العدد 3413 - الثلثاء 10 يناير 2012م الموافق 16 صفر 1433هـ

مواقع العمل... بوابة لقطيعة اجتماعية

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

الرأي العام المحلي ينظر بترقب إلى ما يحدث في الشارع من تطورات سياسية، ويتأثر بها في سلوكه ووعيه وإدراكه بصورة مباشرة على نحو متفاوت، فالمجتمع موزع على قسمين كل واحد يقرأ الحدث بطريقته ويتفاعل معه بأسلوبه الخاص، ويسري هذا التأثير على علاقاته بالآخرين.

اليوم كل الأنظار تتجه إلى الحراك الفعلي ونشاطات الجمعيات السياسية (المعارضة أو القريبة من الخط الرسمي) وردود فعل الدولة تجاهها. وبعد أن كان الشأن السياسي آخر أولويات المواطن البحريني بات شغله الشاغل وهمه الأكبر، لأن كل مناحي حياته تتأثر صعوداً أو هبوطاً بكل ما يجري من أحداث.

وفي غمرة هذا الانشغال الكبير بالسياسة وأهلها، هناك مجتمعات صغيرة متفرقة موزعة على بيئات العمل في القطاعين العام والخاص، لا تحظى بالاهتمام الكافي، والأضواء بعيدة عنها كلياً، وكثيرون في الحياة العامة لا يعلمون ما يدور فيها من تشنجات ومشاحنات خلفتها أحداث فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2011.

ومثلما انقسم المجتمع البحريني إلى تحزبات وشيع وفروع، هناك أيضاً انقسام حاد واحتقان شديد في مواقع العمل، يمثل تحدياً كبيراً للمسئولين، ويقف حائلاً بينهم وبين القدرة على إنجاز الخطط والبرامج في موعدها المحدد، وخصوصاً مع وجود حواجز نفسية وهمية، حركتها أدوات التحريض الطائفي وشبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصال الذكية.

وتوغل مثل هذا الواقع في وزارات وجهات خدمية، سيؤثر بلاشك على المواطنين والمقيمين، فالخدمات المقدمة لن تكون بالجودة المطلوبة ولن ترضي طموحاتهم وتطلعاتهم، باعتبارهم يترقبون دوماً التطوير والتحسين وتذويب البيروقراطية والتعقيدات التي تعرقل إنجاز معاملاتهم وإنجاز طلباتهم في الوقت المناسب.

العمل المؤسسي الجماعي هو الأكثر تأثيراً والأكبر إنتاجاً، وكيف لذلك أن يتحقق والموظفون كل منهم يغني على ليلاه، ويرفض الاحتكاك بزملائه أو الاشتراك معهم في أية مهمة، بل ويضع شروطاً وقيوداً قبل الجلوس معهم أو محادثتهم بشكل مباشر.

تلعب العواطف والنزعة إلى الجماعة والتحمس لمواقفها عاملاً يدفع لتبني سلوكيات لا تتوافق مع الأعراف والأخلاق والمبادئ الإنسانية، ولا حتى مع تعاليم الدين، إذ يقول الله تعالى في كتابه العظيم «وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ» (فصلت: 34).

ما نراه هو على العكس تماماً من المضامين السامية التي تدعو إليها الآية الكريمة، فبدلاً من أن يبحث المتخاصمون في نقاط التلاقي والاجتماع، والاتفاق على كلمة سواء، نلاحظ تصاعد الكراهية والعداوة بشكل غير مسبوق، وإن لم تكن علنية فهي مضمرة في مكنونات النفس.

العلاقات الاجتماعية ما عادت كما كانت، ومن يحدثك يبطن في داخله مشاعر سلبية تجاهك، والظروف تدفعه إلى كتمان هذه المشاعر حتى لا تفجر جراحات مدفونة، ولا تشعل فتيل نزاع قد يحرف عن مواضعه ويحمل أكثر مما يحتمل.

