في 28 فبراير/شباط 2012، أغلق مؤشر داو جونز الصناعي فوق مستوى 13,000 نقطة للمرة الأولى منذ شهر ديسمبر/كانون الأول 2007، وبالنظر إلى حجم النقاش الهائل عن الأزمات المالية حول العالم، فمن الطبيعي أن يتساءل أحدنا كيف حدث ذلك؟
توجد ثلاثة أسباب رئيسة وسببان ثانويان وراء ذلك الصعود اللافت:
1 - الرغبة الملحة لدى صانعي القرار السياسي، وبدرجة مبالغ فيها، بتأمين التمويل منخفض الكلفة ولو كان ذلك بصورة مصطنعة.
2 إجراءات التيسير الكمي؛ فقد نجح إعلان جاكسون هول العام 2009 بشأن التيسير الكمي في رفع مؤشر داو جونز من 9,500 إلى 12,800 نقطة أواخر الربيع الماضي، ثم شهدت السوق تراجعاً مع بيع كبير للأسهم خلال أزمة ديون بلدان الاتحاد الأوروبي. لكن المفاجأة كانت إعلان تضخم هائل في موازنة البنك المركزي الأوروبي؛ إذ ارتفعت بنسبة 38 في المئة قبل إطلاق ثاني عمليات إعادة التمويل طويل الأمد (LTRO-2) الراهنة. وهكذا فإن جزءاً كبيراً من انتعاش السوق يرجع إلى سياسات التسهيل والاعتقاد الثابت لدى صانعي القرار بأن كسب الوقت من خلال تخفيض أسعار الفائدة سيؤدي إلى تعافي الاقتصاد ذاتياً.
3 - وكان السبب الرئيس الثالث هو قدرة الشركات على تكييف عملياتها وأعمالها بشكل يواكب دورات النمو العالمي؛ إذ حققت الكثير من الشركات نجاحاً ممتازاً في هذا الصدد، أتاح لها تسجيل أرباح أعلى وعائدات أكبر.
أما السببان الثانويان فهما:
1- أن مؤشر داو جونز أقل اعتماداً على العوامل المالية بالمقارنة مع مؤشر S&P-500. 2 - أن مؤشر داو جونز مؤلف من أسهم 30 شركة فقط، وتشمل الأسهم القيادية فيه شركات كبرى مثل آي بي إم وإنتل ومايكروسوفت، فضلاً عن ماكدونالدز وشركة متاجر التجزئة وول مارت؛ وكلها شركات محافظة وحسنة الإدارة، وتشتهر بأنها حذرة جداً بطبيعتها. لذلك، وعموماً، فإن هذا المزيج من أسهم شركات تقنية المعلومات وأسهم الشركات المحافظة كثيراً ما يستخدم لتبرير تفوق أداء مؤشر داو جونز بالمقارنة مع مؤشرات الأسهم الأكثر عمومية.
لكن النقطة الأساسية في كل هذا النقاش هي: ما مدى واقعية وصحة نظرية خفض مستوى الفائدة لتحريك عملية التعافي الاقتصادي الذاتي؟
في الحقيقة، هذا لا يحدث على أرض الواقع، وهو ما نراه بشكل واضح عندما ننظر إلى تطورات نسب البطالة والعجز المالي.
ستين ياكوبسن
كبير الخبراء الاقتصاديين لدى ساكسو بنك
العدد 3464 - الخميس 01 مارس 2012م الموافق 08 ربيع الثاني 1433هـ