العدد 3162 - الأربعاء 04 مايو 2011م الموافق 01 جمادى الآخرة 1432هـ

قالوا: نحن أو القاعدة!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

عجيب أمر بعض الحكام العرب، فرغم أن بعضهم استمر أكثر من أربعين عاماً متسلطاً على رقاب شعبه، وآخرين أكثر من ثلث قرن مارسوا العمل نفسه إلا أن هؤلاء جميعاً أصروا على البقاء جاثمين فوق صدر شعوبهم المسكينة مهما قدموا من تضحيات من دماء مواطنيهم مقابل بقائهم، وأيضا مهما كلفهم ذلك من إلصاق كل التهم الدنيئة بهذه الشعوب المغلوب على أمرها!

مع بداية الثورة - في كل بلد قامت فيه ثورة - يبدأ المسئولون في هذه الدولة بالبحث عن مشجب يعلقون عليه أخطاءهم! هم - كما يعتقدون - منزهون عن كل خطأ وإنما سواهم هو من يرتكب الأخطاء سواءً من داخل هذه الشعوب أم من خارجها!

في البدايات يوجه الاتهام للإسلاميين وكل بلد بحسب تصنيفها لنوعية الإسلاميين الذين يعيشون فيها... ففي مصر بدأت الاتهامات توجه للإخوان المسلمين وذلك بحكم علاقاتهم السيئة مع الدولة ثم انتقل الاتهام لجهات أخرى غير معروفة!

أما القذافي فوجه كل اتهاماته للقاعدة وأنصارها في المغرب العربي... فأنصار القاعدة يريدون إقامة إمارات إسلامية في ليبيا لينطلقوا منها إلى سائر بلاد المغرب ثم إلى أوروبا يعيثون فيها فساداً وقتلاً وتدميراً! صحيح أن القذافي - الذي يحب شعبه كثيرا ويحبه شعبه أيضا! - لم ينس أن يطلق على هذا الشعب جملة أوصاف من مثل قوله عنهم إنهم: مهلوسون، يتعاطون المخدرات، جرذان، يمشي القمل في لحاهم... إلى آخر تلك الأوصاف التي خص بها شعبه المحب له كثيراً! لكن القذافي وجد أن الاتكاء على القاعدة قد يفيده أكثر بكثير من الاتكاء على سواها.

فالأميركان - تحديدا - يتعاطون مع هذا الموضوع بجدية كبيرة، كما أن الأوروبيين لا يقلون عنهم كثيرا تجاه تعاطيهم مع شئون القاعدة! لكن القذافي ربما فاته أن مثل هذه الأكاذيب قد لا يصدقها أحد لأنه اشتهر بأكاذيبه لدرجة أن أحداً لم يعد يصدقه. ومع هذا وعلى رغم المدة الطويلة التي مضت على الثورة فإن القذافي لايزال يردد مقولة إنه يحارب القاعدة، ولايزال يذكر المجتمع الدولي بمقدرته على مقاومتها وكذلك مقاومة الإرهاب بصفة عامة!

الرئيس اليمني سار على خطى القذافي، فالقاعدة تعيث فسادا في اليمن، وهو القادر على كبح جماحها. ولهذا فهو يطلب من العالم أن يتركه يقتل شعبه كما يشاء وإلا فإن البديل عنه هو القاعدة!

بطبيعة الحال أكذوبة القاعدة لا تكتفي وحدها... فتحدث عن مؤامرة خارجية تقودها أميركا وإسرائيل ثم تراجع ليجعل بعض دول العرب بالإضافة إلى قناة «الجزيرة» هي من يقود هذه المؤامرة التي تهدف إلى الإساءة للشعب اليمني!

وآخر هؤلاء الرئيس السوري الذي اتهم الإخوان - أولا - ثم السلفيين - ثانيا - ثم جهات خارجية - ثالثا - ثم عاد بعد هذا كله للتركيز على جماعة سلفية لا يعرف أحد من أين جاءت ولا كيف استطاعت دخول سورية بهذه الكثرة وبكل تلك الأسلحة!

هؤلاء الزعماء يريدون القول: إنهم أبرياء من كل تلك الدماء التي سالت، فهم لا يعرفون من قتل المئات والآلاف في بلادهم، كما أنهم لم يعطوا أوامر بحصار المدن وقصفها عشوائياً، وفوق ذلك كله فهم لم يعطوا أوامر بقطع الماء والكهرباء والطعام عن شعوبهم التي تحبهم وتخرج في مظاهرات من أجل المطالبة ببقائهم حكاماً!

فزاعة القاعدة والإسلاميين لم تعد كافية... والأميركان والأوروبيون لم يعودوا يصدقون كل ما يقوله هؤلاء، وما يراه الجميع على أرض الواقع يكذب كل أقوالهم... ولهذا فمن مصلحة هؤلاء الحكام أن يعودوا بحق إلى شعوبهم، يعطوهم حرياتهم التي سلبوها طويلاً، وكذلك حقوقهم المشروعة... إن فعلوا ذلك فلن يحتاجوا لكل تلك الأكاذيب لكي يحافظوا على كراسيهم، ومن دون ذلك فسيرون من شعوبهم شيئاً آخر، ولن يصدقهم أحد مهما قالوا فالحق لا يحتاج إلى دليل..

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 3162 - الأربعاء 04 مايو 2011م الموافق 01 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً