العدد 3183 - الأربعاء 25 مايو 2011م الموافق 22 جمادى الآخرة 1432هـ

الدفاع عن دولة القانون ومؤسسات المجتمع المدني

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من أبرز تداعيات الأحداث الأخيرة التي عصفت بالبحرين، تلك الحوارات التي سادت الشارع السياسي البحريني من أجل الخروج، بموقف إزاء ما يجري اليوم من تسريح أو إيقاف عن العمل، وما يرافق كل ذلك من سلوكيات للدولة والمواطن على حد سواء. أفرزت تلك الحوارات موقفين متناقضين يرفض كل منهما القبول بالآخر، بل وحتى مجرد الاستماع له، الأول انحياز كامل للدولة، وتبرير كل ما قامت به من إجراءات، وإلقاء اللوم على المعارضة، وتحميلها مسئولية ما تعاني منه البحرين اليوم، الآخر، هو الدفاع الأعمى عن المعارضة، يرافقه شجب مطلق لممارسات الدولة، بعد اتهامها بالإمعان في تلك الإجراءات، كمن يحاول أن «ينتقم» من أولئك المواطنين.

تذكرنا هذه الحوارات بما جاء في «المقدمة» لابن خلدون حين ميّز بين ثلاثة أنواع من الحكم: «الأول نظام (الملك الطبيعي) الذي يناسب العمران البدوي، ويبنى على القهر والتغلب، وتكون الأحكام فيه جائرة، لأنها تمثل أغراض الحاكم وشهواته، (والثاني هو) نظام (الملك السياسي) الذي يحمل الناس على مقتضى مصلحة الحاكم ورفاهيته، ودوام ملكه حتى وإن شاب هذا الحكم بعض العدل في الرعية، أما (الثالث) فهو نظام (الخلافة). وهو أرقى تصور يطرحه الفلاسفة المسلمون، وأكثرها مثالية وتعالياً على المصالح الدنيوية للحاكم والمحكومين على حد سواء، إنه النظام الشرعي الذي يحمل الجميع حكاماً ومحكومين مسئوليات على أساس مصالحهم، في الآخرة كما حدّدها الشرع الإلهي». والترجمة المعاصرة للنظام الثالث، هو نظام القانون ودولة المؤسسات، التي وحدها القادرة على رسم الحدود الصارمة التي تحدد نمط العلاقات السليمة التي ينبغي أن تحكم، وبحزم، العلاقة بين المواطن والدولة، بما يضمن حضور الدولة وصيانة هيبتها، ويتمسك بحقوق المواطن ويتأكد من نيل المواطن لها، وتمتعه بكل ما يتيحه له ذلك من الاستمتاع بمواطنته على أكمل وجه.

هذه المعادلة تضمن عدم انحراف المجتمع المدني كي يضع نفسه بديلاً للدولة من خلال مناهضته لتشريعاتها أو معارضته لقوانينها، بما يمكن أن يقود إلى إلغاء دورها، أو حتى مجرد تهميشه.

تأسيساً على ذلك لا ينبغي الدفاع عن، أو تبرير سلوك كل من سوّلت له نفسه تجاوز القوانين التي تلزمه بها مهنته، طبيب كان ذلك المتجاوز (بكسر الواو)، أو مهندس... إلخ. فمثل هذه الفئة ينبغي خضوعها للقوانين والأنظمة، ومثولها أمام الشرع والقضاء كي تكون لهم الكلمة الفصل التي لا تحتمل النقاش أو التأويل. لكن الدعوة لإعادة النظر، إنما تشمل تلك الفئات المهنية، من أطباء ومهندسين... إلخ، ممن لم تثبت أية تهمة عليهم، ولم يحالوا إلى المحكمة، مثل هؤلاء هم الذين نناشد الدولة أن تكون عادلة في التعامل معهم، ودراسة قضاياهم، بعيداً عن دس الوشاة، وروايات المتسلقين، وادعاءات الانتهازيين، وقصص الفاشلين، وحكايات المنافقين، وما يتبرع به خيال الخائفين من المنافسة المهنية الشريفة. كل ذلك من أجل الدفاع عن دولة القانون، وصيانة استقلالية مؤسسات المجتمع المدني

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3183 - الأربعاء 25 مايو 2011م الموافق 22 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً