العدد 3380 - الخميس 08 ديسمبر 2011م الموافق 13 محرم 1433هـ

200 مليون طن ينتج العرب من النفايات في العام 2020

مجموعة كتاب من المنظمات الدولية comments [at] alwasatnews.com

.

رامي الشربيني - أحمد جابر - محمود رياض 

يتصف قطاع إدارة النفايات في العالم العربي بالتخلف وضعف الاستثمارات والممارسات الشديدة الخطورة في «التخلّص من النفايات». ومع أن حجم النفايات المنتَجة آخذ في الازدياد بشكل مثير للقلق، فليس لدى الجهات السياسية العليا التزام شديد بإدارة النفايات، كما إنّ عدّة بلدان عربية تفتقر إلى استراتيجيات وطنية أو خطط متكاملة لإدارة النفايات الصلبة البلدية. ويتوقّع أن تبلغ كميات النفايات الصلبة البلدية المُنتَجة في البلدان العربية بحلول العام 2020 ما يزيد على 200 مليون طن سنويّاً. ومع أنّ ما يقارب 80 في المئة من مجمل النفايات الصلبة البلدية المتولّدة في البلدان العربية قابل للتحلُّل ولإعادة التدوير؛ فإن معدّل إعادة التدوير لا يتجاوز 5 في المئة.

من النواقص التي تشوب هذا القطاع غياب الأنظمة وضعف مقاييس التخلّص من النفايات. فليست هناك أنظمة مناسبة لجمع النفايات ونقلها، كما أنها لا تشمل كل السكان. وقد تصل النفايات غير المجموعة في العديد من البلدان العربية إلى 50 في المئة من مجمل النفايات المُنتَجة، والتي يذهب معظمها إلى مكبّات مكشوفة أو مضبوطة. وغالباً مّا يُستخدم الإحراق في الهواء الطلق في هذه المكبّات. يُضاف إلى ذلك أنّ النفايات الصلبة البلدية تختلط عادة بالنفايات الصناعية والطبية أثناء عملية التخلّص منها. وبنتيجة إلقاء النفايات الصلبة بشكل غير سليم وحرقها في الهواء الطلق تؤدي منتجاتها المتحلّلة إلى تلوّث الهواء والمياه الجوفية والسطحية والتربة. وقد تجد هذه الملوِّثات طريقها، بعد ذلك، إلى الهواء أو تدخل سلسلة الغذاء، مسبِّبة مخاطر صحية مباشرة. ومن معوقات تمويل إدارة النفايات أيضاً، بشكل عام، ضعف الموازانات ومحدودية استرداد التكاليف. ومن المعروف أنّ المدن تنفق ما بين 20 و50 في المئة من موازناتها المكرّرة المتاحة على إدارة النفايات الصلبة، ومع ذلك فمن الشائع أن يظلّ نصف كميات النفايات في المدن غير مجموع، وألا تشمل خدمات جمع النفايات الصلبة البلدية نصف سكان المدن.


تأمين التمويل

يُقدَّر أنّ التكاليف السنوية للأضرار الناجمة عن سوء إدارة النفايات بلغت العام 2006 ما يوازي نسبة 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلدان العربية، ما يعني أن تحويل إدارة النفايات إلى قطاع أخضر يخفض النفقات بقيمة 57 مليار دولار، استناداً إلى إجمالي الناتج المحلي في العام 2010.

ونظراً إلى وضع القطاع غير المتطوّر والممارسات غير المستدامة السائدة فيه، تبرز حاجة ماسة إلى إجراء تحوّل عميق في مقاربة النفايات الصلبة البلدية، من رميها وحرقها وطمرها إلى منهج لإدارة الموارد يسعى إلى جني فوائد من مواد النفايات من خلال تقليل كميتها وإعادة استخدامها وتدويرها واستردادها. وهذا ما لا يمكن تحقيقه إلا باعتبار النفايات عبئاً خطيراً باهظ الكلفة، واعتبارها مورداً اقتصاديّاً قيّماً يمكن تحويله وإعادة استعماله بطريقة تأخذ في الاعتبار كل المخاوف المتعلّقة بالصحة العامة والبيئة.

