وقفنا في مقال سابق مع حقوق الحمير في البحرين زمن (طيب الذكر)، كما يصفه بعض كبار السن، وهو الصاحب الإنجليزي (تشارلز بلغريف) في جوانب من مذكراته وأعماله حول حفظ حقوق الحمير في هذه البلاد! إلا أن هناك قوانين مدنية وضعت قبل زمن (بلغريف) وجاءت بين زمنه وزمن زميله الذي سبقه ويعرفه معظم أهل زمان في البحرين ألا وهو الميجور (ديلى)؛ أفردت في حزمة منها للحيوانات في البحرين، بين كلاب وحمير وطيور، عناية خاصة تصل إلى حد عقاب البشر على عدم تنفيذها لصالح تلك الحيوانات. إلا أنه كان بها قائمة من الممنوعات تشمل حتى المنع من ممارسة الرياضة إلا بإذن ودفع الرسوم للبلدية أو السباحة في البرك وبالذات مياه عين عذاري بالنسبة للنساء تحديدا.
فمن المعروف أن إنشاء البلديات في البحرين سبق التعليم النظامي الأهلي- الحكومي الذي بدأ بعام 1919 وبعدها جاءت الإدارات المختلفة بعد إنشاء بلدية المنامة في شهر يوليو/ تموز من ذلك العام وتعتبر الأولى من نوعها في منطقة الخليج والثالثة على مستوى الوطن العربي ثم تبعها الانتخابات البلدية. والبحرين أيضاً كانت سباقة في هذا المجال الديمقراطي الذي بدأ قبل قرن من الزمان والذي مازال يزعج الكثيرين من أنصار القرون الوسطى.
وبعد إنشاء بلدية المنامة صدر قانونها الأساسي العام 1920 بهذه المقدمة: «أما بعد فإن هذا الكتاب قد دونت فيه القوانين الأساسية والأنظمة الإجرائية المسنونة (وليس الصادرة) من قبل إدارة بلدية المنامة المؤقرة (وليس الموقرة) بعد تصديق مجلسها الموقر عليها بموافقة حكومة البحرين الجليلة لينشر بين ظهراني الجمهور في المنامة حتى لا يغرب عن بال أحد منه شيء من قوانينها وأنظمتها». ولكن ما يلفت النظر في تلك القوانين هو الفصلان الثالث الخاص بقانون عقوبات البلدية، والرابع الخاص بقانون البوليس والشرطة. وكعادة الوضع هنا فلم يُكتب مخالفات البلدية بل عقوبات لمن يخالف مجرد قانون البلدية مع أنها في نهاية الأمر وجدت من أجل السلم الأهلي وليس العنف.
وبذلك، بعد صدور هذا القانون دخل في قاموس أهل البحرين مصطلح «ممنوعات بحرينية» بعضها كان محقاً وحضارياً جداً وبعضها مضحك والبعض الآخر استغربه الناس آنذاك مثل:
- لا يجوز سير السيارات داخل حدود البلدية زيادة على عشرة أميال في الساعة بخارج المدينة وبخمسة أميال في داخلها.
- ممنوع سير السيارات ليلاً بعد الساعة الخامسة إلا لأمر ضروري وذلك بعد اطلاع رئيس الحرس أو البوليس. وعلى صاحب السيارة الوقوف حالاً حين نداء رجال الدرك أو الشرطة إليه!
- ممنوع دخول سيارات الاجار بفرقان القضيبية (ولا نعلم لماذا؟) إلا لأمر ضروري بعد اخذ الإجازة من البلدية أو البوليس إلا السيارات الخصوصية فلا بأس من دخولها بدون إجازة.
- ممنوع جلب وبيع الأفيون والحشيش وجميع المخدرات كالخمر وغيرها.
- ممنوع لعب القمار في البيوت والقهاوي والشوارع والطرق.
- ممنوع بكل شدة تجاهر النسوة الفاسدات جهراً على الأبواب والأزقة وكل من تكون ذلك تطرد بواسطة الحكومة من البلدة إذا هي أجنبية وأما الوطنية فتعاقب بواسطة الحكومة أيضا. (فعلاً يجب الترحم على تلك الأيام لما تشاهده اليوم من تجارة الرقيق الأبيض في بعض المواقع السياحية، كما يطلق عليها، علناً ودونما عقاب).
- ممنوع ضرب الطبول وآلات الملاهي على اختلاف أنواعها من بعد الساعة الرابعة من الليل إلا الذين لهم مأذونية من إدارة البلدية للعرس أو النذر أو شيء.
- ممنوع بكل شدة ضرب (الطنبورة) وإقامة حفلات الزار ليلا أم نهارا والمتعمد لفعل ذلك يعاقب بأشد العقوبات الصارمة.
-لا يجوز تصييح الفونوغراف إلا بعد الساعة الخامسة عربي من الليل في فصول الصيف، وأما في الشتاء فيجوز تصييحها على حسب رغبة صاحب البيت إن شاء شطراً من الليل أو الليل كله.
- ممنوع على أصحاب القهاوي سواء في السوق أو في البلدة استعمال الفونوغراف أو ضرب الطبل أو أي آلة من آلات الغناء أو الغناء نفسه، فالذي يتعمد ذلك ستوصد قهوته بواسطة البوليس!
- لا يجوز للنساء أن يذهبن إلى المياه الخارجية إلا في الأسبوع مرتين وذلك يوم الجمعة والاثنين، وممنوع ذهابهن بتاتاً إلى عذاري ولا بأس من ذهابهن إلى سابها كما لا يجوز للرجال الذهاب للمياه في اليومين المذكورين أعلاه ما عدا عين عذاري.
- ممنوع دخول الحيوانات على اختلافها والتغوط في عموم المقابر.
- يحظر على عموم الخبازين صنع الخبز بواسطة الصودة ولا يجوز لهم صنع الخبز إلا بمقياس كل (16) رغيفاً عن ربعة واحدة.
- يتم القبض على كل خباز يستعمل الأوعية غير صالحة لماء الخبز أو العجين!
- لا يجوز للخبازين صنع الخبز طيلة شهر رمضان قبل الساعة الثامنة عربي من النهار.
- ممنوع على أصحاب المطاعم والقهاوي إطعام المصابين بالأمراض المعدية.
ومربط الفرس ما كان هذا القانون من حقوق للحيوان في البحرين ضد تصرف البشر لم يكن أي حمار أو كلب في أي مكان في العالم يتصور أنها ستوضع ذات يوم لصالحه إلا في البحرين وتكون بلديتها هي من ستدافع بقوانينها عنهم، ومنها:
- لا يجوز لأي فرد أن يخبئ كلباً ما لم يأخذ له رخصة من إدارة البلدية بعد دفع الرسم عنه في كل سنة خمس روبيات ووضع النمرة عليه!
- للبلدية الحق بقتل كل كلب لم يدفع عنه الرسم ولم تكن عليه النمرة وذلك بعد إخطار صاحبه لمدة لا تقل عن سبعة أيام.
- لا يجوز إخفاء الحيوانات الضالة أم الشاردة، وأن البلدية لن تدفع الحيوان الشارد أم الضال لصاحبه إلا بعد أخذ الرسم عن الحيوان الضال 8 آنة. وأن البلدية غير ممكن أن تبقي بحيوان لديها أزيد من شهر واحد وبنهايته لها الحق في بيعه بعد نشر إعلان عنه.
- ممنوع ركوب الحمير وغيرها في داخل الأسواق، كما أنه ممنوع نقل الحجارة والجص على الدواب بدون مراحل (جمع مرحلة) أو عدول. ويمنع تحميل الدواب كالحمير وغيرها زيادة على طاقتها. وللبلدية الحق في قبض كل حيوان تراه غير صالح لحمل الأثقال أو محملاً ما يزيد من (على) طاقته.
- ممنوع تشغيل الحيوانات الضعيفة المصابة بالقرح.
- ممنوع أذية جميع الحيوانات على اختلاف أصنافها من ذات الرجلين أو الأربع.
كذلك كان للآداب العامة قوانينها في البحرين القديمة وهي متطورة على ما هو متوافر حالياً ومنها: لا يجوز بيع الحليب ممزوجاً بالماء. ولا يجوز لأحد ما كشف عورته حين دخوله البحر أو عند غسوله في العيون الخارجية أو على الآبار الارتوازية. كما وأنه ممنوع الرقص وكل ما يخالف الآداب في الشوارع والطرق.
فلماذا لم يتبقَ من تلك القوانين الحضارية في بحرين اليوم إلا الممنوع في الحريات الفردية والسياسية فقط؟
إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"العدد 3454 - الإثنين 20 فبراير 2012م الموافق 28 ربيع الاول 1433هـ
الحق يقال
بلجريف رجل متعدد المواهب وخصوصا في الأدارة المحليه لدا فاني اسميه رائد ومؤسس اساسيات الأداره الحديثه في البحرين .يجب اغادة تسمية احد الشوارع باسمة انصاقا له حتي ولم تغجبنا بعض توجهاته انداك. وشكرا لك ياسيدي.
اذا عرف السبب بطل العجب
اولا من اقترح هذه التشريعات والقوانين ، اذا عرفت ذلك بطل العجب والعجاب ؟
رب ارجعوني,.,.
لأن الحريات ستخلق ممنوعات عكسية! !??