العدد 3202 - الإثنين 13 يونيو 2011م الموافق 12 رجب 1432هـ

دقّ ناقوس الخطر فمتى يستجيب البشر؟

الإرهاب النووي:

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

صدر منذ أسبوع التقرير السنوي لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام وهو معهد دولي مستقل متخصص في النزاعات ومراقبة الأسلحة والعمل على نزعها ومقره في ستوكهولم.

وقد حذر المعهد في تقريره من التهديد المتواصل لخطر الأسلحة النووية على العالم، وذكر أنه من أصل ما يزيد على 20500 رأس نووي تملكها ثماني دول هي الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين والهند وباكستان والكيان الصهيوني، فإن ما يزيد على خمسة آلاف سلاح نووي نشرت وهي جاهزة للاستخدام، وألفان منها تبقى في حال تأهب متقدمة للعمليات.

وقال مساعد مدير المعهد دانيال نورد لـ «فرانس برس»: إن «الدول النووية تعمل على تحديث ترسانتها من الأسلحة النووية وتستثمر فيها. وبالتالي يبدو من غير المرجح أن تتم عملية نزع سلاح نووي فعلية في مستقبل منظور».

كما لفت التقرير إلى أنّ الهند وباكستان اللتين تعتبران مع الكيان الصهيوني قوى نووية بحكم الأمر الواقع ولم توقع جميعها معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، تواصل إنتاج الصواريخ الحاملة للرؤوس النووية.

وفي الوقت الذي لا يزال البعض يحلم بأن الإرهاب النووي ضرب من الخيال العلمي؛ يصوّره البعض الآخر حقيقة واقعية بفضل ما يزخر به عالمنا من فوائض مواد خطيرة قد تسبب إصابات كارثية. ويذكر أن الأمين العام السابق لمنظمة الأمم المتحدة كوفي أنان كان ربط بين الإرهاب والخطر النووي ملمحاً إلى احتمال استهداف بعض المنظمات الإرهابية لمنشآت نووية في العالم، لذلك أعلنت منظمة البوليس الدولي (الانتربول) إنشاء وحدة جديدة للوقاية من الإرهاب النووي والإشعاعي تكون بمثابة شرطي دولي تهدف، من خلال التعاون والتنسيق بين المتخصصين في العالم، إلى تجنب وقوع أعمال إرهابية باستخدام الأسلحة النووية أو البيولوجية.

ويندرج عمل هذه الوحدة ضمن خطة دولية لمواجهة التهديد متعدد الجوانب للإرهاب النووي، حيث لوحظ ارتفاع عدد حالات الحركة غير المراقبة للمصادر والحوادث الإشعاعية التي سجلتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تراقب التهريب غير القانوني ومثَّل ذلك مصدر قلق للمجتمع الدولي بأسره. ويُعتقد أن زيادة انتشار استعمال المصادر الإشعاعية لأغراض سلمية كالطب والفلاحة والصناعة، زاد بشكل كبير من خطر وقوعها في أيدي الجماعات الإرهابية وبالتالي استعمالها من قبلها.

وهكذا صار العالم على كفّ عفريت؛ فبعد أن كانت الدول الكبرى وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية تعمل من أجل تحقيق الأمن النووي ها هي الآن تجتمع في منظومة عمل شعارها مكافحة الإرهاب النووي. ذلك أن احتمال امتلاك مجموعة إرهابية لسلاح نووي ضعيف اليوم، لكنه ليس منعدما، ولاسيّما إذا كانت هذه المجموعة الإرهابية يمكنها أن تستفيد من مساعدة تقدمها لها دولة ما. في هذه الظرفية المتنامية الخطورة عبأ المجتمع الدولي طاقاته من أجل اعتماد عدة أدوات وآليات دولية لمواجهة ما زرعته أيادي الإنسان في الدول النووية الكبرى فعلى مستوى الأمم المتحدة ومنذ سنة 2002، اعتمدت الجمعية العامة قراراً قدمته الهند وبرعاية مشتركة من فرنسا، بعنوان: «تدابير لمنع الإرهابيين من حيازة أسلحة الدمار الشامل».

كما أنشئت فرقة عمل معنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب منذ العام 2005 لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة في إطار استراتيجيتها العالمية. وخطت الأمم المتحدة خطوة حاسمة باعتماد مجلس الأمن للقرار 1540، الذي يهدف إلى الوقاية من خطر حيازة أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها من طرف الإرهابيين.

كما عملت بعض الدول على مراقبة الصادرات الحساسة لتقليص خطر وصول الإرهابيين لهذه المواد ولهذه المنشآت والمعدات والتكنولوجيات الكفيلة المساهمة في تطوير أسلحة الدمار الشامل، كما اعتمدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية خطتها الثالثة للأمن النووي (2010 – 2013) وركزت فيها بالخصوص على المساعدة التشريعية والمساعدة على الانضمام وعلى تطبيق أبرز الأدوات الدولية اللازمة بهدف التنفيذ المستدام لإجراءات الأمن النووي، فضلاً عن تقليص المخاطر بتطوير النظم الوطنية المحاسبية للرقابة، وحراسة الحدود، كما تناول مؤتمر قمة مجموعة البلدان الثماني موضوع الأمن النووي في دورته قبل الأخيرة أبريل /نيسان 2010.