ينبغي على الحكومات العربية أن تطوّر استراتيجيّات وطنية لإدارة النفايات ومخطّطات عامة توفر الدعم السياسي للالتزام بمنهجية للنفايات الصلبة البلدية تقوم على تقليل كميتها إلى الحدّ الأدنى وتحويلها. والهدف من تخفيض النفايات هو إلغاؤها قبل إنتاجها، والتقليل من كميات النفايات وسمّيّتها في آن واحد. ويشمل التعريف الأشمل للتخفيض إلى الحدّ الأدنى ثلاثة عناصر، هي على التوالي، بحسب المرغوبية: تجنّب توليد النفايات أو تقليلها ورفع جودتها من المصدر، واسترداد المواد عن طريق إعادة الاستعمال، وإعادة التدوير. أول خطوة لازمة لتحقيق الاستدامة المالية، هي: معرفة التكاليف الفعلية لخدمات النفايات الصلبة البلدية في البلدان العربية. وقد قُدِّرت احتياجات الاستثمار في هذا القطاع في غرب آسيا وشمال أفريقيا، على مدى السنوات العشر المقبلة، بما يفوق 21.6 مليار دولار سنويّاً موزّعة على الشكل الآتي: الجمع والتحويل 38 في المئة، الطمر وصنع الكومبوست 27 في المئة، المعالجة الميكانيكية والبيولوجية 17 في المئة، تحسين المكبّات أو إغلاقها 12 في المئة، تحويل النفايات إلى طاقة 6 في المئة.

ويمكن تأمين التمويل بفرض مجموعة تعرفات وضرائب محلية، وتشجيع استثمارات القطاع الخاص، وإقرار مسئولية المنتِج طويلة الأجل، وزيادة الإيرادات من بيع المنتجات المعاد استخدامها والمعاد تدويرها. ومع كل ذلك، فما يجني المداخيل الأكبر هو بناء أساس لتخفيض إنتاج النفايات في المقام الأول وتوظيف الاستثمارات في البنية التحتية لاسترداد الموارد.

وممّا يشجّع الاستثمار في تخفيض النفايات وإعادة استخدامها استعادتها السياسات العامة الحكومية، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، والتمويل الابتكاري، ومخطّطات استعادة التكاليف. ويمكن أن تتّخذ هذه السياسات الخضراء شكل حوافز اقتصادية، والتزامات بمسئوليات المنتج الطويلة الأجل، وأنظمة تعزّز إدارة النفايات الصلبة الخضراء، واستعادة التكاليف. وبالإمكان زيادة فعالية هذه السياسات إلى حدّ كبير بمواصلة حملات التوعية العامة وتثقيف الجمهور والترويج الاجتماعي، علماً بأن الالتزام السياسي والمشاركة الجماهيرية شرطان أساسيان لنجاح هذه السياسات.


فرص استثمارية

تنشّط إدارة النفايات الصلبة البلدية الاقتصاد بشكل مباشر، لأنها بحاجة إلى وفرة في اليد العاملة وإلى استثمارات في آلات ومعدات المناولة والنقل والمعالجة. أما تطوير قطاع إدارة خضراء للنفايات الصلبة البلدية، فإنه يفتح آفاق تنويع الاقتصادات العربية. وهو يساهم في خلق وظائف جديدة وينشّط الطلب على المنتجات والأنظمة والخدمات في قطاعات أخرى، ومنها الزراعة والصناعة والإنشاء وتحويل النفايات إلى طاقة والمعالجة والنقل وتجارة التجزئة والخدمات الفنية.

وإلى تحريك عدّة نشاطات اقتصـادية، توفر إدارة النفايات الصلبة البلدية الخضراء فرصاً استثمارية عظيمة في إعادة التدوير وصناعة الكومبوست وإنتاج الطاقة. كما يمكن تسبيـخ نفايات الأغذية العضوية، التي تشكل 40 إلى 80 في المئة من النفايات البلدية في البلدان العربية، لصنع الكومبوست للاستخدام الزراعي، ولإنتاج الغاز الحيوي لاستخدامه عوضاً عن الوقود الأحفوري. ومع أن محاولات تحويل النفايات إلى منتجات ذات قيمـة أكبر، مع استرداد الطاقة لا تزال في مهدها في العالم العربي، فإنّ إمكانات توسّعها ونجاحها في المستقبل واعدة. ومن هنا تأتي أهمية وضع حوافز لإنتاج الكـومبوست العضـوي أو اسـترداد الطاقة من النفايات الصلبة بهدف جذب الاستثمارات اللازمة

العدد 3380 - الخميس 08 ديسمبر 2011م الموافق 13 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً