العدد 347 - الإثنين 18 أغسطس 2003م الموافق 19 جمادى الآخرة 1424هـ

تعقيب على ردّ عبدالله العباسي

حسين علي الحداد comments [at] alwasatnews.com

في البداية أود أن اشكر الكاتب عبدالله العباسي على رده، الذي استقى معلومات لم أصرح بها في مقالي، ونسب إليّ ما لم اقله، متناسيا الحقائق السياسية التي كانت تجري على أرض الواقع. فأنا لم أدّعِ أن النظام الاسلامي القائم في إيران هو نظام عميل لاميركا أو متعامل مع «إسرائيل»، إلا أن أحد أكبر اسقاطات الكاتب هو تجاهله الحقبة السياسية التي نوهت بها في تلك الفترة، فلم ينكر الكاتب أن إيران كانت تحوي قواعد أميركية في أيام الشاه، والتي لم تكن متمركزة هناك حبا في التعاون العسكري مع ايران ولكن لكي تكون قريبة من الاتحاد السوفياتي فيمكنها من مهاجمته وهي في مأمن لبعدها آلاف الأميال عنها، ما كان سيجعل أي حرب سوفياتية أميركية غير متكافئة الأطراف. لذلك استثمر السوفيات وقتهم في تطوير الصواريخ ذات الدفع البعيد، لتحدث مفاجأة للأميركان أن يروا غاغارين محلقا فوق أجواء الأرض (وليس الهبوط على القمر كما ادعى الكاتب) معلنا نحن سنصل إلى العدو أينما كان.

ومن تلك اللحظات أرسل الاميركيون أول صواريخهم إلى الفضاء، وأعلنت الحرب الباردة قيامها، فكل معسكر واقف على أهبة الاستعداد ليطور أسلحته.

وتكون ما كان يسمى بموازنة الرعب، فلم تعد القنابل النووية موجودة لدى الاميركان وحدهم بل هاهم السوفيات يملكونها، ويقدرون أن يوصلوها إلى قلب واشنطن أو نيويورك.

ومن هنا بدأ الإنهاك في الصراعات، فما فيتنام الا محاولة سوفياتية لاستنزاف القوة الاميركية. وفهمت أميركا الدرس، وانسحبت على أرتال من الجثث فاقت خمسين ألفا، وعندما ارتمت افغانستان في حضن الديكتاتورية الماركسية لم يستطع السوفيات استخدم الأسلحة المتطورة في ضرب الأفغان، لا لإيمانهم بحق الإنسانية في الحياة، ولكن لأن استخدام اسلحة الدمار الشامل غير مستساغ في المجتمع الدولي.

ومع كل ما ذكرت من حقائق في مقالي السابق، اختار منها الأخ العباسي ما رآه مستساغا في نظره ليختلق منحى لم أتطرق اليه، ناعتا إياي بالشوفينية، ومدعيا أني نسبته إلى ايران كانتماء عرقي، وفي حين أني لم افعل ذلك قط، سأشرح هنا ما استعصى فهمه من إتياني بذكر (ذيول حزب تودة الايراني) فبتلك الاقتباسة التي اقتبستها منه هو حقيقة، لم أكن اعنيه هو بمفرده، بل كانت لكل الشيوعيين الموجودين حاليا، فلا شيء خير من تعبير الذيول لمفكرين مازالوا يؤمنون بنظام أثبت فشله في بلاد حكمها بالحديد والنار، ولم تقم له قائمة إلا شتاتا في أصقاع الأرض، كما النظام الكوري الشمالي أو حتى جمهورية كاسترو الذي ادعى الكاتب قبل أيام فشل الأميركان في اغتياله لأكثر من 300 مرة.

ولن أنتظر العباسي يرد على أسئلة طرحتها عليه من قبل، فرومانيا الشيوعية عانت الأمرين تحت وطأة دكتاتورها تشاوشيسكو، إذ انه في أواخر سني حكمه لم يستطع أن يوفر الطاقة الكهربائية أو التدفئة إلى مناطق رومانيا المختلفة، في حين القصر الذي كان يبنى في بوخارست لايزال يستنفذ أموال الدولة، ولن أصف القصر بأكثر من أنه احتاج إلى عشر سنين من العمل الدؤوب لإنهائه، فمساحته الخيالية وضعته في مصاف القصور العالمية.

ولن أتكلم بإسهاب عن مآسي الشعب الروماني ففي العامين اللذين قضيتهما هناك سمعت منهم ما لو سمعه العباسي لعرف لِمَ ثارت الشعوب الواقعة تحت النظام الاشتراكي.

ومع كل ما ذكرت في مقالي السابق، لم يرد الكاتب على الألاعيب السياسية العالمية التي كانت بين جذب وشدّ بين اكبر سياستين في العالم آنذاك.

وليت الكاتب شرح لي لماذا أراد (كاو تسكي) أن تجمد الفلسفات عند الفلسفة الماركسية، وليت العباسي يقف قليلا فيريني اين هي ديمقراطية الاشتراكية في حين ان ماركسية لينين أسست للعمل الثوري باعتباره ضرورة مستمرة، وهل يستطيع الكاتب أن ينكر أن أداة الانتقال بين الرأسمالية والاشتراكية هي دكتاتورية البروليتاريا، التي أعطاها لينين أشكالا متغيرة ومددا متفاوتة، فأين هي ديمقراطية الشيوعية؟

ليت الكاتب يكشف لي عن عصمة الحزب الستاليني وكيف أن الحزب لا يقبل النقد وكيف ان الناقد هو خائن.

أرجو ألا أبقى في نظر الكاتب وكأنني خضت بحرا لا أعرف العوم فيه.

وللإجابة عن الأسئلة التي طرحها الكاتب في آخر مقاله أقول له إن الإسلام ساوى بين شعوب الأرض، فأصبحت الأفضلية تقاس بالتقوى لا بجنس أو انتماء عرقي، وليسمح لي الكاتب في آخر المقال أن الفت نظره إلى خطأ فادح وقع فيه، فروافد لم تكن ذات لون مميز لأن مقالي كان فيها، بل كانت كذلك يوميا، فليتك لاحظتها قبل ان تعمل قلمك مدعيا على الصحيفة التمييز بين المقالات

العدد 347 - الإثنين 18 أغسطس 2003م الموافق 19 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً