العدد 3449 - الأربعاء 15 فبراير 2012م الموافق 23 ربيع الاول 1433هـ

من المسئول عن وضعنا الاقتصادي؟ (2)

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد التطرق في المقال السابق (الخميس الماضي) للأسباب الرئيسية لضعف السوق والحركة الاقتصادية مقارنة بمدينة دبي، سنسلط الضوء على الإجراءات المطلوبة، لتخطي ضعفنا الاقتصادي وزيادة دخل الفرد من جهة ودخل الدولة من جهة أخرى.

هناك خطوات كثيرة تمكننا من اللحاق بقطار التطور الاقتصادي لو حسنت النوايا وفصلنا أفقنا التجاري بعيداً عن السياسي، وذلك باتخاذ إجراءات تصب في سياسة سريان الحركة الاقتصادية وانفتاح السوق.

من المفروض أن لا نقف عائقاً ضد فتح البلد للمستثمرين والتجار لأسباب سياسية أو إيديولوجيات عقيمة كما هو حاصل الآن، حتى وصل بنا الأمر أن نتدخل في شئون شركات الطيران والملاحة البحرية لبعض البلدان، فعلى سبيل المثال إغلاق خطوط شركات الطيران إلى كل من إيران ولبنان والعراق لأسباب سياسية ونعرضها للخسارة، بعد أن كانت خطوطاً مربحة، كما أنها تشكل حركة تجارية كبيرة فيما يخص المبادلات التجارية والتجارة البينية.

من الغرابة أن البلدان التي لها مشاكل حدودية مع بعضها - مثل إيران ودبي - لم توقف حركتها التجارية منها وإليها، وشركات طيران تلك البلدان (إيران ولبنان والعراق) تحط في بلدان لها معها مشاكل وقضايا معلقة كالسعودية وإيران أو إيران ودبي أيضاً. فالمشكلة لدينا تداخل الشئون السياسية بالتجارية والاقتصادية والبنكية والمجتمعية والسياحية، في حين تلك البلدان تفصل القضايا السياسية عن الشئون الاقتصادية والتجارية، وهذا ما جعل دبي تنطلق إلى عنان السماء فيما يخص الحركة الاقتصادية والتجارية، في حين رجعنا إلى أسفل سافلين، علماً بأننا كنا السباقين في خدمة الحركة التجارية عن جميع دول الخليج.

بالرجوع إلى صلب الموضوع، هناك ثلاث خطوات يجب اتباعها. المرحلة الأولى: العمل على فك القيود عن الشئون التجارية والاقتصادية وفصل الشئون السياسية عن التجارية كما تفعل دبي، والسماح للمستثمرين الأجانب ذوي السيولة الضخمة بفتح فروع لشركاتهم لاستقطاب العمالة البحرينية والتخلص من مشاكل البطالة من جهة، وزيارة الوفود السياحية والأجنبية من جهة أخرى عندما تتوافر جميع الإمكانات وحاجيات زائري البلد.

المرحلة الثانية: العمل على إعادة ضخ استثمارات البلد الخارجية في البحرين، لإنعاش حركة السوق، فالاستثمارات الخارجية لا تنفع البلد والمواطنين، بل يستفيد منها قلة بسيطة، ومن المحتمل فقدانها لأسباب سياسية، ولنتعلم الدروس من استثمارات ليبيا بالخارج وماذا حصل لها. أيضاً عندما نستثمر أموالنا في ديرتنا ندفع المواطن للتقدم، ونعمل على استقرار البلد حينما يحصل المواطن وظيفة تقيه حاجة العوز والفقر الذي يتسبب في أزمات ومحن وفقر، التي تستتبع الاحتجاجات وثورات الجياع، وكما يقول الإمام علي (ع) « الجوع كافر»، و«لو كان الفقر رجلاً لقتلته».

أما المرحلة الثالثة والأخيرة: فتح الاستثمارات والمشروعات التجارية الضخمة للمواطنين لتحريك السوق المتجمدة، وذلك بضخ أموال للاستثمارات الداخلية وتشجيع المواطنين على إدارتها ودعمهم مادياً ومعنوياً وإعطائهم حلقات تعليمية وإرشادات تثقيفية في كيفية إدارة المشاريع. ويعطى المستثمر المحلي شروطاً ميسرة، تمنحه الفرصة لنجاح المشروع وجني ثماره وفقاً لاتفاقية محكمة بين الدولة والمواطن كما تفعل دولة الإمارات العربية المتحدة.

فإن لم تكن سيولة متوافرة، فيجب الإسراع في تبني هذا المشروع (إشراك المواطن في الاستثمارات الداخلية)، من قبل السلطة التشريعية عبر اقتراح بقانون تخصص موازنته من عوائد النفط الذي يجري بين أرجلنا ولا نرى عوائده تضخ في البلد.

ومع أننا نشدد على أهمية مشروع استقطاع نسبة من عوائد النفط للأجيال المقبلة، إلا أنه لا يجوز استغفال هذه الأجيال كأولوية قصوى، بسبب ما نشهده من تردي حالة نيل لقمة العيش واتساع رقعة الفقر، فالإسراع في احتواء حالة العوز وتقليص نسبة الفقر يجب أن تكون أولوية، ولهذا نطالب بتبني هذا الاقتراح المهم بالتوازي مع مشروع الأجيال المقبلة.

الأمر يتطلب من الحكومة أيضاً ضخ بعض المساعدات لأصحاب المشاريع المحلية القائمة، حتى لا نخسر ما بنيناه على مدى عقود، فبعض هذه المشاريع في مأزق والآخر على حافة الانهيار والإفلاس بسبب هذه الأزمة التي تعصف بالبلاد.

إن لم تقم الحكومة بمساندة هذه المشاريع سنلحظ إفلاساً سوقياً وحركة تجارية منهارة يصعب انتشالها إن تسرطن المرض بداخلها، فهناك كثير من الشركات والمحلات التجارية تراكمت عليها الديون، ولم تستطع تغطية إيجارات محلاتها ورواتب موظفيها. فلنطالب الغرفة التجارية بالوقوف مع أعضائها في هذه المحنة العصيبة وعدم الاقتصار على ما تدفعه لهم من مبلغ لا يتعدى 3000 دينار الذي لا يغطي نفقات الإيجار لأشهر معدودة. والله من وراء القصد

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3449 - الأربعاء 15 فبراير 2012م الموافق 23 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 12:01 م

      لقد أصبت يا دكتور

      فصل الشؤون السياسية عن الشؤون الاقتصادية كفيلة بانعاش الاقتصاد وجعله يرجع الى مساره الصحيح .. هناك الكثير من الشركات والمشاريع المتعثرة التي تتحمل تبعات سياسات خاطئة .

    • زائر 6 | 6:31 ص

      غريب الوضع

      انا في اعتقادي ان الاقتصاد كان متردي اصلا انما اصبح الان جليا لان الحكومة هي التي تعاني
      لااعرف ماقيمة ان يرتفع الاقتصاد والبطالة تزير اسعار الاراضين تزيد ولااحد من وزارة العمل يراقب اصبحت الشركات هندية وابن الوطن عالق في درجات سفله وانا في اعتقادي ان على جلالة الملك تغير من تحته كلهم او اغلبهم فلملك يقرر وهناك من يجمد

    • زائر 4 | 2:11 ص

      أغلقت مكاني وسأغلق الاخر

      لا سيوله عند الناس ، والبيع بشتى أنواعه مع الاسف الشديد دون المستوى ، أغلقت محل الصباغة ولا عمل ل في البراد ولا في المغسلة . اليجارات نزلت بشكل لا يصدق .
      الناس تريد أن تأكل فقط ولا مجال عندها للصباغة والتجميل والمطاعم والمنتزهات ...فكيف بالذهب

    • زائر 3 | 12:19 ص

      اخي زائر رقم (1)

      قبل أيام إشتكى تجار الذهب من الوضع شبه الميت في السوق وعدم الإقبال على أدنى تعامل فيه. أحد أصدقائي من تجار الذهب بدى واضحا وصريحا عندما قال لا أعرف من ألوم تجاه ما نخسره بشكل يومي فكلها مصاريف من غير مداخيل وإذا استمر الحال لفترة ليست بعيدة فبالفعل سنغلق محلاتنا ونسرح العمال بما تبقى لدينا من خردة . نلوم الناس بماذا ؟ الناس تريد أن تأكل على أقل تقدير بما يتيسر لديهم المهم قوت الأسرة ، أما الذهب وباقي الأمور الكماليه فلا وجود لها في التعامل في الوقت الراهن.

    • زائر 2 | 11:52 م

      ينظرون لمصلحتهم فقط لا مصلحة البحرين

      من يستثمر فلوس البلد خارجها فهو لا يعي بالخواطر التي ستجري عليها كما حصل لليبيا وتونس. نشد على اقتراحكم بارجاع استثماراتنا للداخل لانعاش الاقتصاد.

      ستراوي

    • زائر 1 | 11:22 م

      استاذ احمد برغم مؤشرات الاقتصاد اللي دائما مرتفعه الاقتصاد يحتضر

      استاذ البرادات والبقالات المتناثره في قرى البحرين تعد الاف ماذا حصل لها تعيش ليس ركود فقط وانما موت سريري واضح تجار التجزئه يوكدون بان بزنس مافيه هولاء البقالات اعتمادهم الكلي على العائلات القاطنه في نفس المنطقه واعسار المواطنين عن دفع فواتير مشترايتهم شهريا اما لفصلهم من اعمالهم او فصل اقربائهم الذي فرض عليهم اقتسام ارزاقهم معهم جعل من الصعب عليهم تسديد الفواتير مما افقد السوق القوه الشرائيه اصحاب البقالات فشلوا في سداد فواتير شركات الاستيراد وبدورها فشلت في تسديد فواتير الاستيراد..ديهي حر

اقرأ ايضاً