العدد 3110 - السبت 12 مارس 2011م الموافق 07 ربيع الثاني 1432هـ

هيئة اتحاد وطني جديدة (2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أبدى الكثير من القراء كتابة، وآخرون عبر الهاتف، ملاحظات وتساؤلات حول ما ورد في المقالة الأولى بشأن الدعوة لتأسيس «هيئة اتحاد وطني» من طراز جديد. ونظرا لأهمية الموضوع، وضرورة الوقوف عندما جاء فيها، برزت الحاجة إلى رصد أهمها في النقاط التالية:

1. الآليات المناسبة وتلك الضرورية التي تحتاجها الهيئة من أجل تأمين ولادة طبيعية غير مرهقة لها.

2. التحديد الصحيح لجميع القوى التي يحق لها أن تشارك في تأسيس الهيئة دون محاباة لأحد أو تجاوز لآخر.

3. قراءة صحيحة عند وضع برنامج العمل الذي يضمن حشد أوسع قوة اجتماعية تعبر عنها علية القوى والأفراد التي ستتشكل منها الهيئة.

قبل تناول هذه المسألة، لابد من التأكيد على قضية في غاية الأهمية، وهي أنه لا يمكن لمقال، وليس من حق فرد لوحده، أن يتصديان، مهما كانت النوايا حسنة، لمسألة استراتيجية ومصيرية بهذا المستوى. فالحديث عن تشكيل مثل هذا الجسم التنظيمي، والتكتل السياسي، يحتاج كي يحقق النجاح المطلوب مجموعة من العناصر والمقومات التي من شأنها وضع الأرضية المناسبة التي يقوم عليها مثل هذا التنظيم، الذي لم يعد هناك ما يبرر تأخر تأسيسه.

وإذا ما شئنا تصنيف تلك التساؤلات، فيمكن تقسيمها إلى فئتين: الأولى ذات خلفية سياسية وتتعلق بالبرنامج الوطني الذي ستناضل تحت لوائه تلك الهيئة والقوى المتحلقة حولها، والأخرى تنظيمية، وتعالج الأطر التي تحدد آليات العلاقات داخل لجان تلك الهيئة ومؤسساتها، وعلى المستوى ذاته علاقاتها مع القوى الخارجية.

وإذا ما تناولنا المسألة من مدخلها السياسي، فما نقترحه هنا هو ان تبادر مجموعة من الشخصيات السياسية ذات الثقل الاجتماعي، والتاريخ السياسي، والخبرة الفكرية، فتلتقي، وتقوم بعصف ذهني مكثف يشخص الأوضاع القائمة، ويقرأ، بشكل صحيح، الأوضاع السياسية، ويقوم موازين القوى المتحالفة او المتصارعة، ويفهم علاقات التأثير المتبادلة فيما بينها، سياسية كانت تلك العلاقات أم اقتصادية. على نحو مواز لابد من تحديد الأشكال التنظيمية الملائمة التي بوسعها أن تخلق القنوات التي تسير لجان الهيئة على المستوى الداخلي، وتحفظ اتزان خطواتها على الصعيد الخارجي.

تأسيسا على ذلك، ولكي تتمكن الهيئة من القيام بدورها على النحو الصحيح، ينبغي، اولا وقبل كل شي، ان تحظى بالمباركة السياسية من لدن الجسم الرئيسي للمعارضة، على ان ينبع موقف المعارضة الإيجابي هذا من قناعة، استراتيجية طويلة المدى وليس تكتيكية قصيرة النظر، راسخة ترى في الهيئة بوصف كونها الإطار التنظيمي، الأكثر ملاءمة، الذي بوسعه أن يصهر جهود الشعب كافة في بوتقة تنظيمية واحدة قادرة على مخاطبة من يريد ان يخوض أي مستوى من مستويات الحوار من طرف السلطة التنفيذية.

هنا، من الطبيعي ان تطفو على السطح، التساؤلات الباحثة عن إجابات محددة التي تحكم العلاقات التنظيمية بين «هيئة الاتحاد الوطني» الجديدة، وسائر قوى المعارضة الأخرى. وبقدر ما ينبغي ان تكون الهيئة المتفق عليها الإطار الوطني العام، فهذا لا ينبغي، بأي شكل من الأشكال، تجريد أي من التنظيمات الأخرى، أحادية ام مجموعات متحالفة، استقلاليتها، التي ينبغي، كي يتحقق الزواج السياسي المطلوب، ان تكون متسقة مع الهيئة، وليست متعارضة معها.

مثل هذه الدعوة قد تبدو سهلة التحقيق عندما تقف حدود النظرة عند جدار الهيئة الخارجي، لكنها، وهذا امر متوقع، وينبغي أن نهيئ انفسنا جميعا له، ستكون معقدة عندما نغوص عميقا في التفاصيل. ويمكن رصد هذه الصعوبات في النقاط التالية:

1. أسس التعامل مع برامج الجمعيات السياسية القائمة، وخاصة تلك المطالب التي أعلن عنها بعد 14 فبراير/ شباط 2011، والتي أوصلت الصراع السياسي، دون ان نحمل المعارضة وحدها مسئولية ذلك، إلى نقطة حادة، بات يصعب على القوى المتصارعة تقديم أية تنازلات عن المطالب التي تتمترس وراءها.

2. الموقف من دعوة سمو ولي العهد للحوار، التي وضعت الجميع على أهبة الاستعداد والتهيؤ، دون أن ترسي أي شكل من أشكال البدء في الحوار، والأطر الضرورية التي تحدد طبيعة القوى التي يحق لها المساهمة فيه. بل يبدو هناك الكثير من الضبابية عند الحديث عن محطات الحوار، والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، والآليات التي ستنظم خطواته.

3. التخندق الطائفي الذي شطر البلاد، وفي القلب منها جمعيات المعارضة، إلى خندقين متقابلين، يتمترس وراء كل منهما، ومن منطلقات طائفية محضة، بعيدة كل البعد عن الأهداف الوطنية، كتلة سياسية يصعب تجاوزها او التقليل من ثقلها الجماهيري. هذا الأمر خلق الكثير من الصعوبات المعقدة التي بحاجة إلى جهود متواصلة لكنس آثارها السلبية، وإزالة الثقوب القابلة للاتساع في ثوب الوحدة الوطنية. وعند الحديث عن الطائفية، فمن المتوقع ان تواجه الهيئة في حال تأسيسها ظاهرتين للمسألة الطائفية: الأولى خطاب طائفي مغلف خارجيا بعبارات وطنية رنانة تخفي ذلك العفن الطائفي، وتحاول أن تروج له في برامج ومطالب تبدو وطنية، الثاني خطاب طائفي مباشر لا يخشى وصمه بتلك الصفة.

4. التشظي ضمن الطائفة الواحدة، انطلاقا من موقف عقائدي، أو انتماء مذهبي، الأمر الذي يزيد الأمور تعقيدا، ويتيح أمام القوى المعادية للتقدم ان تبث خطاباتها التمزيقية التي تشكل التربة الخصبة لنمو الأمراض السياسية الخبيثة التي تمعن في تمزيق الصف الوطني، وتحول دون أي شكل من أشكال التوحد، مهما كانت بدائية الهيكل الوحدوي المطلوب تحقيقه.

وفي نهاية المطاف، لا يدعي هذا المقال سوى أن يكون دعوة لتأسيس مثل هذه الهيئة. فكما ذكرنا فإن تحقيق ذلك أكبر من قدرات مقال، وأوسع من طاقات فرد

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3110 - السبت 12 مارس 2011م الموافق 07 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً