العدد 3297 - الجمعة 16 سبتمبر 2011م الموافق 18 شوال 1432هـ

جلالة الملك المفدى يستقبل عددا من العائلات البحرينية

استقبل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى بقصر الروضة هذا اليوم عددًا من العائلات البحرينية، وذلك في إطار لقاءات جلالته المتواصلة مع المواطنين الكرام.
وفي مستهل اللقاء ألقى السيد فيصل محمد المحروس كلمة نيابة عن العائلات
ثم تفضل جلالة الملك المفدى بإلقاء كلمة سامية قال فيها:
أشكركم على الحضور وعلى الكلمة الطيبة، وعلى كل حال الولاء متبادل والمحبة متبادلة، ونحن في خدمة المواطنين الكرام، والبلد الغالي، وكل ما أود أن أقوله وأهتم به هو أن نبقى دائمًا عائلة واحدة، وأسرة واحدة، متكاتفين متحابين ومتعايشين مع بعض، ومع جميع ما هو أصبح منّا، بيننا أناس آخرين يعيشون معنا ويجب علينا بالفعل أن نقوم بواجبنا تجاههم، فحضوركم اليوم يسعد الجميع ويسعدني أنا شخصيًا، وهو مصدر قوة للعمل والمزيد من الإنتاج وتحقيق الأهداف التي تطور البحرين لمصلحة الجميع، لا يوجد شيء يقف عند حد معين ونقول أنجزنا وانتهى عملنا، فالعمل مثل العلم، من المهد إلى اللحد، فلذلك دائمًا الشعوب الحية وشعب البحرين يمثل هذه الحيوية، لا يريد إلا التطوير والتقدم والنماء في كل المجالات، وبالفعل على ما هو موجود من موارد وإمكانيات فالحكومة الرشيدة برئاسة صاحب السمو الملكي العم العزيز أنجزت إنجازات كثيرة، واحتلت البحرين المركز العشرين على مستوى العالم والمركز التاسع والثلاثين و الثامن والثلاثين، بل واحتلت المركز الأول في العديد من المجالات، وكل ذلك بشهادة الأمم، وبشهادات خارجية دولية محايدة، وهذا إن دل فيدل على جهودكم أنتم، وعملكم ونشاطكم ونجاحكم في أعمالكم، من ينظر اليوم إلى البحرين وما حققته، لا شك بأنه يرى البحرين سباقة، فلذلك تلقينا الضغوط، وهذه الضغوط تجاوزناها في الماضي، وتجاوزناها في الحاضر، وستبقى في المستقبل وسنتجاوزها بإذن الله، السر في نجاح البحرين هو قيم وأخلاق أهل البحرين وحبهم للعمل وحبهم لبعضهم وكرم نفوسهم.
في مقدمة الدستور، إن المجتمع يبنى والدولة تبنى على الأخوة والتسامح والتكاتف والمحبة، فلا شك أن الإنسان إذا أراد أن يخل بهذه القيم والمبادئ يظهر ويبرز، وهو لا يمثلنا ولا يمثل بلده، وإنما يمثل طموح معين اعتقد به، فإذا نُصح من المجموعة، فسيكون أفضل للمجموعة وله بأن ينضم إلى المسيرة المباركة التي يقودها أفراد المجتمع كله، أنا أوجه وأتمنى وأدير الشؤون ولكن في الأول والأخير على الناس، ومن حسن حظنا وحظي أنا شخصيًا أن البحرين تملك رجال أثبتوا إخلاص وكفاءة ومقدرة وصبر ولذلك تحققت الإنجازات التي ذكرناها سابقًا. في الوقت الذي نرى فيه كل شعوب العالم تطمح إلى التطور والحرية والتقدم، هي الآن تريد أن تصل إلى