية لتجتمع في مؤتمر عام وتنتهي بذلك الفترة الانتقالية وتعلن اكتمال تأسيس «الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين».

التشكيل الذي سيكتمل لا يلبي مئة في المئة جميع المتطلبات النقابية بحسب مواصفات منظمة العمل الدولية (خصوصا فيما يتعلق بحق الاضراب والمفاوضة الجماعية)، ولكن بلا شك فإن النقابات بدأ دورها يكبر ويتعزز، خصوصا وان النقابات تعتبر من أنجح التشكيلات الوطنية التي استطاعت اختراق الحواجز المذهبية التي مازالت تسيطر على كثير من تشكيلات المجتمع الاخرى، لاسيما الجمعيات السياسية التي دخلت سجن الحدود الطائفية (عموما) بدلا من القضاء عليه.

اتحاد النقابات العمالية سيسبق اتحاد النقابات المهنية بسبب تلكؤ الاجهزة الرسمية في السماح للجمعيات المهنية بالتحول إلى نقابات حقيقية تمتلك الصلاحية في تنظيم المهن وضبط المهنة والتفاوض مع الآخرين نيابة عنهم. ولكن يبدو ان المياه الراكدة بدأت أخيرا تتحرك وربما يفسح المجال للجمعيات المهنية الكبرى بالتشكيل (المحامين، الاطباء، المهندسين). وستبقى مشكلة الصحافيين قائمة لان التدخل الحكومي اشد من غيره ولارتباط المهنة بوزارة الاعلام التي سعت في الفترة الاخيرة إلى تحديد مهنة الصحافة بطريقة غير عادلة بحسب قانون الصحافة والنشر. والصحافيون سيعانون اكثر من غيرهم لان لديهم جمعية للصحافيين مدعومة بقوة من قبل الجهات الرسمية، بينما توجد نقابة تحت التأسيس مدعومة من اكثر الصحافيين. ومحاولات توحيد الجهود بردت أخيرا مع ازدياد مشكلات الصحافة. وأملنا ان تتوحد الجهود وان تصبح للصحافيين نقابة مستقلة وليست تابعة للجهات الرسمية، وتدافع عن الصحافة والصحافيين وليس عن وزارة الاعلام والرسميين. فالوزارة والمسئولون لديهم سلطة تنفيذية كبيرة جدا وهم في غنى عن مؤسسة اخرى تضاف إلى سلطاتهم. ولربما نشهد توافقا صحافيا من القاعدة يتحرك إلى الامام فحين يلمس الصحافيون وغيرهم من الجهات المهنية ذلك التقدم ستشكل نقابات مستقلة تمثل أصحاب المهنة.

بعد النقابات هناك الاتحادات. فلدينا اتحاد نسائي اعترفت به وزارة العمل ولكن لديه نواقص والهيئة التحضيرية للاتحاد النسائي اعترضت كثيرا على محتوى التشكيل. ولكن الجمعيات النسائية كانت بطيئة في تنظيم صفوفها، وبدأت أخيرا بالحديث عن قبول اشهار الاتحاد «على علاّته» وهي بذلك ربما تأخذ ما تحقق لها وتبني عليه لتطالب بالتشكيل الذي سعت اليه من حيث القدرة على توحيد الجهود النسوية وتمثيلها بصورة تمكنها من التأثير على السلطات المختلفة فيما يتعلق بشئون المرأة. وقد تباطأ الاتحاد كثيرا بعد تشكيل «المجلس الأعلى للمرأة» على رغم التوضيح المتكرر من مسئولي المجلس بانه هيئة استشارية للحكومة وليس ممثلا للجمعيات النسوية الاهلية. الاتحاد النسائي لديه آلية متطورة للعضوية بحيث يترك الجمعيات النسائية مع اللجان النسائية التابعة للجمعيات غير النسائية ويضيف اليهم الأعضاء المستقلين الذين ينتمون اليه بصورة مباشرة ولكنه غاب فترة طويلة منذ مطلع هذا العام وليس معلوما اذا كانت اللجنة التحضيرية تنوي عقد المؤتمر العام لانهاء عملها التحضيري واشهار اتحادها قبل نهاية هذا العام.

الاتحاد الطلابي يبقى المعضلة الاخيرة، ولكن مياهه ليست راكدة جدا. فوزارة التربية وجامعة البحرين مازالتا تصران على تشكيلة مجلس الطلبة البعيدة جدا عن معنى الاتحاد الطلابي المستقل الذي يمثل الطلاب ويتحاور ويفاوض باسمهم وتكون له صفة اعتبارية ومقر دائم خارج اسوار الجامعة لكي يستطيع تمثيل جميع الطلاب في جميع الجامعات والكليات. وقد خلطت الجامعة ايضا بين مجلس الطلبة المنتخب والتعيين المرافق لانشطة الطلاب ما قلل من أهمية الهيئة المنتخبة (في الوقت الحاضر) حتى على المستوى البسيط، اي في حدود مجلس طلبة خاص بجامعة البحرين فقط.

غير ان هناك بصيص نور في هذا المجال ايضا. فلأول مرة في تاريخ وزارة التربية والجامعة يتم الانفتاح رسميا على هيئة تمثل الجامعيين ويكون مقرها خارج اسوار الجامعة وخارج الإطار الرسمي. فلقد كان لا شراك «الجمعية البحرينية للجامعيين» في عدد من نشاطات جامعة البحرين ووزارة التربية في امور حساسة مثل البعثات، اثر ايجابي جدا على الطلاب. بل ان تلك المشاركات اعتبرت مؤشرات ايجابية تدلل على مدى الانفتاح لدى وزير التربية ورئيس الجامعة اللذين خطيا تلك الخطوة غير المسبوقة.

فعلى رغم ان الجمعية البحرينية للجامعيين ليست اتحادا رسميا وانما هي جمعية اهلية، الا ان التعامل معها (ولو بصفة استشارية) يعتبر افضل خطوة جادة تتخذ باتجاه السماح - مستقبلا - بتشكيل اتحاد طلابي له صفة اكثر من استشارية.

مع تحريك المياه الراكدة في الجانب الرسمي فإن الجانب الاهلي مطالب بلعب دوره بصورة اكثر حرفية وايجابية لاثبات قدرات البحرينيين في عمل النقابات والاتحادات..

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 305 - الإثنين 07 يوليو 2003م الموافق 07 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً