العدد 3424 - السبت 21 يناير 2012م الموافق 27 صفر 1433هـ

«بيوت»... وراءها فقر يستنطق الحجر

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

مشروع البيوت الآيلة للسقوط هو مشروع إنساني بامتياز، يمس الشريحة المعدمة من أبناء هذا الوطن، والتي تعاني من الفقر والحاجة وتردي المستوى المعيشي، ولا تسعفها مساعدات الدولة أو الجمعيات الخيرية، ومتطلبات الحياة والغلاء ليست سوى حجر عثرة تحول بينها والعيش بكرامة.

وما يجعل هذا الفقر المأسوف عليه أشد قسوة على أبناء البحرين المتعففين، هو تصدعات جدران بيوتهم البالية التي تتسرب من سقفها مياه الأمطار، وتتناثر حصياتها على رؤوسهم، فيما تهددهم التمديدات الكهربائية المهترئة وأحياناً المكشوفة بالموت إن مستها المياه، فلا يرف لهم جفن ولا يهدأ لهم بال، ويتوقعون الأسوأ في كل حين.

وفي هذه البيوت المتهالكة يقيم في الغالب الأعم عدد كبير من الأسر الممتدة، في ظل واقع إسكاني ينبئ بمزيد من الانتظار لعقود طويلة من الزمن ريثما تلبى الطلبات الإسكانية التي أصبح عددها يقارع الـ 50 ألف طلب في نطاق رقعة جغرافية صغيرة، والرقم قابل للتضخم سنوياً، حتى أن وزارة الإسكان باتت تفكر ملياً في تسويق البناء العمودي والشقق النموذجية كخيار وحيد لمواجهة مشكلة شح الأراضي.

من هنا جاءت فكرة مشروع البيوت الآيلة للسقوط الذي تبناها عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، لتوفير السكن الملائم للفقراء ومحدودي الدخل، والذين يواجهون تهديداً حقيقياً لسلامتهم في بيوتهم القديمة.

وكانت الشرارة الأولى للمشروع اشتعلت من محافظة المحرق مع بداية انطلاقة عمل المجالس البلدية في العام 2002، حين انهار أحد المنازل الآيلة للسقوط وكاد يودي بحياة من فيه، وأسندت المهمة إلى وزارة الأشغال والإسكان (آنذاك) لإخلاء البيوت المشابهة، وتوفير مسكن مؤقت للقاطنين فيها، والبدء فوراً بهدمها وإعادة بنائها وتسليمها لمستحقيها.

ونتيجة لتعثر الإنجاز في بعض المراحل، تم نقل الملف محملاً بالإرث الثقيل إلى وزارة شئون البلديات والزراعة (في ذلك الوقت)، إذ تم وضع آلية بالتنسيق مع المجالس البلدية لتلقي الطلبات وحصرها ودراستها من الناحية الفنية والهندسية، ومن ثم تحويلها إلى الوزارة وفق شروط محددة للدخل وعدم امتلاك عقار آخر وتوفر شهادة الملكية، تمهيداً للبدء في الإخلاء وتوفير بدل سكن لأصحاب تلك البيوت.

وفي مرحلة لاحقة أيضاً، نقلت مهمة الإشراف على مشروع البيوت الآيلة للسقوط إلى المؤسسة الخيرية الملكية، بالتنسيق مع وزارة شئون البلديات والتخطيط العمراني، بعد أن واجهت المشروع صعوبات مادية وشح في الموازنة المخصصة له.

ونظراً لتضخم أعداد الطلبات، وعدم وجود موازنة كافية للإخلاء، تأخر إخراج الكثير من الأسر، وهناك بيوت هدمت ولم يتم البدء فيها للأسباب ذاتها.

واليوم أصبح المشروع في عهدة وزارة الإسكان مرة أخرى، بعد أن قررت الحكومة صرف قروض شخصية للمواطنين المقيمين في هذه البيوت من بنك الإسكان، بدلاً من المنح المالية التي كانت تخصصها لهم سابقاً.

نتفهم أن الموازنة العامة تواجه عجزاً يتصاعد سنوياً، ولكن الدولة معنية بتوفير السكن الملائم لمواطنيها بحسب ما يقتضيه الدستور الذي ينص في مادته التاسعة (و) على أن «تعمل الدولة على توفير السكن لذوي الدخل المحدود للمواطنين».

وأكثر هذه البيوت منتشرة في القرى والمناطق القديمة التي يعاني أهلها أساساً من نقص الخدمات وتردي البنية التحتية على مستوى الشوارع والصرف الصحي والإنارة وغيرها، وبالكاد يستطيعون توفير قوت يومهم وسد النواقص الضرورية الملحة، ومن ضمنهم أرامل ومطلقات ومتقاعدون.

وبالتالي فإنه من الصعب على هذه الشريحة الالتزام بسداد قرض يصل إلى 30 أو 40 ألف دينار على مدى 25 عاماً، فهم في مرحلة تتطلب دعماً اجتماعياً ومادياً مستعجلاً من الدولة لكي ينهضوا بمستواهم المعيشي، لا أن يحملوا ثقلاً أكبر من الهم الجاثم على صدورهم طوال سنوات الانتظار الماضية، والتي كانوا خلالها يتطلعون إلى يد تمد إليهم فتعيد البسمة على شفاههم وتمسح عن جبينهم عناء ومشاق الحياة القاسية.

وإن كانت هناك مخاوف من بيع هذه البيوت بعد إنشائها أو تأجيرها على الغير، فمن الممكن إبرام عقود تنص على عدم التصرف فيها إلا بعد مرور فترة زمنية محددة، أسوة بما هو معمول به في الوحدات التي تسلمها وزارة الإسكان إلى المواطنين، بشرط أن تبنى مجاناً ويراعى فيها توافر العدد الكافي من الغرف بما يكفل الوفاء باحتياجات كل أسرة، فكرامة الإنسان وراحته يجب أن تتصدر كل الخطط والأولويات والبرامج التي تعمل عليها الدولة

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3424 - السبت 21 يناير 2012م الموافق 27 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 10:20 ص

      دهن عود

      ولد الصفار كثيرا ما نستذكر الماضي من خلال الحجر وكيف انه تحمل شدة البرد و حرارة الصيف لكي يحمينا ، اليوم نسمع عن الفساد و قد وصل على لسان النائب/ عبدالحليم مراد انه حتى من يقوم في بناء البيوت الايله للسقوط قد نخر فيها الفساد اي دريعة تلك التي تستخدمها يا انسان لكي تسرق من يحتاج الى تلك البيوت ؟ الفكرة هي فكرة مشروع البيوت الآيلة للسقوط الذي تبناها عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، لتوفير السكن الملائم للفقراء ومحدودي الدخل، والذين يواجهون تهديداً حقيقياً لسلامتهم في بيوتهم القديمة.

    • زائر 5 | 6:45 ص

      بيوت وراءها فقر يستنطق الحجر

      وقلوب تحمل الخير لكل البشر
      الله يكثر من امثالك ويسخر قلمك الرائع لنصرة المستضعفين

    • زائر 4 | 6:45 ص

      بيوت وراءها فقر يستنطق الحجر

      وقلوب تحمل الخير لكل البشر
      الله يكثر من امثالك ويسخر قلمك الرائع لنصرة المستضعفين

    • زائر 3 | 2:52 ص

      يا النسيب يا الغالي يابن الصفار

      احدثك للتو جيت من الاسكان بزفهم لي خبر رفض طلبي واسرتي المكونة من 6افراد بالرفض القاطع لبيت الاسكان بعد تسويف ومماطلة منهم تم الرفض والغير قابل للطعن وبيت والدتى متهالك ومسجلينه ضمن المندثرة تاريخيا بالسقوط من 2004 وعمك اصمخ اقولها لكم ايها الاحبة اودعكم آملا ابراء ذمتى لاننى لااستطيع العيش فى بلدي غريب مع مواطن جديد يهنأ بحياة وانا المعدم المتعلم الحاصل على شهادة الدكتوراه سأرحل من أين أتيت ولا لي رغبة مطلقا على البقاء فى بلدي غريب

    • زائر 2 | 2:25 ص

      لا فقر كالجهل

      و أيُ جهل هو ذلك المُبتلى به البعض؟!!

    • زائر 1 | 12:33 ص

      يولد الصفار هذي شغله قديمه

      ترى يولدي الحجر نطق من زمان وكلامه غايه في الوضوح والبلاغه ولايحتاج لتفسير المشكله لم يجد الاذان الصاغيه وابلغ ما سمعت من كلام الحجر ساس مسجد هدم في سلماباد حجر الاساس كان حجر بحري يعنى كان بنائه الاول قبل ان يستعمل الحصى البري وقبل الرديمكس يعني الحجر ايقول ان عمر هذا المسجد فاق المائه سنه وهو تاريخ دخول اللواري البحرين وقص الحجر البري الجماعه ماقدرو يفهمون كلام هذا الحجر وعجزو عن فك شفراته الفقر يولدي يعرف نفسه بنفسه وبعدين مثل عند اجدادك ايقول مبروك خل عمك يكسيك قال عمي مو اعمى يشوفني عاري

اقرأ ايضاً