العدد 3056 - الإثنين 17 يناير 2011م الموافق 12 صفر 1432هـ

دروس تونس... والعقلية الأمنية

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

جاء سقوط نظام زين العابدين بن علي في تونس ليفتح ملفات كثيرة عالقة في الدول العربية، والتي كان «بن علي» يمثل أنموذجاً لها للتهرب من المساءلة في تحقيق الديمقراطية والمطالب المعيشية يسعى إليها كل مواطن عربي.

عندما تغيب العدالة فإن قيمة الإنسان تُنتهك وتصبح بلا قيمة فهو إمّا أجير وعبد أو معذب في الأرض يدوس عليه من يشاء... تلك الكلمات قالتها شقيقة محمد بوعزيزي «ليلى» وهي تتحدث أمس (الإثنين) إلى إذاعة «بي بي سي»، معبّرةً بأن ما جرى لشقيقها لم يكن مؤلماً بقدر أن موته قدّم الحرية والكرامة لشعب وطنها التونسي الذي عانى ويلات القهر الاجتماعي والسياسي على مدى 23 عاماً.

ليلى علّقت: «أخي تعرض للإهانة وقد مات والدنا وهو في الثالثة من عمره وجميعنا نعمل باليومية، أي أعمالنا غير ثابتة (...)، بحث عن عمل فلم يجد وعندما وجد مصدر رزق حاربوه».

كلام «ليلى» كان مؤثراً وهو يعكس لنا الواقع الذي لا يراد سماعه من قبل من يمسكون زمام السلطة ويتألمون لأن أحد رفاقهم قد هرب من قبضة الشعب المنتفض.

ولو تطرقنا إلى موضوع الرزق والحرية فكلاهما في عالمنا العربي تحول إلى معادلة صعبة بل ويصعب فهمها من أنظمة لا تأبه بما يجري لشعوبها؛ بدليل أن محاولات الحرق التي حدثت أمس في عدة بلدان عربية، وكلها براهين واضحة على أن المواطن العربي مستعد لأن يدفع ثمناً باهظاً من أجل الحرية التي حرمتنا منها أنظمة تعيش على العقلية الأمنية - الاستبدادية. هذه العقلية التي مازالت تعشش في عقول من يمقت الديمقراطية وتزداد يوماً بعد يوم في دائرة من يمسك بزمام الأمور تبعاً لأهوائه وتبعاً لسياسات مزاجية تغيب العدالة عنها بل وتدفع في استمرار مزيد من الظلم الذي بدوره يولّد الاحتقان ومن ثم الانفجار الشعبي الذي قد يأخذ أشكالاً مختلفة تبعاً لظروف كل بلد.

مدير تحرير «الوسط» وليد نويهض أشار إلى أن «سقوط الدكتاتور لا يعني سقوط الدكتاتورية. فالشخص (الرمز) تتجسد في هيكله هيئة سلطة منهارة وخاوية تعاني من الضعف والتخثر مقابل مجتمع يتماوج بالحياة والحيوية طلباً للرزق والحرية. وهذه المعادلة لا تعني التعادل ولا تعطي شرعية للسلطة حتى تجدد المناورة وتتهرب من المسئولية».

إن الأزمة الحقيقية التي تعيشها شعوبنا مع أنظمتها هي كثرة الكذب وكثرة الرتوش التي تجمّل واقعنا، هذا الواقع الذي لا صلة له بما يبحث عنه المواطن العربي ألا وهي كرامته وحريته بعيداً عن عقلية تُزايد على الأمن وعلى الرزق.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3056 - الإثنين 17 يناير 2011م الموافق 12 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 10:56 ص

      ربما عن قريب تصنع بعض الانظمة هيئات معارضه بالتعيين

      بارك الله فى منطقك الحر فكل الدول العربية تحكمها سلطة كل شىء تحت تصرفها المطلق .. المناصب والنفوذ والمال والثروات والاعلام والقضاء وحتى مايسمى البرلمان وهيئات حقوق النسان ولا تريد ان يشاركها او يسائلها احد ولاندرى الى متى تستمر هذه المعاناة لدى المواطن العربى

    • زائر 21 | 4:35 ص

      وين الشعب اللى

      يسمع .... الحين عرفت ليش الحكومة تجنس

    • زائر 20 | 3:41 ص

      نوال عطية

      والله محد يصنع الديكتاتور والدكتاتوريه غيرنا احنا الشعوب الضعيفة

    • زائر 19 | 3:04 ص

      قطع الارقاب ولا قطع الارزاق معادلة صحيحة 100%100

      هذا ما حدث في تونس الخضراء وطبق عمليا الشهيد العزيزية ونحن في البحرين العزيزةيتطبق علينا المثل قبل فترة قصيرة جدا فصل بعض المتهمين من العمل قبل ان يقول القضاء حكمه فكيف يفصل المتهم من عمله وهو لازال الحكم لم ينطق ولم تثبت عليه التهمه هذا مصداق المثل قطع الارقاب ولا قطع الارزاق ؟؟؟!!!

    • زائر 18 | 2:22 ص

      الله يعين القلوب التي تحمل أكثر من هم (كل واحد أكبر كم الآخر)..

      تونس لم يكن عندهم غُرباء تُجلب لتأخذ سكن وقوت المواطن الأصلي..
      تونس مساحتها كبيرة ولها بحر وشواطي جميلة وأرض خضراء.. لم تُدفن بحارها ولم تدمر سواحلها ولم تقلع أشجارها..
      تونس لا يوجد بها نفط (يقتص من ريعه خارج الميزانية).. في تونس بس مشكلة..

    • زائر 17 | 2:06 ص

      أصيلة يا ريم

      هذا الشبل من ذاك الأسد يا بنت غالية دويغر وعبد الرحمن خليفة، دائماً كتاباتك تنضح بالوطنية وهي امتداد لتربية والديك.. كلامك مؤثر، لكن الأنظمة لا تعترف يا أخت ريم بكرامة الإنسان وحريته إلا عن طريق اختراع اسمه "هيبة الدولة!!"، فمن حق المتنفذين أن يسرقوا علناً ولا أحد يحاسبهم، وينتزعوا لقمة العيش من أفواه الفقراء والأنكى يودعونهم السجون إذا ما احتجوا!!.

    • زائر 16 | 1:48 ص

      مفهوم السيد والعبد ما زال باقياً

      لا زالت الأمة العربية تعيش فكر العبودية حيث بقي مفهوم الراعي والراعية ساكناً ومتجدراً في عقول الحكام العرب حيثُ يعتبرون الرعية عبارة عن قطيع من الأغنام لا يحق له الرفض أو الاعتراض ويتم قيادة الأمة بما يلائم مصالح الحكام الذين يستولون على ثروات وخيرات الأمة.
      الإنسان العربي بحاجة للحداثة في التفكير من أجل الثورة على مفاهيم العبودية ( السيد والعبد ) التي تخص العلاقة بين الحاكم والمحكوم.

    • زائر 15 | 1:39 ص

      العقلية الأمنية غير قابلة للتعليم أبدا

      رغم كثرة العبر والدروس والوطن العربي بالذات يعجّ
      بمثل هذه الدروس ولكن العقلية هي هي لم تتغير قيد أنملة وعلى العكس العقلية الأمنية تراهن على أنها هي القادرة على السيطرة الدائمة لذلك لا تغيير لا تطور لا لا وكما يقول الإمام علي ع ما أكثر العبر وأقل المعتبرين وهذا من مكر الله بحيث يجعل
      الجبابرة دائمي الوثوق بأنفسهم حتى يأخذهم أخذ عزيز مقتدر وكما قال الله تعالى ويمكرون ويمكر الله
      والله خير الماكرين. هؤلاء العقليات على قلوبها رين المعاصي والظلم فلا ترى قبح عملها بل تراه حسنا

    • زائر 14 | 1:28 ص

      سيدتي ايهما أولي لبني آدم

      الحرية أم الكرامة الانسانية فلماذا نطلق شعار الحرية لايجدي حرية مقاسها مفصلة ومطرزة الاهواء ليداس بها كرامة الانسان واقولها بالفم الملآن خذوا كل ما املك اسلبوني حريتي بس فقط ردوا لي كرامتى وآدميتى الانسانية كمخلوق على هذا التراب - شكرا سيدتي لمقالاتك النيرة الثائرة

    • زائر 13 | 1:26 ص

      نطالب بـ 1000 دينار لكل بحريني

      لماذا بعض الدول العربية تغدق على مواطنيها مليارات الدولارات ونحن 50 دينار تريد الحكومة ايقافها ؟؟

    • زائر 12 | 1:17 ص

      هذا الواقع و الحقيقة التي لا مفر منها

      80% من الثروة في في يد 5% من الشعب
      هذا الواقع و الحقيقة التي لا مفر منها

    • زائر 11 | 12:56 ص

      تونس تقرع ناقوس الخطر

      تونس تقرع ناقوس الخطر في الدول العربية وعلى الرؤساء ان يرتبون بيوتهم - انت دوما مبدعه

    • زائر 10 | 11:52 م

      الحمامة البيضاء

      80% من الثروة في في يد 5% من الشعب
      هذا الواقع و الحقيقة التي لا مفر منها

    • زائر 9 | 11:50 م

      كبيره

      كلامج عين الصواب هي كبيره ياريم تسلمين

    • زائر 8 | 11:46 م

      برغم فرحتنا لتونس ينغص علينا حالنا

      كلما ذكرت تونس زاد نزف جرح المواطن البحريني والعربي

    • زائر 7 | 11:43 م

      الله...الله...يرعاش

      الله يرعاش يااستاذه ريم وطيب الله انفاسك على هذا الحس الموعاش

    • زائر 6 | 11:38 م

      المهتم

      ليتني امتلك القليل من إبداعاتك ايتها الكاتبه الكبيره ولا يكبر إلا بوجودك هذه الأبداعات التي تنمو للأعلى بفكرك النقي

    • زائر 5 | 11:36 م

      تسلمين

      مقالك عن نتقارب اكثر ففي القرب يرتفع الرأس وينتج منا مجتمعا سليم
      فهذا هو عين الصواب يامبدعه

    • زائر 4 | 11:23 م

      تسلمين

      يعجز اللسان عن مدحك فلمدح يقف حينما ينطق اسمك
      فلفخر كل الفخر لأنك انتي جزء لايتجزء من بلدي
      ريم كم انتي مبدعه

    • زائر 3 | 11:17 م

      المهتم

      ريم قلمك رسم لنا الواقعيه في البحرين كما هو في تونس فعلا انت كاتبه ذو قلم عظيم حر لي الفخر بأن أحضى بتوقيع قلمك

    • زائر 2 | 10:27 م

      المهتم

      تسلم اناملك على هذا المقال انت دوما مبدعه وتكوني على الوتر وقرأت مقالكي السابق بأطروحة قرب اكثر حتى ننظم ونكون ادفئ ونعيش السعاده

    • زائر 1 | 10:13 م

      الجيش والحرس والامن ضعيف ضعيف أمام ...

      الجيش والحرس والامن ضعيف ضعيف أمام ارادة الشعب وأمام حركة المظلوم لن تجدي البندقية ولا الرشاش ولا الطائرة ولا ولا ولا سبيل سوى العدل وحفظ كرامة الانسان في وطنه والتوزيع العادل للثروة ...

    • عنب احمر | 8:43 م

      عنب احمر

      الازمة قي العرب الجهل والاتكالية

اقرأ ايضاً