بعض ما وصلتم إليه من تقدم وتطور، وهذا تحقق بهداية من رب العالمين ثم بجهودكم، ولكن السير إلى الأمام بحكمة، هو مسؤوليتي أنا، لأني لا أريد أن أرمي البحرين في الفضاء غير المعروف، أريد البحرين أن تكون دائمًا في كل خطوة إلى الأمام، وتأمن نفسها من اليمين واليسار والخلف، حتى تنطلق إلى الأمام، لا يمكن أن أقود البحرين دون التفكير في ما حولي، ومن هذا المنطلق، بتشاورنا وتكاتفنا نسير بكل ثقة. ثقوا بالله بما اكتسبتم من قيم، أكسبوكم تلك القيم من هم قبلكم، آباؤكم وأجدادكم وأهلكم، إلى أن تميزت البحرين بالطيبة والأخلاق الحميدة، والكرم بما هو موجود، فلذلك اليوم ما أعتز وأفتخر به هو سمعة أهل البحرين في الخارج، ونتمنى أن تستمر هذه السمعة، وإذا وجد لا سمح الله من يسيء لهذه السمعة، فيجب أن يُنصح من صديقه أو جاره، نحن نمتلك تراث معين ومستوى معين ويجب أن نهتدي به، وبالفعل هذا هو صمام الأمان، محبة العالم لكم، نحن لا نمتلك قوة كبيرة ولا نمتلك خبرة ومعرفة تضاهي العالم، لكننا نمتلك ما هو أقوى من ذلك، وهو إيماننا بالله وإيماننا بقيمنا وهذا ما هو من الواجب المحافظة عليه، وأنتم لم تقصروا بشيء، ونحن لا نتهم أي شخص، حتى في أثناء الأزمة المؤلمة التي مرت بنا، كل الكلام والتوجيه الذي سمعتوه منّا ومن سمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد، دائمًا كان بأنكم تضعون الخير أمامكم وتريدونه للجميع، وهذا حالنا وقدرنا فلذلك نحن أصدرنا الأوامر الكثيرة بمتابعة الحكومة عن أمور كثيرة منها ما قيل بأنهم فُصلوا، والبعثات الدراسية وموظفي الدولة، فالمعلومات في بعض الأحيان لا تكون دقيقة، فنحن الآن أردنا أن نتحرى الدقة في المعلومات، لأن الخبر يأتيك أحيانًا دون أساس، وينقله الآخر بإضافة، ويزيد عليه من يتلقاه بإضافة أخرى وهكذا، وقد تكون هي مسألة بسيطة، تتطور بسبب هذه الزيادات، العبرة بالنتائج ولا يشك أحد في ما سأقول، فأكبر فرح بالنسبة لنا هو سماع خبر توظيف بحريني، أو تخرج بحريني من جامعة، أو اختراع بحريني لشيء ما في الخير. ودولنا عمومًا في مجلس التعاون ما يميزها عن دول كثيرة في العالم أنها دول خير، تعطي ولا تأخذ، وتهتم على مدار الساعة بأوضاع الشعوب وإسكانها وخدماتها وأعمالها وأمنها، لا تتحدث عن ما تأخذه من ضرائب أو ما تأخذه من أتاوات أو من أرواح، بل بالعكس، دول الخليج عامةً هي دول الخير وبإمكانكم أن تسألوا أي إنسان حتى في الدول المتقدمة عن ما إذا كان يريد أن يعيش في البحرين فسيجيب بنعم، وإذا استطعت أن أكون مواطن بحريني فسأكون أسعد إنسان، وفي الخليج عمومًا. نحن الآن أصبحنا ملجأً لكل من يريد أن يهرب من ضغوط الحياة عليه في الخارج، إذا أردت أن تهرب من بلدك إلى أين تذهب، هل تذهب إلى الأسوأ؟ يجب عليك أن تكون في مكانك وتثبت نفسك.
نحن نعيننكم على ذلك وأنتم تعينوننا أيضًا، ونحن نسمع الرأي والنصيحة، ولذلك شكلنا مؤسستنا التشريعية، وعندما نقول أننا بلد المؤسسات والقانون، أرجو أن تترجم بما معناه أن المؤسسات هي صاحبة القرار ولكن على ضوء القانون، والقانون هو من أقره ممثلي الشعب ونحن صدقنا عليه، ومنذ تشكيل المجلس الوطني إلى اليوم، لم يُرد أي تشريع أراده ممثلي الشعب، أو اختُلف معهم في تطبيقه، بل على العكس نحن نقول هل من مزيد؟ أي تشريعات لصالح المواطن والبحرين تسير بكل سهولة، هذه المؤسسات عندما تعطى الحرية والمسؤولية والصلاحيات تكون الدولة قوية ولا يكون القرار عند فرد، وإنما الفرد الذي في عملي اليوم هو واحد منكم، ولكن من بعد الله سبحانه وتعالى يكون تحت مظلة بحيث إذا مؤسسة من المؤسسات تجاوزت لأمر ما القانون، من واجبنا أن نرجعه إلى المؤسسات والمؤسسات تتحمل مسؤوليته، فليس هناك قرار فردي، أحيانًا يطلب أن يمارس القرار الفردي، فإذا مارسنا القرار الفردي، فنحن نرجع إلى الخلف ونحن نؤمن كمسلمين بقول الله سبحانه وتعالى: وأمرهم شورى بينهم، ترجموا هذه الآية، ترجمتها هي بالفعل هذه المؤسسات، لأنك لا تستطيع أن تترك القرار في يد أشخاص لا يملكون الكفاءة، لا تستطيع أن تدع الخطابة الدينية لمن لا يملك المقدرة، لا تستطيع أن تدع البناء لمن لا يملك شهادة الهندسة، لا تستطيع أن تدع العلاج لمن لا يملك شهادة الطب، فالشورى تتم بين من يمتلك الكفاءة والقدرة على إبداء الرأي.
الحمد لله أهل البحرين واسمحوا لي على ما سأقول، ولكنّي أعتز بذلك، فنسبة الأمية لدينا هي صفر بالمائة، وأنا استسمح منكم لأن هذا الشيء نعتبره إنجاز فرعي، فالبحرين معروفة منذ أزمنة بالتطور التعليمي والبناء وضبط الدولة، حتى علماء الدين وشيوخ القبائل قبلوا بالدولة المدنية الحديثة، ودخلوا بها والدين حُفظ وقوى وأصبحوا الناس أكثر تمسكًا بالدين، لأنهم يمتلكون الحرية ومن يملك الحرية في معتقداته ومذهبه يصبح قوة للبلد.
فبناء الدولة المدنية في ظل هذه الظروف التي تعيشها المنطقة بشكل عام، من أيام الجد عيسى بن علي بدأ بناء الدولة المدنية ومعه رجاله من أهل البحرين، وساعدوه على ذلك ومن بعده الجد حمد، وثم الجد سلمان، وثم الوالد رحمة الله عليهم جميعًا، والآن أتى دورنا لنبني معكم الدولة الحديثة المدنية دولة المؤسسات والقانون، لا دولة الرأي المنفرد والأوحد. حتى بلدنا لم تُحكم من قبل حزب واحد، لكن احترام الآخرين هو أمر إلهي أمرنا به الله سبحانه وتعالى، والرسول عليه الصلاة والسلام في بداية الرسالة، كان معه رجال من مختلف الثقافات والمعتقدات، وانصهروا في خدمة أوطانهم، نحن كذلك نفس الشيء فنحن نختلف في المعتقدات والمذاهب والعوائل والقبائل، ولكن نجتمع في هذا البلد الكريم وهذا من حظنا، يجب أن تتيقنوا أنه من حسن حظكم كبحرينيين أن تكونوا في البحرين.
لا يوجد إنسان لا يحب تراب هذا البلد، حتى من يأتي من الخارج، بودّه أن يبقى، وإذا لم يستطع فيزور البلد من فترة لأخرى، لأنكم طيبون تستقبلونهم وتضيفونهم وتحترمونهم وتقدرونهم وتسألونهم عن أحوالهم. هذا ما أتمنى أن يبقى لدينا كقوة تكون بديلة عن قوى القوة والعنف والشر فتكون قوتنا بالخير وبالطيبة وبالتسامح وبالتعايش، ترجموا هذه الكلمات، لا نريد أن نقولها ولا ننفذها، إذا كنا لا نستطيع أن ننفذها فلا نقولها، فنحن نتعايش في دولة المؤسسات والقانون بكل محبة ورضا، وأهم رضا هو رضا رب العالمين أن يكون راضي علينا وعلى أفعالنا وأقوالنا. لا أذكر في يوم، وأنا درست في مدارس شعبية كما تعلمون ولدي أصدقاء من عامة الشعب، وأعرف ما هي مشاعرهم، لم أشعر في يوم من الأيام إلا بالاعتزاز والافتخار بأني من هذه البلد ولهذه البلد وأن أخدم هذا البلد معكم، وأن نبقى متكاتفين. ومررنا بمراحل لا أريد أن أذكرها، ولكن كلنا نعرف مختلف الفترات التي مررنا بها، وكلها كانت من الخارج للتأثير على مجريات الأمور الطيبة الطبيعية في البلد، وتتجاوزها البحرين بتكاتف أهلها، كبيرة كانت أم صغيرة، وهذا بيتنا، حتى إخواننا إذا أرادوا أن يساهموا يدعون الباقي لك لأنهم لا يستطيعون أن يحلوا جميع مشاكلك أنت، ولا يستطيعون أن يتدخلوا في شؤونك الخاصة، إلا بحد معين ومعروف.