إنّ هذه التحركات الدولية تؤكد شعور الجميع بالخوف مما يحيط بعالمنا من مخاطر شديدة الفتك بالكائنات الحية، وهذا الحديث ليس من باب التهويل أو التخويف بل هو ناقوس خطر لابد من أن ندقه ليعلم الجميع ما هم مقدمون عليه وخصوصاً الدول النووية الكبرى التي ما فتئت تسير بهذا العالم نحو المجهول بتلك الترسانة الهائلة من أسلحة الدمار.

لكن لِمَ تمّ تحويل وجهة الخوف من الإرهاب النووي؟، لِمَ تسعى الدول النووية الكبرى إلى إيهام المجتمع الدولي إلى أن هذا الخطر مرده احتمال امتلاك الجماعات المسلحة المصنفة إرهابيّاً في الأعراف الأميركية للسلاح النووي أو للمواد الإشعاعية وغيرها؟ أ كانت التجربة الأولى لاستخدام القنبلة الذرية العام 1945 فعلاً إرهابيّاً لإحدى الجماعات؟ أم كان إرهاب دولة مضت في غطرستها حد الجنون الإرهابي؟ قطعاً إن الإرهاب الذي يهدد الأرض ومن عليها وما قرب منها مبعثه هذه التجارب التي ما انفكت الدول النووية تجريها؛ فمنذ إطلاق الولايات المتحدة الأميركية لأول قنابلها النووية على المدن اليابانية في العام 1945 وحتى عامنا هذا تمت تجربة واختبار ما يقارب 2000 رأس نووي بشكل علني, أكان ذلك تحت الأرض أم في أعماق البحار إضافة إلى التجارب النووية الأخرى والتي تقوم بها العديد من الدول الساعية إلى الحصول على هذا النوع من الأسلحة في الخفاء من دون أن نغفل عن الأسلحة المماثلة والتي لا تقل خطورة وقد استخدمت في العديد من الحروب الحديثة كحرب الخليج والحرب على أفغانستان وغيرهما.

والغريب في الأمر أن الدول النووية الكبرى لم تبدأ الحديث الجادّ عن أخطار ترسانة الأسلحة المحرمة سوى بعد سعي بعض الدول النامية إلى امتلاك تلك الأسلحة كباكستان والهند وكوريا الشمالية وإيران على سبيل المثال لذلك تنشط أميركا لتطبيق القوانين المسنونة حديثاً ضد الإرهاب النووي بل وتتعجل في إسقاط الأنظمة بهذه التهم كما شاهدنا ذلك سابقا مع الجمهورية العراقية التي اتهمتها الولايات المتحدة الأميركية بامتلاك السلاح النووي وقامت بإسقاط نظامها وحولتها إلى ساحة فوضى ودمار تحت هذه الذريعة التي ثبت بعد ذلك عدم صدقيتها، في حين تسكت عن الإمكانات النووية الهائلة للكيان الصهيوني.

لكن الأمر الأكثر رعباً في هذا الموضوع هو خروج أمر المتاجرة بتلك الأسلحة عن نطاق السيطرة عليها بين الدول والحكومات وهو ما فاقم الخوف من أن تصبح تجارة هذا النوع من الأسلحة أمراً عاديّاً بين العصابات الدولية والإرهابيين.

إن الإسراع في إيجاد حلول عملية وعادلة تجاه هذه الكارثة الخطيرة أمر ضروري ولا يكفي لذلك سن القوانين الصارمة وإنما يجب تطبيقها تطبيقاً عادلا أو على الدنيا السلام

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 3202 - الإثنين 13 يونيو 2011م الموافق 12 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 1:01 م

      ما يزيد على 20500 رأس نووي تملكها ثماني دول ... (أرقام مخيفة) لا يمكن تصور .......... ام محمود

      الدمار الهائل الذي تسببه الأسلحة النووية ولكن التنبؤات تقول بانه سوف تُستخدم في الحروب المستقبلية مما سيؤدي الى اختفاء 3 قارات من على وجه الكره الأرضية
      صدقت في كل كلمة كتبتها خاصة هذه الجملة:
      الدول النووية الكبرى التي ما فتئت تسير بهذا العالم نحو المجهول بتلك الترسانة الهائلة من أسلحة الدمار.
      وأنا أضع خطين تحت كلمة المجهول.

    • زائر 4 | 8:49 ص

      إرهاب على كل مستوى

      دق الناقوس فمن ينقذنا من خطره؟ يا الله العالم يحترق !

    • زائر 3 | 2:46 ص

      الناقوس انتهي دقه

      في ظل تطور التكنلوجيا يوميا وتعدد طرق حصول الآرهابين علي الأموال ومانري من تفجيرات في المحلات العامة واستهداف الأبرياء والأطفال لا اعتقد هناك حل لهؤلاء الأرهابين والله يحفظ العالم منهم

    • زائر 2 | 1:06 ص

      من المسئول

      يبدو أنك تحمل الدول الكبرى مسئولية هذا الإرهاب لكن الجماعات التي تحاول استخدامها لغايات إرهابية هي أيضا تتحمل المسئولية لو أقدمت على استخدامها ولا يجب إغفال ذلك
      ويعطيك العافية

    • زائر 1 | 12:19 ص

      والله على الدنيا السلام

      حقا نعيش في عالم على كف عفريت
      فكم من مجنون حرب يجلس خلف لوحة قيادة هذه الرؤوس النووية
      فمن يضمن حدود جنونه؟
      الله يسترنا ويحفظ الجميع
      وشكرا على المقال أستاد

اقرأ ايضاً