العدد 3469 - الثلثاء 06 مارس 2012م الموافق 13 ربيع الثاني 1433هـ

تناقضات من الربيع العربي

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هناك تناقضات ملتوية كثيرة ومتنوعة، و تحليلات متناقضة في موضوع الثورات العربية، تشمل: رؤى الأنظمة الحاكمة، والدول الاستعمارية والغربية، والمنظمات الدولية، والسياسيين العرب والأجانب، والقنوات الفضائية - كتاباً ومحللين سياسيين - ومنهم المثقفون المحليون أيضاً.

تنظير الفئة الأخيرة منهم، الذي يبحر بنا في لجج البحر السياسي المتناقض في مجال تحليل الثورات العربية، خصوصاً من جهة تناقضاتها المتوازية مع تحليلات الدول الإمبريالية أيضاً، التي تصب في خدمة مصالحها من جهة، ومع الأنظمة المتحالفة معها من جهة ثانية.

التناقض الواضح وصل حتى إلى رجال الدين، الذين من المفترض عليهم الالتزام الحرفي بمبادئ الدين، ولا تأخذهم في الحق لومة لائم. لذا بدأت الناس لا تعيرهم اهتماماً بسبب تملصهم من مبادئ الدين وتطبيقاته، عندما يسلكون طريق تبرير الظلم في بلد، والدعوة لمناهضته في بلد آخر.

عندما تتابع قضية سياسية على قناة فضائية عربية تصيبك الدهشة من فرط التناقضات، وسياسة «الكيل بمكيالين» حتى تصل إلى حالة القرف لما تزدحم به من تناقضات تظهر عدم الصدقية، وقلب الحقائق عندما يسوقون تبريرات غير حقيقية وغير منطقية ما يجعلهم عرضة للاستهزاء من قبل المشاهد العربي.

المطلوب موضوعياً، وقف التلاعب بعقول المشاهدين العرب، فالمطالب الديمقراطية والحرية والعدالة هي مطالب الناس في سورية وليبيا كما في اليمن ومصر وتونس ودول الخليج، والظلم لا يتجزأ أينما يقع.

هناك أجهزة إعلامية في هذا العصر، صحفاً وفضائيات، تتهم المطالب السياسية المحقة في بلد ما بالطائفية، بينما تستضيف محللين سياسيين يدعون صراحة إلى قلب نظام عربي آخر.

هناك أنظمة ممثلة في الجامعة العربية تتدخل مباشرة في شئون بعض الدول، ولا تقبل أحد التطرق إلى مشاكلها الداخلية، بينما إذا كان بيتك من الزجاج فلا تقذف الآخرين بالحجارة كما يقول المثل العربي. وهناك أنظمة عربية تطالب بالديمقراطية في بلد آخر، وهي ليس لها أساسيات تكوينها، فنظامها شمولي، بلا أحزاب ولا حرية صحافة ولا مؤسسات مجتمع مدني.

الملفت في الأمر أيضاً، بأن النظام الدولي المتمثل في الأمم المتحدة أشد وطأةً، وتصاريحه غير المنسجمة من الدول الإمبريالية والغربية، التي تغض الطرف عن تلك الأنظمة الشمولية وتضغط على بعض الأنظمة التي لا تتماشى مع سياستها، أو تلك التي تهدد الدولة المدللة في العالم «إسرائيل». فتراها تدافع عن الشعوب في منطقة ما وتتغافل عن أخرى.

هذه الدول الكبرى ليس لها صديق دائم، والأمثلة كثيرة في العصر الحديث بعد تخليها عن رؤساء الحكم في مصر واليمن بعد تصدع وتهاوي أنظمتهم.

لسنا بصدد تبرير أي نظام غير ديمقراطي مهما هدد وتوعد الكيان الغاصب، فالمهم لدينا المشاركة الشعبية في صنع القرار الذي ثارت من أجله الشعوب العربية في زمن الربيع العربي، لكن من المحزن حقاً أن نفتت الأنظمة العربية والإسلامية التي قد تحفظ جزءاً من هيبتنا وقوميتنا ومقاومتنا العربية، لمصالحنا الذاتية، أو وفقاً لسياسات غربية معلومة تملى علينا كأمة. كل هذا حصل إثر تخاذل الأنظمة الأخرى، والمفكرين والأدباء والمحللين الاستراتيجيين المستفيدين من الأوضاع الحالية

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3469 - الثلثاء 06 مارس 2012م الموافق 13 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:59 ص

      إحم إحم ماما أمريكا

      الأمم المتحدة يفترض أن يتغير إسمها دار الإفتاء الأممية
      وأمها أمريكا التي توقع وتبرر هذه الفتاوى وبالطبع سيتم العمل بها دون أي معارضة و من المحزن حقاً أن الأنظمة العربية والإسلامية التي من المفترض أن تحفظ هيبتنا وقوميتنا ومقاومتنا العربية، ألا أنها لن تتوانى في نصرة الأم لتنفذ الوصايا والفتاوى الأمريكية

    • زائر 1 | 1:06 ص

      عشت يا دكتور

      تشرفنا بمقالاتك المتنوعة، وسنفخر بك في سترة الابية.

      ستراوي

اقرأ ايضاً