الآن إذا رأينا أمور تتطلب المعالجة، فهي بلا شك في طريق العلاج، لا يمكن أن نواجه مشكلة في البحرين ولا نبدأ بعلاجها، لا يمكن، لأننا إذا تركناها ستتراكم، لأننا سنواجه مشاكل أخرى في المستقبل.
على كل حال، لا أريد أن أطيل عليكم، هذا اليوم من أسعد الأيام، وهذا اليوم يرمز للوحدة والاتحاد الوطني في بلدنا، وهذه هي قوتنا، وأنا أشكركم وعاجز عن الشكر، لأن هذه المبادرة منكم أنتم، وأردتم رؤيتنا ونحن أردنا رؤيتكم كذلك، والحمد لله على تحقق هذا الشيء، وما جرى في هذا البلد هو خير لها بكل تأكيد، وتعلمنا الدروس المفيدة والعبر التي استخلصناها من ما مررنا به، والإنسان المؤمن لا يكرر الخطأ، فلذلك نحن ماضون معكم إلى الأحسن. وإلى اليوم نرى البحرين دولة متقدمة على دول في العالم المتقدم، فالحمد لله والشكر لله، وإن شكرتم لأزيدنّكم.
بقيت لدي نصيحة عائلية أود أن أشاركها معكم، هذه الدنيا بها الكثير من الأمور الجميلة والمسلية والوقت الطيب، أكثر من ما نراه في التلفزيونات والأخبار، وإجهاد أنفسنا بهموم أناس بعيدين عنّا كل البعد، فإذا أردنا أن ننشغل، فلننشغل بهموم صيّادي البحر لدينا وبهموم الصناعة في البحرين، ننشغل في شؤوننا الخاصة وبطريقتنا. وندع أوقاتًا لفرحتنا وأسرنا وتربية أبناءنا على المحبة، أما الأبناء إذا ما رأوا الأسرة مركزة على الأخبار والهموم ومشاهدة الأخبار المكررة لأكثر من عشرين مرة، هذا به مضيعة للوقت، ففي هذا الوقت تستطيع الاستفادة منه في القراءة فهي أفضل، وتنعش الذاكرة كما يقولون، أما إذا شاهدت التلفزيون وسألك شخص بعد خمس دقائق ماذا شاهدت، تنسى ما تشاهده لأنه لا يرسخ في الذاكرة.
أتمنى لكم كل التوفيق، ونحن جميعًا بخير بإذن الله ثم بسلامة العم العزيز رئيس الوزراء وولي العهد وعلماءنا الكرام، فهذا الشيخ أحمد يبدي رأيه السديد الذي به مصلحة البحرين متى ما تسنت له الفرصة، بالإضافة إلى الإخوان رئيس مجلس الشورى ورئيس مجلس النواب، وجميع الإخوان الذين خدموا البحرين بجهد جهيد، هم معنا اليوم، ووفقهم الله وأصبحوا قدوة لأبنائهم وإخوانهم، فإن شاء الله نكون معكم قدوة للأجيال القادمة بإذن الله، شكرًا لكم.
بعد ذلك قدم ممثلو العائلات وثيقة عهد وولاء لجلالة الملك المفدى موقّعة من قبلهم ثم قدّموا لجلالته هدايا تذكارية بهذه المناسبة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً