العدد 3327 - الأحد 16 أكتوبر 2011م الموافق 18 ذي القعدة 1432هـ

المبادرات الوطنية حجّمت معدلات الفقر في مملكة البحرين

فاطمة البلوشي open [at] alwasatnews.com

يطيب لمملكة البحرين أن تشارك الأسرة الدولية الاحتفال الأممي السنوي بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على الفقر الموافق 17 أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام، وهو اليوم المعتمد من قبل منظمة الأمم المتحدة في اجتماع عقد بتاريخ يوم 22 ديسمبر/ كانون الأول من العام 1992.

إن هذه المناسبة العالمية تحثنا على المراجعة السنوية للجهود المبذولة في سبيل القضاء على الفقر، ولا يمكن لمنصف أن يتجاهل سلة المبادرات الوطنية الحكومية والخاصة والأهلية التي أطلقتها مملكة البحرين طوال السنوات الماضية في سبيل تحجيم معدلات الفقر لأدنى مستوياتها - وهو فقر نسبي - وأسهمت المبادرات البحرينية في وضع مؤشرات وطنية حول حجم الأسر محدودة الدخل والأخرى التي تتطلب رعاية أكبر من الدولة للارتقاء بوضعها الاقتصادي وذلك عبر برامج خاصة تتعاون في تنفيذها مختلف الجهات الرسمية في سبيل توسيع مداخيلها المالية وتنشيط دورها التنموي في المجتمع، وذلك في ضوء خطة حكومية فاعلة استرشاداً بالمبادئ التوجيهية في رؤية البحرين الاقتصادية 2030.

ومن أبرز المشاريع الهادفة لتعزيز الطبقة الوسطى في مملكة البحرين مشروع إنشاء بنك الأسرة الذي يعتبر تجربة مصرفية رائدة ومتميزة في بلادنا، وهو ليس مشروعاً يتيماً في أجندة عمل الوزارة، ولكنه المشروع الأبرز من ضمن قائمة لمشاريع أخرى تنموية حظيت بتجاوب كبير من الأسر البحرينية.

وإن وجود حالات فردية أو أسر محتاجة لا يجدر تعميمه كظاهرة شاملة غير منصفة على جميع أفراد وأسر المجتمع البحريني، الذي تقدّم لأجله مختلف الدعم اللازم لرفع مستواه المعيشي.

وتعتبر مبادرة «إنماء» لتدريب الأسر المحدودة الدخل على برامج اقتصادية فاعلة وتأهيلها لتتحول لأسر منتجة ثم لأسر تدخل في نطاق الطبقة الوسطى من البرامج التحفيزية المثمرة، التي استطاعت أن تخضع عدداً من أسر من قائمة المستفيدين من المساعدات الاجتماعية إلى أسر ملهمة بالأفكار الإبداعية والقدرة الاقتصادية على إدارة مشاريعها الإنتاجية، وهي في طريقها للتحول لأسر منتجة وفاعلة في دورة الاقتصاد المحلي، وتولي الوزارة عناية واهتماماً بتعميم تطبيق مشروع «إنماء» على مختلف محافظات المملكة بعد نجاح نسخته الأولى.

والتزاماً من مملكة البحرين في أن تكون معايير عملها متسقة مع المعايير الدولية التي تضعها المؤسسات الدولية المرموقة، فقد واصلت حكومة مملكة البحرين، ممثلة بوزارة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية، في التنسيق والتعاون والتفاهم مع البنك الدولي، وذلك لوضع دراسة مقارنة حول خدمة الدعم المالي التي قدّمتها الحكومة كخطوة إنعاشية لميزانية الأسرة البحرينية لمواجهة غلاء المعيشة وارتفاع النفقات الاستهلاكية انعكاساً لموجة الغلاء في البلدان الأخرى، ويُعتبر التشاور القائم والمتصل مع المؤسسات الدولية المرموقة سبيلاً للاسترشاد لتقديم أجود الخدمات الحكومية وميزاناً صادقاً ومعترفاً به للتعرف على الوضع المعياري الذي وصلت له المملكة وما تطمح له في المستقبل.

كما وضعت الوزارة عدداً من المشروعات والبرامج الداعمة لتنمية الأسر المحتاجة، إذ قامت بالاستعانة بخبرة البنك الدولي في مجال تطوير وهيكلة شبكة الأمان الاجتماعي وتطوير نظم المساعدات الاجتماعية، ووضع إطار لخط الفقر النسبي بالمملكة وتم توقيع اتفاقية تعاون مع البنك في نوفمبر/ تشرين الثاني 2006 يقدم من خلالها البنك، الدعم الفني للوزارة عن طريق تنفيذ برنامج يرتكز على عنصرين مهمين: الأول يهدف إلى وضع معايير توضح خط الفقر النسبي في المملكة بناءً على نتائج المسح الإحصائي الذي يقوم به الجهاز المركزي للمعلومات والتي ستمثل حجر زاوية لوضع سياسات الحكومة تجاه استهداف وتنمية الفئات الأكثر احتياجاً للدعم، والثاني يهدف إلى دراسة سبل تشجيع الأنشطة المدرة للدخل للأسر المحتاجة وتعزيز الظروف المعيشية في المناطق التي تسكنها هذه الأسر والعمل جارٍ لتطبيق توصيات الدراسة في يناير/ كانون الثاني 2012 بما يضمن توجيه الدعم المالي لمستحقيه ورفع المستوى المعيشي لهم بما يتوافق مع متطلبات الحياة.

إن المكاشفة والمصارحة هي نهج مستمر في العمل الحكومي، وليس استثناء في الأداء والعمل، ولهذا فقد دأبت الحكومة ممثلة بالوزارة على التحدث بصوت مسموع حول مساندة الأسر المحتاجة، واستقطبت الوزارة الخبرات العالمية والكفاءات الوطنية للتشاور بشأن الخطط والعلاجات اللازمة لذلك، ووضعت الوزارة الخطط التنفيذية المناسبة لذلك بالتعاون مع الجهات الرسمية ذات العلاقة، وتهدف الوزارة من وراء ذلك لأن تضع يدها في يد المخلصين من أجل ما يخدم المصلحة الوطنية لهذا البلد الغالي.

كما تعكف الوزارة على تنفيذ مشاريع عديدة لتقوية شبكة الأمان الاجتماعي للأفراد والأسر في مملكة البحرين، من خلال العديد من المبادرات، مثل: مشروع المنزل المنتج، وإنشاء دار الأمان، وإنشاء دار الكرامة للرعاية الاجتماعية، وتطوير نظم المساعدات الاجتماعية ووضع سياسات اجتماعية تنموية تؤسس لقاعدة صلبة من الاستقرار الاجتماعي، فضلاً عن في مختلف المناطق حيث أطلقت الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة والاستراتيجية الوطنية للطفولة كل ذلك من أجل تقوية شبكة الأمان الاجتماعي وتوفير الحياة الكريمة لجميع أفراد المجتمع.

وإن الوزارة ومن واقع تجربتها العملية في مجال التعامل مع الحالات المعوزة، ومن خلال دراسات ميدانية أجرتها الفرق المختصة بالوزارة بشأن ما يجري تداوله بين حين وآخر بشكل غير دقيق عن موضوع زيادة حالات الفقر النسبي في البحرين، تبين لها وبلغة الأرقام الواضحة نتيجة مفادها أن لا يوجد فقر مدقع في البحرين وفقاً للمؤشرات الدولية المعتمدة لدى المنظمات والجهات المختصة ذات العلاقة بهذا الموضوع، كما يمكن الاستدلال على هذه المنظمات الدولية المتخصصة لم تسجّل في تقاريرها أية ملاحظة حول هذا الموضوع بما يؤكد وجهة النظر الرسمية حياله.

لقد شهدت مملكة البحرين خلال السنوات الماضية، ومنذ تأسيس الوزارة في 2005 (قبل استحداث وزارة حقوق الإنسان) العديد من المشاريع الاجتماعية التي جاءت بشراكة مجتمعية مع مؤسسات المجتمع المدني وبما يؤكد الرؤية التكاملية لأبناء المجتمع للمساهمة في تقديم يد العون للأفراد والجماعات في إطار المسئولية الاجتماعية بين القطاع الحكومي والقطاع الأهلي.

ومن بين هذه المشاريع الرائدة إنشاء دار الكرامة للرعاية الاجتماعية، الذي جاء وفقاً لما رسمه قانون حماية المتسولين والمتشردين، إذ تهدف الدار لمكافحة ظاهرة التسول والتشرد في المملكة واستقبال المتسولين والمتشردين من الجنسين الذين يتم ضبطهم أثناء التسول والتشرد وتوفير أوجه الرعاية الاجتماعية والصحية والنفسية والمعيشية لهم خلال فترة إقامتهم في الدار إلى جانب تنفيذ البرامج المختلفة التي تساعد المتسولين والمتشردين على التخلص من ممارسة التسول والتشرد والتنسيق مع الجهات المختصة لتحويل الحالات التي تستحق خدمات تلك الجهات وأخيراً توثيق الصلة بين المتسولين والمتشردين وأسرهم والعمل على توفير الرعاية المادية والمعنوية لهم لمساعدتهم على عدم العودة إلى ممارسة التسول والتشرد وتكثيف برامج الإرشاد والتوجيه للتخفيف والقضاء على التسول والتعاون مع الأجهزة المعنية لمتابعة ورصد حالات التسول وملاحقتها للحد من انتشارها، وتجدر الإشارة إلى أنه ومنذ إنشاء هذه الدار أصبحت حالات التسول قليلة جداً في معظم مناطق المملكة.

كما تحظى الجمعيات الخيرية بدعم حكومي عبر برنامج المنح المالية من الوزارة, وخصصت الوزارة لدعم هذه الجمعيات 300 ألف دينار سنوياً دينار خلال الأعوام الماضية من خلال صندوق العمل الأهلي الاجتماعي، والذي يمول بدعم سخي من قبل مؤسسات القطاع الخاص، التي ترى في عمل الخير مسئولية اجتماعية تشاركية فبناء الفرد هو بناء للأسرة والمجتمع المتوحد والقوي كما تم تخصيص مبلغ 1.200 مليون دينار لدعم المراكز العاملة في مجال الإعاقة من أجل توفير التعليم والتأهيل اللازم للأشخاص ذوي الإعاقة من غير مقابل مادي.

وإلى جانب البرامج الحكومية التنشيطية لميزانيات الأسر البحرينية، تولي الوزارة قسطاً وافراً من الاهتمام للأسر محدودة الدخل من خلال تقديم مساعدات اجتماعية شهرية وتتضاعف في الأعياد الوطنية والدينية، إذ تصدر التوجيهات الملكية السامية التي تشكل مظلة أبوية حانية لهذه الأسر لتلبية مطالبها بهذه المناسبات الوطنية والدينية عبر توفير كسوة العيد أو الإعانات اللازمة لسد الاحتياجات الاستهلاكية.

لقد نجحت الوزارة في وضع الخطط اللازمة لتنمية الأسر المحتاجة، وبلغت هذه الخطط مستويات متقدمة في التنفيذ، وأن الوزارة في الوقت الراهن في مرحلة المراجعة الاستراتيجية لهذه الخطط في ضوء ما أسفر عنه حوار التوافق الوطني من مرئيات تمثل إرادة مكونات المجتمع البحريني وأطيافه المختلفة، وإن الوزارة بصدد تكييف خططها التنموية الموجهة للأسر المحتاجة من خلال ما أوصى به المشاركون في حوار التوافق الوطني، وستصدر التعديلات على الخطط من بعد استكمال الأدوات الدستورية والقانونية اللازمة لتنفيذ المرئيات من قبل مجلس الوزراء في المرحلة القريبة المقبلة.

ويتعين التركيز على أن جميع هذه التحديثات في الخطط الوطنية الطموحة للقضاء على الطبقة المتدنية الدخل، تأتي انسجاماً مع ما تنص عليه المادة الخامسة من الدستور التي حددت كفالة الدولة للضمان الاجتماعي اللازم للمواطنين في حالات محددة بعينها وهي: الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو اليتم أو الترمل أو البطالة، كما تؤمن لهم خدمات التأمين الاجتماعي والرعاية الصحية، وتعمل على وقايتهم من براثن الجهل والخوف والفاقة.

ولهذا فإن القضاء على الطبقة المتدنية الدخل هو صمام أمان للمجتمع في سبيل تحقيق الأمن الاجتماعي الذي تتمتع به مملكة البحرين وتتميز به مقارنة ببقية بلدان العالم العربي

وحيث إن النور والعلم هما المعبر الآمن لتمكين الأسر المعوزة فإن تطوير مخرجات التعليم وتأهيل الخريجين ليكونوا موظفين أكفاء لأداء المسئولية الوطنية في مختلف مواقع العمل، هو السبيل في حل هذه المشكلة، ومما نحمد الله عليه أن مملكة البحرين وبفضل المشروعات الوطنية الرائدة للتعليم وتوظيف الجامعيين فقد حققت مؤشرات وطنية مرتفعة لخفض نسبة البطالة إلى أدنى المستويات من خلال تطبيق برامج تشجيعية كالتأمين ضد التعطل والمشروع الوطني للتوظيف وبرامج صندوق العمل (تمكين) لدعم الجامعيين والتسهيلات المصرفية لبنك الأسرة للأسر المحتاجة ووضع حد أدنى لرواتب القطاع الخاص وزيادة رواتب موظفي القطاع العام والعسكري، وكل هذا وغيره يعتبر من الكوابح الرسمية لوقف أيّ جموح في الأسعار أو الغلاء في مستويات المعيشة.

ولا يمكن أن ننسى الدور الكبير الذي تقوم به المؤسسة الخيرية الملكية كجهة غير حكومية، في تقديم الدعم والمساندة للفئات المحتاجة من الأيتام والأرامل والمطلقين.

إن وزارة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية ومن صميم مسئولياتها وواجباتها تجاه الوطن والمواطنين لا تتوقف عن التداول في تصورات ومشاريع ومبادرات من شأنها إحداث نقلة اجتماعية نوعية للأسر البحرينية بما يلبي تطلعاتهم المعيشية ويفتح الآفاق لهم للتطوير الاجتماعي.

والجدير بالذكر أن التكافل يعد من المبادئ السامية في ديننا الإسلامي الحنيف، وما يجري على أرض الواقع من مساهمة فاعلة لمؤسسات المجتمع المدني، ممثلة بالجمعيات الخيرية، هي استجابة لمتطلبات التكاتف في المجتمع المحلي، وهي من صميم ما نشأت عليه الأسرة البحرينية من مودة ورحمة وتكافل

إقرأ أيضا لـ "فاطمة البلوشي"

العدد 3327 - الأحد 16 أكتوبر 2011م الموافق 18 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً