العدد 3132 - الإثنين 04 أبريل 2011م الموافق 01 جمادى الأولى 1432هـ

حتى لا نقاطع أنفسنا

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

من كان يتخيل أن حالة الانقسام التي يعاني منها المجتمع البحريني حالياً تتعلق بجانب عقائدي إثر تداعيات الأزمة التي مرت بها البلاد خلال الفترة الماضية، فعليه اليوم أن يوسع مدركاته ليستوعب أن المسألة امتدت لقوائم مقاطعة وأخرى لدعم محلات تجارية وشركات ومؤسسات بذاتها لأن أصحابها ذوو لون وصبغة طائفية محددة.

وفي وقت يتجاوز سرعة الإشاعة على إثارة البلبلة والنزاع، سلبت قوائم المقاطعة اهتمام المتحزبين والمتعصبين للطائفية، وباتت في صدر صفحات «الفيسبوك» و «تويتر»، وتتداول عبر الرسائل النصية والمراسلات الفورية في «البلاكبيري» و «الآيفون»، وأصبحت ملازمة للأفراد خلال تسوقهم منعاً للوقوع في فخ الشراء من محل فُرضت عليه العزلة والعقاب الجماعي.

كل مفاهيم الوطنية والوحدة مسحت من قواميس عرابي التشطير والتوزيع الإثني، وبات الشعار الأول هو المقاطعة وتكبيد الطرف الآخر خسائر اقتصادية فادحة بدوافع انتقامية لا أكثر ولا أقل.

والمشكلة أن المحلات التي تدعو كلا الطائفتين لمقاطعتها، تستورد بضائع ومنتجات من دول مجاورة ومن جهات تنتمي للفئة المقاطعة، أي أن الضرر لا يشملهم وحسب بل يتعدى ذلك للتأثير على مصالحهم التجارية مع تلك الجهات التي ترتبط عقائدياً مع الفئة المقاطعة.

في ذروة الاعتداء الإسرائيلي الوحشي على المقدسات الفلسطينية واستباحة دماء الشعب العربي الأعزل، كانت الآذان صماء تجاه الدعوات التي أطلقت من منابر المساجد لمقاطعة البضائع والمنتجات الأميركية والبريطانية، وما هي إلا أسابيع معدودة حتى عاود الناس شراء السلع التي تمثل جزءاً أساسياً بالنسبة إليهم، على رغم أنها من ضمن حملة المقاطعة، ولا يزال الوضع على ما هو عليه حتى الآن، فالتجارة الأجنبية تلقى رواجاً في بلدنا الصغير المحدود المساحة.

لم يصمد الشعب البحريني أمام حملة مقاطعة العدو وانهارت قواه بعد اختبار قصير لم يستمر أسابيع، فكيف يقبل هذا الشعب أن يقاطع نفسه بنفسه، فيحارب المؤمن أخاه في رزقه لمجرد أنه تباين معه في الرأي أو الموقف أو أسلوب معالجة الأمور؟ وربما يكون هذا التاجر لا ناقة له ولا جمل في كل ما جرى من أحداث، وجريمته الوحيدة أنه ينتمي إلى هذه الطائفة أو تلك في ظل وضع عربي إقليمي يشهد شحناً طائفياً لم نشهد له مثيلاً منذ اجتياح القوات الأميركية للعراق في العام 2003، وما أفرزته من حرب أهلية ألقت بتبعاتها على جميع دول الخليج.

دعم الشركات والمؤسسات الوطنية يمثل جزءاً من حلقة دعم الاقتصاد المحلي، الذي يعاني أصلاً ويحتاج إلى صحوة واستفاقة لتعويض خسائر المرحلة الماضية واستعادة موقعه من جديد، وبالتالي فإن حملات المقاطعة تضر بالبلد أكثر مما تنفعه، وتساهم بشكل كبير في تعميق الشرخ الطائفي والفرقة الاجتماعية التي نأمل أن نتجاوزها باللقاءات العامة المشتركة، وتزاوج وتصاهر أبناء الطائفتين في حفل ترعاه جهات رسمية، من أجل تفويت الفرصة على من يريد لنا أن نسير نحو المجهول

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3132 - الإثنين 04 أبريل 2011م الموافق 01 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 1:17 ص

      ألطف بنا يارب

      ((في حفل ترعاه جهات رسمية، من أجل تفويت الفرصة على من يريد لنا أن نسير نحو المجهول )) هل فعلا الجهات الرسمية ستسعى لذلك ، رأيي ربما يكون ذلك خيالا ً ، دعنا يأستاد أحمد من أحلام اليقظة ولنعيش اللحظات كما هي ، اللوحات الإعلامية التحريضية التي نصبت في الشوارع كانت.......، البلد تمشي في منعطف خطير وموجّه بعمد ونجاحه يعتمد على صبر الطرف الآخر ولا ندري لمتى ! لكن إن أنخرط العقد في الليل فمن الصعب ( لملمة الخرز )

اقرأ ايضاً