العدد 3139 - الإثنين 11 أبريل 2011م الموافق 08 جمادى الأولى 1432هـ

حمداً لله... القضاء البحريني بخير

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ما يثلج صدر المواطن، هو شعوره أن القضاء البحريني اليوم، تماماً كما هوالحال مع القضاء البريطاني يبذل جهده كي يتصدى لكل محاولة للانقضاض عليه من أجل تغيير آلية تعديل القوانين القضائية، أو آلية سير محاكمه

ليس هناك بيننا، نحن العرب، من لا يعرف رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل الذي ارتبط اسمه كثيراً بحرب السويس 1956، التي شنتها قوات الدول الثلاث: بريطانيا وفرنسا والدولة العبرية، على مصر. لكن تشرشل اشتهر أيضاً بالمناصب التي شغلها بعد الحرب العالمية الأولى (1919 -1921) عندما عينه رئيس الوزراء البريطاني حينها لويد جورج «وزيراً للذخيرة، ثم وزيراً للحربية والطيران».

لكن الأهم من كل تلك المناصب التي اشتهر من خلالها تشرشل، تلك العبارة الشهيرة التي أطلقها بعد نهاية الحرب الكونية الثانية، وإثر استقراره في العاصمة البريطانية (لندن)، والتي قال فيها، قاصداً بريطانيا «طالما أن القضاء والعدالة في البلد بخير فكل البلد بخير». أهمية تلك العبارة أنها جاءت، إثر «الخسائر البشرية الكبيرة وتدمير البُنى التحتية البريطانية، والفساد الذي تفشى في جسد الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس».

وردت في خاطري عبارة تشرشل تلك، عندما طالعت تصريح النائب العام علي فضل البوعينين، الذي قال فيه «إنه في إطار التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في البلاغ المقدم من رئيس هيئة شئون الإعلام ضد جريدة الوسط... أمرت النيابة بإخلاء سبيلهم بضمان محل إقامتهم عقب التحقيق... كما سيتم إحالة المتهمين إلى المحاكمة الجنائية فور الانتهاء من التحقيقات».

يكتسب هذا التصريح أهمية خاصة نظراً إلى الظروف الطارئة التي تسود البلاد، والإشكالات، المهنية والسياسية، المرتبطة بقضية إحالة ثلاثة (رئيس التحرير السابق منصور الجمري، ومدير التحرير السابق وليد نويهض، ورئيس قسم الأخبار المحلية السابق عقيل ميرزا) من العاملين في صحيفة «الوسط « إلى النيابة العامة، والتي يمكن إيراد أهمها في النقاط الآتية:

1- الفرصة التي أتاحت للإعلاميين الثلاثة الدفاع عن أنفسهم، في ظل العمل بقانون «السلامة الوطنية»، من تهمة تشير مرافعة المتهمين، ومعهم محاموهم، إلى أنها كانت خطأً مهنيّاً فرضته ظروف العمل القاسية التي سادت الفترة التي وقع فيها ذلك الخطأ العفوي غير المقصود. وقد اجتهد الإعلاميون الثلاثة كي يبرزوا الحقائق التي تثبت حسن نواياهم، بخلاف ما بدت عليه القضية في أماكن أخرى غير قاعات النيابة العامة.

2- إنه بغض النظر عن مدى صحة التهمة الموجهة إلى صحيفة «الوسط»، فقد أعطى النظام القضائي البحريني طرفي القضية: المدعي والمدعى عليه، صلاحية واسعة في ممارسة حقوقهما على نحو متساوٍ. فبينما أتاح لـ «رئيس هيئة شئون الإعلام»، ممارسة حقه في إقامة الدعوى، أتاح الفرصة أمام الإعلاميين الثلاثة في «الوسط»، ان يدافعوا عن أنفسهم، على أسس مهنية راقية، وبثقة متناهية. وبالتالي، فما يأمله المواطن العادي، هو أن تبرز الحقيقة واضحة وضوح الشمس في فترة الظهيرة.

3- كشفت مسارات التحقيق أثناء الجلسات الثلاث، كما ذكر الإعلاميون الثلاثة، بوضوح أيضاً، حرص القضاء البحريني، على التقيد بالمهنية العالية التي تركز على الحقائق، قبل أي شيء آخر، وتتحاشى نقل التُّهمة الموجهة من حيزها الإعلامي، إلى أي فضاء آخر، بما في ذلك السياسي. ومن هنا، يتطلع المواطن إلى أن يصل الطرفان، محكمة الجنايات التي ستحال إليها القضية، والدفاع، على حد سواء، إلى الحقيقة، كما ترسمها خيوط الأحداث، بعيداً عن أية تأثيرات سياسية.

4- حرص النيابة العامة على إخلاء سبيل الإعلاميين الثلاثة بضمان محل إقامتهم، إلى أن يمثلوا أمام محكمة الجنايات، وهو أمر عندما يقاس بالإجراءات المتخذة في فترة «حالة السلامة الوطنية»، يكشف الكثير مما يحاول النظام القضائي البحريني أن يتمسك به. قد تبدو هذه المسألة شكلية، لكنها عندما تؤخذ في الظروف السياسية السائدة في البحرين، تكتسب أبعاداً مهنية عميقة، لا يقدرها إلا من اكتوى بنيران أوضاع مراحل أخرى.

مما لا شك فيه أن الوقت لايزال مبكراً لاستقراء ما ستئول إليه أوضاع الإعلاميين الثلاثة، والأحكام التي ستصدرها محكمة الجنايات بحقهم، والتي نأمل أن تكون غير قاسية، لكن، وإلى أن يمثل الإعلاميون الثلاثة امام القاضي في تلك المحكمة، لا يسعنا إلا أن نردد ما قاله تشرشل بشأن القضاء البريطاني، عن القضاء البحريني الذي نحمد الله على أنه، وعلى رغم الظروف المحيطة بالبلد، لايزال بخير.

ولعل من المناسب هنا الإشارة إلى أن طموح الإعلاميين الثلاثة أن يشكل موقف النيابة العامة من القضية، وسلوكها الإيجابي منهم سابقة نحتذي بها جميعاً كي لا نستبق الأحداث ونصدر حكمنا على المتهم، قبل أن يقول القضاء البحريني، الذي لايزال بخير، كلمته.

كما أن من المناسب أيضاً الإشارة إلى أن ما يثلج صدر المواطن، هو شعوره أن القضاء البحريني اليوم، تماماً كما هوالحال مع القضاء البريطاني يبذل جهده كي يتصدى لكل محاولة للانقضاض عليه من أجل تغيير آلية تعديل القوانين القضائية، أو آلية سير محاكمه

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3139 - الإثنين 11 أبريل 2011م الموافق 08 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً