العدد 3452 - السبت 18 فبراير 2012م الموافق 26 ربيع الاول 1433هـ

السكن في شرفات الوهم

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

أفصحت آخر إحصاءات وزارة الإسكان عن وجود 9847 طلباً للوحدات السكنية لأهالي مدينة عيسى والرفاعين الشرقي والغربي منذ العام 1993 حتى 2012، من بينها 98 طلباً قديماً يعود إلى 1993 في مدينة عيسى و20 في الرفاع الشرقي و21 في الرفاع الغربي.

هذه الطلبات القديمة مضى عليها 19 عاماً من الزمن، وإذا افترضنا جدلاً أن أصحابها حين تقدموا بطلباتهم في 1993 كانوا في سن العشرين عاماً، فذلك يعني أنهم الآن في التاسعة والثلاثين وعلى مشارف العقد الرابع، وأبناؤهم الصبية في المرحلة الجامعية وعلى وشك التخرج، وبعد سنوات بسيطة سيؤسسون أسراً جديدة لا يوجد لها متسع في المسكن الحالي الذي ربما يكون شقة مؤجرة أو مساحة بسيطة في بيت الجد، فهل هذا الوضع يليق بكرامة مواطن ينشد الاستقرار الأسري والنفسي؟

الأرقام المذكورة تخص ثلاثة مناطق من رقعتنا الجغرافية الصغيرة، فكم سيبلغ العدد إذا ما تم حصر الطلبات القديمة في مختلف محافظات البحرين؟!

من حق المواطن أن يبدي سخطه واستياءه حين يرى المهرجانات والاحتفالات الرسمية التي تخصص لها ملايين الدنانير ولا تستغرق سوى بضع ساعات، تنفذ بسرعة البرق، بينما كل أحلامه وطموحاته بالحصول على مسكن لائق تتحطم على صخرة الواقع المشبع بالمرارة والأسى.

ومن حقه أن يستغرب وهو يسمع عن جلب مستشارين من الخارج وصرف رواتب تصل إلى 10 آلاف دينار شهرياً أو أكثر لهم، نظير تقديم ملاحظات وأفكار تجاه هذا المشروع أو ذاك، بينما بلد مثل البحرين ينجب العقول والخبرات ويصدرها للغرب.

ولا عتب عليه إن لجأ إلى الوسائل السلمية المتاحة دستورياً للتعبير عن رأيه وبيان امتعاضه من المماطلة في تلبية طلبه وتركه أمام خيار مفتوح للقبول بالسكن في شقة أخرى لما تبقى من عمره.

الكثير من الاعتصامات حصلت طوال السنوات الماضية أمام مبنى وزارة الإسكان، ولكن لم يتغير حال أفرادها، وكثيرة هي البيوت الجاهزة التي التزم المواطنون الجلوس عند عتبات أبوابها، رافضين مبارحتها إلى حين حصولهم على حقهم فيها.

وكل ردات الفعل هذه ناجمة عن شعور عميق بالإحباط من الوعود المتكررة بمعالجة المشكلة الإسكانية، إذ لا يجد المرء أمامه من خيارات تحت ضغط الظروف الاجتماعية الصعبة، والالتزامات المادية الثقيلة، إلا الخروج عن دائرة الصمت وإطلاق البركان الذي يغلي في داخله.

وما أدى إلى تعقيد المشكلة، هو إفساح المجال لتملك الخليجيين للعقارات في البحرين، وفتح الأبواب على مصراعيها أمام المضاربات والتلاعب في الأسعار، حتى أصبح المواطن في قعر القدرة الشرائية، أمام ارتفاع مستوى دخل نظرائه في الدول المجاورة.

ومع مبلغ الستين ألف دينار الذي يخصصه بنك الإسكان لطلبات الشراء، يكون بناء أو ابتياع منزل العمر ضرباً من الخيال، فالمبلغ لا يمكنه توفير ربع منزل، وبالكاد يغطي كلفة أرض صغيرة قد تبقى بوراً لعقود، يتحسر عليها صاحبها وهو يراها رمالاً تذروها الرياح ولا يمكنه جمع شتاته بين أعمدة وجدران.

في خزانة أرشيف الصحف ملفات متكدسة لتصريحات ووعود رسمية تؤكد البدء قريباً في مشروع المدينة الشمالية بعد دفن جزرها وتحديد الشارع المؤدي لها، وهناك لجنة تحقيق برلمانية شكلت في وقت سابق للتقصي والبحث في أسباب تعطيل هذا المشروع، وكلها انتهت إلى لا شيء، بل تبين في وقت لاحق أن بعض الجزر وزعت هنا وهناك لإقامة مشروعات استثمارية خاصة.

كل هذه المثبطات دفعت الناس إلى عدم القبول بأي وعود جديدة أو تصديق أي حديث يتعلق بهذا المشروع أو غيره، إلا حين يرون بأعينهم أن العمل بدأ فعلياً والأساسات أخذت في الارتفاع، إذ أنهكم التعب والإعياء من شدة التفكير في حلول تقضي على مشكلتهم المعقدة.

في إجابات طويلة على أسئلة وجهها عدد من النواب، تطرق وزراء تعاقبوا على وزارة الإسكان، عن التعاون مع القطاع الخاص للقضاء على الطلبات الإسكانية التي فاق عددها الخمسين ألف طلب، بحلول العام 2014 أو 2015، والأيام تنطوي سريعاً وليس هناك من تطبيق عملي لهذه الرؤية، ولا يوجد تصور عما انتهى إليه هذا التعاون، والدليل أن الزيارات متواصلة إلى دول آسيوية وأوروبية للاطلاع على تجربتها الإسكانية وبحث عقد اتفاقات شراكة معها، ما يعني بجلاء أن خيار التعاون مع القطاع الخاص لم يتم، لأسباب كثيرة ليس أقلها تغير طبيعة الأملاك العامة وتسوير الكثير منها وندرة المواقع التي تستوعب الامتداد الأفقي. والخلاصة أن الأزمة الإسكانية تسير باتجاه المزيد من التعقيد

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3452 - السبت 18 فبراير 2012م الموافق 26 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 10:40 ص

      الحلم المتعب

      لك كل الشكر وسلمت يداك لطرحك المواضيع التي يعاني منها كل من له حلم لكل انسان حلم ان يدرس ويعمل ويتزوج ويكون عائله وان يكون له عش ولكن حلم العش بات صعب فهل سيكون لهذا الحلم تحقيق؟ لقد ذكرتني بابنتي عندما كانت في سن الخامسه كانت تردد كلمات سمعتها من مسرحيه محليه كان الممثل يتكلم عن السكن وردد كلمات وقد حفظتها ابنتي وضلت ترددها ولكن لا تعرف معناها وهي ( من سنين وانا عايش في خرابه من سنين وانا ادفع في اجاره موت ياحمار واعدريني ياحماره ) وكانت ترددها ببرائه والان بعد ان صار عمرها

    • زائر 4 | 3:16 ص

      مقال جميل

      اعتقد سننتظر قرنا من الزمان حتى نسكن في قرقور حكومي ...


      مقال جميل ... سلمت وسلم قلمك ...

    • زائر 3 | 12:33 ص

      البيت حق الاولاد

      اعتقد عندما يطلب الشاب بيت العمر من الاسكان يجب ان يفهم بانه يطلب البيت لابنه عندما يكبر وليس له بس المشكله ان البيت حق ولد من اولاده واذا كان عنده اكثر من ولد راحت عليهم يعني لازم نمشي في نظام تحديد النسل وتحديد النسل..... مو جنه دخلنه في موضوع ثاني....
      ابو أحمد

    • زائر 2 | 12:00 ص

      صح يا ابو محمد

      الوضع فعلاً خطير وهناك طلبات منذ أكثر من 20 عاماً متراكمة,,
      ماذا عسى ان يفعل المواطن طيلة 20 عاما من الانتظار,,

    • زائر 1 | 11:18 م

      متى بيطلع لنا بيت

      يا وزير الاسكان راسنا انترس شيب ولا طلع لنا بيت هل تنتظر نموت حتى تعطينا بيت حرام عليكم ما بقى في العمر كثر ما مضى عطونا بيوت وفكونا

اقرأ ايضاً