حذر وزراء الخارجية الأوروبيون أمس الجمعة (9 مارس/ آذار 2012) من تداعيات أيِّ تدخُّل عسكريٍّ في سورية، معتبرين أنّ تدخلاً من هذا النوع يمكن أن يشعل «حريقاً واسع النطاق».
وقال وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي لدى وصوله للمشاركة في اجتماع غير رسمي لوزراء الخارجية الأوروبيين يُعقد في كوبنهاغن، إنّ أيَّ نقاش حول تدخل عسكري محتمل في سورية «لن يكون بنّاءً».
وأضاف الوزير الألماني «لا بد من تجنُّب حريق واسع النطاق تكون له تداعيات كارثيّة على المنطقة وعلى الناس والعالم».
وكان المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية بشأن الملف السوري كوفي عنان ندّد بأيّة مبادرة لتسليح المتمردين السوريين، محذراً من المزيد من العسكرة في سورية التي ستؤدي إلى تفاقم الوضع في هذا البلد، وهو ما تراه أيضاً الولايات المتحدة.
دمشق - أ ف ب
قُتل 32 مدنياً برصاص القوات السورية في أنحاء مختلفة من سورية، فيما خرج عشرات الآلاف المتظاهرين في أنحاء عدة من البلاد في «جمعة الوفاء للثورة الكردية» عشية وصول مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى دمشق كوفي عنان لبحث الأزمة السورية.
ويأتي ذلك فيما أكدت مسئولة العمليات الإنسانية للأمم المتحدة فاليري آموس أمس الجمعة (9 مارس/ آذار 2012) في أنقرة أنها توصلت إلى اتفاق مع النظام السوري على تشكيل «بعثة تقييم إنسانية أولية» في مناطق النزاع في سورية.
وقالت آموس لدى عودتها من زيارة لسورية: «توصلنا إلى اتفاق على تشكيل بعثة تقييم إنسانية أولية مشتركة في المناطق التي يحتاج سكانها إلى مساعدة عاجلة»، موضحة أن هذه البعثة ستضم وكالات أممية وممثلين للسلطات السورية.
ويأتي ذلك فيما انشق عن الجيش السوري عشرة من كبار الضباط منهم أربعة عمداء وعقيدان، وصلوا إلى تركيا، بحسب وكالة أنباء الأناضول التركية، غداة إعلان معاون وزير النفط السوري عبده حسام الدين انشقاقه عن النظام السوري.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 32 مدنياً سقطوا أمس بنيران القوات النظامية في عدد من المناطق السورية.
وبالتزامن مع ذلك، تظاهر عشرات الآلاف في مناطق عدة في سورية أمس ولاسيما في مدينة حلب وريفها، في ما أطلق عليه اسم «جمعة الوفاء للانتفاضة الكردية».
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في اتصال مع وكالة «فرانس برس» إن «عشرات الآلاف من المتظاهرين خرجوا أمس في تظاهرات معارضة في عدد من المناطق السورية في محافظات درعا ودمشق وريف دمشق وحمص وحماة وإدلب وحلب واللاذقية ودير الزور والحسكة».
وقال المتحدث باسم اتحاد تنسيقيات حلب محمد الحلبي لوكالة «فرانس برس» إن المدينة تشهد «التظاهرات الأكبر منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية» في منتصف مارس الماضي. وأضاف «خرج آلاف المتظاهرين في 25 نقطة تظاهر في المدينة، ولاسيما في أحياء المرجة والفردوس وصلاح الدين وسيف الدولة، إضافة إلى 47 نقطة تظاهر في ريف حلب (...) رغم الانتشار الأمني الكثيف».
وأظهرت صور بثها ناشطون على الانترنت تظاهرة حاشدة في داعل رُفعت فيها شعارات «حوران الأبيّة ستبقى وفيّة للثورة الكرديّة» و «السوريون يرفعون ملفهم إلى محكمة العدل الإلهي لأخذ حقهم ممن خذلهم». وفي حمص (وسط) أفاد نضال عضو الهيئة العامة للثورة السورية في اتصال مع «فرانس برس» بأنّ «آلاف المتظاهرين خرجوا في أحياء عدة في مدينة حمص رغم القصف الذي استؤنف على مناطق عدة في المدينة بعد توقفه منذ عملية بابا عمرو» الأسبوع الماضي.
وأظهرت مقاطع بثها ناشطون على الانترنت تظاهرة حاشدة في حي القصور في حمص رفع فيها شعار «التآخي الوطني خيار الشعب السوري» و «في سورية لا يوجد أقليات (...) وحدة تراب الوطن تجمعنا» وردّد المشاركون فيها هتافات معارضة للرئيس بشار الأسد، وهتفوا فيها «حرية» باللغتين العربية والكردية.
وفي دمشق، خرجت تظاهرات في أحياء «الميدان والمزة وكفرسوسة وجوبر وتظاهرتان حاشدتان في برزة وعسالي رغم الانتشار الأمني الكثيف»، بحسب ما أفاد المتحدث باسم اتحاد تنسيقيات دمشق وريفها محمد الشامي.
وفي ريف دمشق قال الشامي إن تظاهرات خرجت في «القارة والقطيفة والهامة وقدسيا والكسوة»، مشيراً إلى «انسحاب القوات النظامية من منطقة الضمير ووصول تعزيزات إلى محيطها تمهيداً لاقتحامها مجدداً». كما خرجت تظاهرات في «مناطق مرتفعة لم يسيطر عليها الجيش في مدينة الزبداني، وفي داريا والتل». وفي الحسكة (شمال شرق)، رفع متظاهرون أعلاماً سورية وكردية مرددين هتافات منددة بالرئيس الأسد، بحسب ما أظهرت مقاطع بثت على الانترنت. وأظهرت صور بثتها «شبكة شام الإخبارية» المعارضة صوراً لتظاهرات حاشدة في إدلب رفع فيها المتظاهرون شعارات معارضة للنظام ومتضامنة مع مدينة حمص.
وفي اللاذقية (غرب)، رفع متظاهرون «علم الثورة» ورددوا شعارات «حرية للأبد غصب عنك يا أسد»، بحسب ما أظهر تسجيل على الانترنت.
يأتي ذلك غداة دعوة وجّهها موفد للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سورية كوفي عنان إلى «المعارضة السورية إلى أن تأتي (بجميع أطيافها) لتعمل معنا من أجل البحث عن حل يحقق طموحات الشعب السوري».
واعتبر عنان في تصريحات أدلى بها خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أنّ «مزيداً من التسلح في سورية يزيد الوضع سوءاً».
وتأتي زيارة عنان للقاهرة قبل يومين من اجتماع يكتسب أهمية كبيرة بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظرائه العرب اليوم (السبت) في العاصمة المصرية. وتتبنى موسكو موقفاً مدافعاً عن النظام السوري وقد استخدمت حق النقص (الفيتو) مرتين خلال الشهور الأخيرة في مجلس الأمن الدولي لمنع اتخاذ قرارات تدين النظام السوري.
وأكدت روسيا تمسكها بموقفها من الأزمة السورية بالرغم من الضغوط الغربية والعربية التي تطالبها بمزيد من الحزم إزاء حليفها السوري. وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أمس أن بلاده تعارض مشروع القرار الجديد الذي طرحته واشنطن في مجلس الأمن الدولي بشأن سورية لأنه «غير متوازن» كونه لم يتضمن نداء إلى طرفي النزاع، أي الحكومة والمعارضة، لوقف العنف.
كما أعلنت الصين عن إرسال مبعوث جديد إلى كلٍّ من السعودية ومصر وفرنسا لشرح الموقف الصيني بشأن الأزمة السورية وذلك بعدما واجهت انتقادات شديدة بسبب دعمها لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وأبدت بكين استعدادها لإرسال مساعدة إنسانية تحت إشراف الأمم المتحدة أو منظمة «حيادية» بشرط أن يتم الحفاظ على السيادة السورية. وأكد المتحدث الصيني أمس أن بكين «تدعم الدور البنّاء» الذي يقوم به مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سورية كوفي عنان والذي سيصل دمشق اليوم (السبت)
العدد 3472 - الجمعة 09 مارس 2012م الموافق 16 ربيع الثاني 1433هـ