العدد 3236 - الأحد 17 يوليو 2011م الموافق 15 شعبان 1432هـ

رأفة بالنساء العاملات في القطاع الخاص

شوقي العلوي comments [at] alwasatnews.com

.

شابة في العشرينات وقبل الثلاثينات بقليل من عمرها، متزوجة حديثاً، مضى على التحاقها بالعمل في شركة من شركات القطاع الخاص ثلاث سنوات، نالت حقها في الزواج. الزوج مثلها موظف بسيط في شركة من شركات القطاع الخاص كذلك، الاثنان يبدآن دوامهما الصباحي في الساعة الثامنة صباحاً، ساعات العمل اليومية تسع ساعات، ينتهي يوم العمل الساعة السادسة مساء، تتخلله ساعة للراحة والغذاء.

لا يستطيع الزوج أو الزوجة الذهاب إلى البيت خلال هذه الساعة لتناول وجبة الغذاء؛ حيث إن هذه الساعة لا تكفي لقطع المسافة ذهاباً وإياباً من مقر العمل إلى المنزل وبالعكس، يكتفيان بسندويتشات أو بوجبة من الوجبات السريعة التي تكلف الكثير مقارنة براتبهما البسيط. لا تستطيع الزوجة التخلي عن الوظيفة؛ لأن في تخليها عنها تصبح الحياة مستحيلة بدون الراتب البسيط الذي تحصل عليه والذي يوفر لها الملبس الضروري والمساهمة مع الزوج المسكين في تحمل مصاريف البيت من إيجار وأقساط سيارة وأثاث ومصاريف يومية.

يصل الاثنان إلى المنزل في نهاية اليوم منهكين والشمس قد غابت وحل الظلام، يحين وقت صلاتي المغرب والعشاء وهما في عملهما، لا يشعران بالنهار مثلهما مثل الكثيرات والكثيرين من العاملين في القطاع الخاص. يصلان إلى البيت وقد أظلم الوقت وحل الليل، في حالة من التعب تقوم الزوجة يساعدها الزوج بإعداد وجبة عشاء بسيطة، يقوم الاثنان بعملية التنظيف والغسيل ومن ثم يتناولان وجبة العشاء البسيطة مع مشاهدة التلفاز الذي عادة يحمل إلى النفس المزيد من التعب والنكد. ينامان ليستيقظا مبكرين في صباح اليوم التالي ليتكرر ما جرى لهما في اليوم السابق.

جاء الطفل الأول وجاء الطفل الثاني، تضطر الأم إلى إيقاظ طفليها في الصباح الباكر. الألم يعتصر قلبي الأم والأب بسبب الإزعاج الذي يصيب الطفلين نتيجة إيقاظهما المبكر من النوم، تقوم الأم بتنظيف الطفلين وتغيير ملابسهما وإطعامهما وهي في عجلة من أمرها خشية تأخرها المتكرر عن العمل صباحاً، الذي تنال بسببه توبيخاً مستمراً من رئيسها. تأخذ طفليها إلى أمها لرعايتهما طوال النهار بعيدين عنها، تودع الأم طفليها المتعلقين في رقبتها وهما يبكيان، الجدة بسيطة وكبيرة في السن وعلى قدر استطاعتها ومعرفتها تقوم برعاية الطفلين. يعود الأبوان في نهاية اليوم ليأخذا طفليهما النائمين من عند جدتهما، الأم تحمل الصغير والأب يحمل الصغير الثاني. لابد من إيقاظ الطفلين لتنظيفهما وتغيير ملابسهما وإطعامهما وهما يبكيان بعصبية. يتكرر ذلك يومياً، والألم والتعب يكون أكبر عندما يتعرض أحد الطفلين أو كلاهما إلى عارض صحي. كبر الطفلان قليلاً وأصبحا في سن الحضانة ومن ثم في سن المدرسة، وازدادت حاجتهما لرعاية الوالدين لمتابعة تحصيلهما الدراسي.

تلك هي قصة الكثيرات من بناتنا وأخواتنا، ترى الكثيرات منهن في نهاية كل يوم عمل وهن يركبن سياراتهن في طريق عودتهن لالتقاط أطفالهن والعودة إلى منازلهن، تراهن وقد اكتسى الإرهاق وجوههن، يمشين متثاقلات، تكاد أرجلهن لا تستطيع حمل أجسامهن. هكذا يطوي بهن الزمن، هكذا يتكرر يومهن، وليس في الأفق لهن من حل. الكثيرات منهن على استعداد للتنازل عن جزء من الراتب البسيط مقابل تقليل ساعات العمل اليومية، لعل في ذلك ما يساعدهن على العناية ولو جزئياً بأطفالهن، بالإضافة إلى الواجبات المنزلية التي هي في أغلبها حصراً مرتبطة بالمرأة.

يبدو أن مؤتمر حوار التوافق الوطني وفي الشق المتعلق بالمرأة والأسرة في حاجة إلى التوصية بإصدار تشريعات تحمي الطفولة البريئة وتحمي المرأة العاملة وتحمي الأسرة.

رفقاً ورأفة بالنساء العاملات في القطاع الخاص. رفقاً ورأفة بأطفالنا. رفقاً ورأفة بالأسرة البحرينية

إقرأ أيضا لـ "شوقي العلوي"

العدد 3236 - الأحد 17 يوليو 2011م الموافق 15 شعبان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 7:54 ص

      قلب رحييم

      مقال اكثر من رائع فيية جانب كبيير من الأنسانية والرحمة , فعلا المرأة تقع عليها مسؤلية كبيرة اتجاه البيت ولأطفال ولا يستطيع احد ان يحل محلها ليعطي نفس عطائها (الأم) لذلك اشكر صاحب المقال اذ انه حس بلمعاناة التي تتكبلها المرأة لتساهم في حمل اعباء الحياة واتمنى ان يحضى اقترحاته بعيين الأعتبار

    • زائر 7 | 5:37 ص

      اخيرا احد تذكرنا :)

      لقد وضعت يدك على الجرح .. ربما لم يصل الى مسامعك ايضا .. عن الحالة الاسوأ وهي عدم قدرة الجدة على رعاية الابناء بسبب حالتها الصحية التي ربما تكون سيئة ولا تسمح لها القيام بذلك ... هنا تكون المرأة العاملة في القطاع الخاص محبطة بسبب ساعات العمل الطويلة .. وعدم رغبتها في الاعتماد على الخادمة الاجنبية لتربية فلذة كبدها .. وعدم وجود دور حضانة او روضات تعمل لساعات طويلة تناسب العاملات في القطاع المطحون .....

    • زائر 6 | 4:47 ص

      المرأة العاملة

      رفقاً ورأفة بالنساء العاملات في القطاع الخاص. رفقاً ورأفة بأطفالنا. رفقاً ورأفة بالأسرة البحرينية
      نشكرك على مقالك ....

    • زائر 5 | 3:53 ص

      منصور

      نشكرك على مقالك الشيق عن مشكله جميع العاملات ونتمى من العلي القدير بأن ينال طلبهم الاجابه والنضر اليهم في حوار التلاقي.

    • زائر 4 | 3:36 ص

      صح لسانك

      صح لسانك سيد..
      الدوام متعب بما فيه الكفايه
      فراق الأطفال صعب جداً
      التأخر يتكرر
      لا راحه في الدوام ولا بعده
      المعاشات قليله ولا تبقى لنصف الشهر فما بالك بنهايته!
      ديون في ديون!!!!!
      نريد حلاً....!
      ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء
      شكرا
      A

    • مواطن مستضعف | 1:21 ص

      بوركتَ يا سيّد

      طرح مُفعم بالأحاسيس الإنسانية الصادقة, و هو مرآة لواقع مُعاش.
      مع خالص الودّ

    • زائر 2 | 1:17 ص

      ستــ نور العين ــرة

      صباح الخير للجميع
      الله يعلّي مكانك يا ولد العلوي على تعليقك بخصوص النساء واللي اكثرهم مجبورين على العمل بسبب الحياه الصعبة ونتمنى عمل إجراءات ميسره للجميع وخصوصاً في القطــ الخاص ــاع والله تعبنا نطلع من البيت من الصبح ونعود له في المغرب وحياتنا صارت متعبة وصرنا نعيش في موقع عملنا اكثر من بيتنا "الرحمه زينة يا جماعة" وأن شاء الله نسمع اخبار تسر في المره القادمة بخصوص هذا الموضوع....

اقرأ ايضاً