العدد 3087 - الخميس 17 فبراير 2011م الموافق 14 ربيع الاول 1432هـ

مكاسب الخميس الأسود

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم تستطع أن تحبس دمعتها وهي تغادر «دوار اللؤلؤة»، تاركة وراءها الكثير من الذكريات المصبوغة بكثير من الألم.

كانت هناك الكثير من التساؤلات التي تدور في رأسها الذي يكاد أن ينفجر مما شهدته عيناها...

هل كان قرارها صائباً عندما لبت الدعوة وقررت الاعتصام في «دوار اللؤلؤة»؟

هل كان ثمن الاعتصام باهظاً؟

هل تم الإعداد لما جرى على أيدٍ خبيرة لها مصلحة في التصعيد كي يصل إلى الصدام، وينتهي إلى المذبحة؟

ما هي الحصيلة السياسية المتوقعة؟

أهم من هذا وذاك إلى أين تسير سفينة البلاد، وكيف المخرج من الأزمة الطاحنة؟... إلخ من الأسئلة التي تزاحمت في رأس تلك الفتاة المعتصمة التي لم يكن أمامها من خيارات سوى الهرولة مسرعة خارج الدوار بعد اقتحامه على أيدي قوات الأمن، كي تنقذ نفسها ومن كان بصحبتها من أفراد عائلتها.

سنترك الإجابة على العديد مثل هذه التساؤلات، وأخرى غيرها، للتاريخ، فهو وحده القادر على الكشف عن خبايا ما حصل في يوم «الخميس الأسود». فما يهمنا اليوم، دون القفز على ضرورة محاسبة كل من قاد إلى نتائج ذلك اليوم الأسود، هو الوقوف أمام سؤال مصيري، يراود أذهان الكثيرين منا هو، هل ستذهب كل التضحيات التي قدمت في ذلك اليوم الأسود هباء منثورا؟

وفي ضوء تقويمنا لها، ما هي الخطوة القادمة المطلوب القيام بها، كي نقلص من حجم تلك التضحيات؟

كيف بوسع الجميع، باستثناء من لهم مصلحة في إثارة الفتن وزرع بذور الشقاق، أن يلعق الجراح، ويطوي، دون أن ينسى، وقائع ذلك الفصل المظلم في تاريخ البحرين المعاصر، كي يبدأ صفحة جديدة، تؤسس لعلاقات من طراز مختلف بين الفئات السياسية المتصارعة على المسرح السياسي البحريني اليوم؟

أول خطوة على هذا الطريق، ينبغي أن نتفق على أن تضحيات يوم الخميس لن تذهب سدى، حتى وإن بدا ذلك للبعض منا.

لا أعتقد أن المسئولين في الدولة، يريدون، أو حتى بوسعهم أن يقفزوا فوق ما جرى في يوم الخميس الأسود.

ربما يخالفني البعض فيما أذهب إليه، ويرون فيه إغراقاً في التفاؤل غير المبني على معطيات علمية. لكن وقائع التاريخ، بما فيها تاريخ شعب البحرين الغني بالتضحيات، ودروسه تؤكد أنه ليس هناك من تطور في أي مجتمع بين قوى التطور والتغيير، والأخرى التي تقف في مواجهتها كي تشكل عقبة كأداء أمامها، دون تضحيات تكون قادرة على فرض شروط تلك القوى الطلائعية من أجل تحقيق التقدم الذي قدمت تلك التضحيات من أجل نيله.

أتوقع أن يعيد أصحاب القرار، سوية مع قادة المعارضة، ومن أجل بحريننا الحبيبة، النظر في ما وصلت إليه الأمور في البحرين، ويقتنعوا أن التصعيد ليس في مصلحة أحد، وأنه لن يقود إلى أي هدف سوى زرع المزيد من الشقاق، وتوسيع الهوة بين المواطن والسلطة التنفيذية، وبقدر ما تتوسع تلك الهوة بقدر ما يصعب التوصل في المراحل اللاحقة إلى ما هو مشترك بين الطرفين.

أول خطوة على طريق حسن النوايا والرغبة في ردم تلك الهوة هي مبادرة الطرفين بخطوات عملية تؤكد رغبتهما في الابتعاد عن التصعيد وإشاعة الهدوء، والجلوس إلى طاولة المحادثات والمفاوضات من أجل التوصل إلى حل وسط.

هذا الحل الذي ينبغي أن يكون قادراً على إعادة الأمور إلى نصابها، وإرجاع الشارع إلى هدوئه الذي هو، بل كلنا، في أمَسّ الحاجة إليه.

وأول ما تتطلبه هذه الخطوة هو الكف عن كل ما من شأنه أن يقود إلى العنف والعنف المضاد.

ربما آن الأوان كي يبادر الطرفان بسحب كل ما يشير، من قريب أو بعيد، إلى الرغبة في ممارسة العنف، وعلى قدم المساواة إبراز كل الأشكال التي توحي برغبة الطرفين في إعادة الهدوء للشارع، أو التحكم في نبضه بحيث لا تتصاعد الأمور وتجر البحرين نحو الكارثة.

لا نستطيع التقليل من ثقل الضغوط التي يئن تحتها الطرفان المتصارعان، دولية كانت تلك الضغوط أم محلية، لكن القيادة الشجاعة، من بين صفوف الطرفين، هي المطالبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى أن تحول أحداث الخميس الأسود إلى مكاسب ينعم بها شعب البحرين بكل طوائفه وقواه الاجتماعية.

يصعب على من قدم تلك التضحيات، وهو يواجه موجة الألم التي تعتصر قلبه أن يرى اليوم، ما نذهب إليه، لكن عندما يقول التاريخ كلمته المنصفة، حينها سيكتشف الجميع أن تضحيات يوم الخميس الأسود لم تذهب هباء، وخاصة إذا ما أحسن توظيفها بشكل عاقل بعيداً عن الانفعالات العاطفية المتحاشية لأية انزلاقات سياسية تكبد المواطن البحريني المزيد من التضحيات.

نناشد كل من بوسعه أن يمد يده كي يوقف حمّام الدم الذي يمكن أن يشكل البحرين خلال الأيام المقبلة أن ينبري لذلك، فليس هناك متسع من الوقت الذي من حقنا أن نضيعه، وشعب البحرين أمانة في أعناقنا جميعاً.

وحينما ننبري لمثل هذه المسئولية، نستطيع، يداً واحدة أن نحول تضحيات الخميس الأسود إلى مكاسب حقيقية ملموسة على أرض الواقع.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3087 - الخميس 17 فبراير 2011م الموافق 14 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • alimak96 | 7:53 ص

      شكراً

      شكرا على الموضوع

    • زائر 14 | 5:16 ص

      سلمية

      لا يمكن بأي شكل من الأشكال المساواة بين الضحية والجلاد في جانبٍ ما .. التعقل كان يجب أن يكون من جانب السلطة .. هم من بدأوا بالنار والشعب حركته سلمية وستبقى حتى تحقيق المطالب ..

    • زائر 13 | 4:19 ص

      اخشى ما اخشاه

      ان لا يعرض كلامي بصفحة التعليق بالرغم ان كلامي منطقي و واقعي لا يوجد به شتم ولا قذف انما كلام من ضمير مواظن عانى ما عاناه الشعب المهضوم ... اما بالنسبه للتساؤلك المطروح فالاحرى ان يجيب عليه صاحب الشأن ولسنا من بدء العنف لكي نوقفه ولكنا من استخدم ضدنا العنف الهمجي البربري الدال على الحقد الدفين ....

    • زائر 8 | 12:51 ص

      هل تغالط نفسك أستاذي؟ الواقع واضح والشمس لا تغطى بغربال. النظام استبدادي أُمر بالقتل

      نحن بحركتنا السلمية أردنا تداول سلمي للسلطة .. أما وقد وصلت للدم، فإننا على استعداد للموت دفاعاً عن حقوقنا. فلسنا بأفضل من ابن بنت رسول الله الذي داسته الأعوجية على يد ابناء الزنا.

    • زائر 4 | 12:26 ص

      أسأل

      أسأل أباء و أمهات و أهالي الضحايا هل يقبلون طرحك

    • زائر 2 | 10:40 م

      وفي ضوء تقويمنا لها، ما هي الخطوة القادمة المطلوب القيام بها، كي نقلص من حجم تلك التضحيات؟

      الخطوة هي اكمال المجزرة والابادة حتى ينعم الجزار بالراحة والخلاص من وجع الرأس الذي يسببه أناس أرادوا ان يعيشوا كالبقية وذلك ما لا يرضية
      ان ما حصل ايها العبيدلي وكما قالت اختنا ريم :
      مجزرة
      مجزرررررررة
      مجززززززززززززززززززززززررررررررررررة
      يا وسط انشروا فانا مثكولون
      .....

اقرأ ايضاً