وإن وجد نفسه مدفوعاً للتعامل معك لساعات طويلة، تجده يقابلك بابتسامة وما ان تغادره إلا ويبدأ في التحدث عنك بما تكره، على رغم أنه ليس لكما علاقة بأية صراعات سياسية، ومطالبكما كمواطنين مشتركة ومقبولة ويتفق عليها الجميع، وتنصب بشكل أساسي في تحسين الوضع المعيشي، وتوفير السكن اللائق، والحصول على وظيفة مناسبة دون محاباة أو تمييز، وتحسين الخدمات الصحية وغيرها من المطالب التي تمثل ضرورة ملحة لأي إنسان.

هذه المشتركات بما فيها الانتماء إلى الدين الإسلامي، لم تصمد أمام كل ما يدور من تأجيج لأتون الصراع الطائفي، وتحريض المواطنين على عدم قبول بعضهم البعض، بل تعدت ذلك إلى محاولة انتزاع أي مكسب تحقق للطرف الآخر بأية وسيلة والدفع بهذا الاتجاه بكل قوة.

توتر بيئات العمل يمثل عنصراً من عناصر تعطيل المصالحة الوطنية، وهذه المسألة بحاجة إلى اهتمام كبير ومعالجة جذرية معمقة من المحتمل ألا تظهر نتائجها بصورة فورية، ولكن من الجيد البدء فيها بحماس لا يقل عن الرغبة الصادقة في إصلاح الشرخ الاجتماعي، ففي البيوت تدور أحاديث متشعبة، وفي المقهى تتناقل قصص ومواقف (مع أو ضد)، وفي النادي تطرح آراء مختلفة، وكلها حلقة واحدة تؤدي في نهاية المطاف إلى الشحن وبناء المزيد من الحواجز ونسف كل معاني الود والاحترام والتسامح

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3413 - الثلثاء 10 يناير 2012م الموافق 16 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 7:47 ص

      لا بد من العداله

      بدون اخد الحقوق وتحقيق العداله بيين الناس فلن يحث سلام ووئام بين الناس .

      الظالم طعمه مر ولا يشعر بالمراره الا الذين تجروعوه


      كل من اجرم يجب ان ياخده جزائه

      بالعدل نحي وليس بالمجامله

    • زائر 5 | 6:44 ص

      قهر

      والله نفس الشعور ففي كل ليلة لا استطيع النوم من كثرة التفكير في الدوام وماذا سنرى من مكائد تجهز لنا في اليوم الثاني وانتظر يوم الخميس بفارغ الصبر وصرت احب الورش والدورات لأنها تنقلني لخارج السجن (المدرسة )الذي وضعت فيه فالمديرة لا ترحم ولا تشكر منذ وطئت رجلي لهذه المدرسة يامنتقم

    • زائر 3 | 2:45 ص

      بعد رجوعي للعمل

      تتعمد مديرة إحدى إدارات وزارة التربية و لإقصائي عن تحمل المسئوليات الوظيفية.
      تم منعي من حضور اجتماعات القسم، والتعامل مع الموظفين.
      أتخاف على الوشاة، وتخاف على مشاعرهم؟؟؟ أم مازال الغل والحقد يملأ قلوبهم؟؟؟؟؟
      أم خوفا من رجوع الجدية والهمة المغيبة لعدة أشهر؟؟؟؟؟
      ألا تستحون من الله؟ إن كنتم بهذا الحال في الدنيا...ألا تخافون لقيا الله؟ وبأي وجه تلقونه؟ وأي عذر لديكم؟

    • زائر 1 | 12:01 ص

      الجرح النازف

      صباح الخير....كل ليله عند ذهابي الى النوم احس قلبي مقبوظ لاني بداوم واحس بكسل وحزن بسبب النفوس المريضه الي نشوفها ناس عشنا معاهم سنين نشوف الحقد في عيونهم الله المستعان.الله يهدي الجميع.

اقرأ ايضاً